أثريت المدونة الأدبية إجمالا والنقدية خاصة، بكتاب نقدي جديد للأديبة التونسية منية قارة بيبان بعنوان «مغامرة الكتابة في مغامرة رأس المملوك جابر» لسعد اللّه ونّوس، وقد صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب في شهر فيفري 2009 عن دار الطليعة للنشر ضمن سلسلة عيون وهو كتاب من الحجم المتوسط يقع في 168 صفحة من جيد الطباعة. وقد ورد التعريف بالأديبة منية قارة بيبان بالكتاب، فهي متحصلة على الأستاذية في اللغة والآداب والحضارة العربية وتشغل حاليا خطة متفقدة أولى للمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية، وقد نشرت عددا من البحوث في النقد الروائي بمجلات الحياة الثقافية والمسار والنشرة التربوية، وشاركت في تأليف كتب مدرسية للتعليم الثانوي ولها مشاركات في عدد من البحوث التربوية والبيداغوجية. ويتضمن الكتاب 3 أبواب وهي: 1 - المدخل: ويشتمل على 3 عناوين فرعية هي المسرح العربي: البدايات، وسعد اللّه ونّوس والتجربة المسرحية وكتابة المغامرة: قراءة في العتبات. 2 - في البناءالفني في المسرحية وهو مركز الثقل في الكتاب وتضمّن 4 عناوين فرعية هي: البناء الخارجي، البنية العميقة في المغامرة والخطاب المسرحي الذي يتفرّع الى خطاب الركحيات وخطاب الحكواتي وخطاب الشخصيات ثم الفضاء في المسرحية. 3 - في المرجعيات والدلالات: ويضم 4 فصول هي: بين التراجيديا البراشتية، مسرح التسييس: الوعي الجاهز/بناء الوعي، استلهام التراث: بين التأصيل والمعاصرة، صورة الإنسان العربي: الانتصار/الهزيمة. ويختتم الكتاب بثبت بالمصادر والمراجع. وقد استهلت المؤلفة الكتاب بتوطئة كشفت من خلالها عن اختيار عبارة «مغامرة الكتابة» عنوانا للكتاب في قولها «تلك مغامرتنا التي نروم أن تسهم في الكشف عن بعض وجوه التميز في مسرحية سعد اللّه ونّوس» وهي مغامرة فعلا، تبرر الاقرار بها قلة الدراسات المتعلقة بالنص المسرحي كما تشير اليه المؤلفة في قولها: «كثيرا ما يواجه النص المسرحي في مستوى القراءة وفي مستوى الدراسات بضرب من العزوف والاعراض لأسباب عديدة لعل أهمها عدم امتلاك مفاتيح القراءة وغياب أدوات التحليل الملائمة، وهو تخوف مشروع يبرره أيضا قيام النص المسرحي على مجموعة من المفارقات بعضها مداره ثنائية النص/العرض، وبعضها الآخر مجاله ازدواجية التلفظ وكثافة العلامات». هي إذن مغامرة الكتابة التي دفعت بالمؤلفة منية قارة بيبان إلى ولوج عالم سعد اللّه ونّوس للكشف عن «مغامرة رأس المملوك جابر» أو ذلك «الجد الذي آلت إليه اللعبة والمغامرة» تقول المولفة عن مسرحية سعد اللّه ونوس «هي المغامرة يصوغها وينسج خيوطها كاتب مبدع يولد الحكاية من الحكاية والمسرح من المسرح... هاجسه أن يرصد في ما يبدع اشكاليات الراهن قراءة للواقع واستشرافا للآتي وبحثا عن فاعلية أكبر للمسرح». وفي الحقيقة فإن قراءة المولفة منية قارة بيبان للنص المسرحي لسعد اللّه ونّوس لم تقف عند حدود الكتاب، ومغامرتها لم تكتف بالإطار الذي دارت فيه أحداث مغامرة رأس المملوك جابر، بل تجاوزت كل ذلك إلى فضاء أرحب هو فضاء المسرح العربي في علاقته بالوافد الغربي، وتوظيف التراث الشرقي في تناول قضايا الراهن، والتوسع في الحديث عن المسرح حديثا نقديا شافيا ووافيا يجعل من هذا الكتاب مرجعا قيما في هذا المجال فضلا عن القراءة أو في الحقيقة القراءات المعمقة لكتاب سعد اللّه ونّوس، والتي سيكتشف قارئ كتاب منية قارة بيبان من خلالها مختلف الأبعاد والدلالات التي ترمز اليها شخصيات مسرحية، في منهج صارم ودقيق فرضته المؤلفة على نفسها والتزمت به الى النهاية مما يجعل الكتاب في النهاية أثرا نقديا متميزا.