تعيش الساحة المسرحية بتونس هذه الايام حالة استنفار قصوى إذا جاز لنا اقتباس المصطلح والسبب الحرص على إكساء الاحتفال بمائوية المسرح التونسي الذي ينطلق مساء الثلاثاء 26 ماي الجاري بذلك الطابع الذي يجعله يتصدر طليعة الاحداث الثقافية. وقد أعدت لجنة خاصة تم بعثها للغرض في إطار وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وبرئاسة محمد المديوني برنامج الاحتفال بمائوية المسرح التونسي. برنامج الاحتفال يتضمن بالخصوص" ليلة المسرح التونسي " التي تنتظم بالعاصمة بين الشارع الرئيسي الحبيب بورقيبة ومسرح مدينة تونس ويتم خلالها بالخصوص عرض المسرحية الاولى التي ينطلق منها للتأريخ للمسرح التونسي إذ صادف وأن صعد الممثلون التونسيون لاول مرة على الركح يوم 26 ماي منذ قرن كامل للمشاركة في عمل مسرحي إلى جانب المصريين يحمل عنوان " صدق الاخاء " عن نص لاسماعيل عاصم. المسرحية تعرض على ركح مسرح مدينة تونس طبعا بعد أن وقعت صياغتها بشكل جديد وبفريق تمثيلي وتقني جديد باشراف المخرج غازي زغباني قبل أن تقوم بجولة داخل البلاد. ويشتمل البرنامج على مجموعة من الفقرات تتراوح بين عروض مسرحية ومعارض وندوات وطنية ودولية تتوزع بين العاصمة ومختلف مناطق الجمهورية. السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث أعلن بنفسه عن برنامج الاحتفال بالحدث الذي يأتي تنظيمه بإذن من رئيس الدولة حسب توضيحه. كان ذلك خلال اللقاء الدوري مع وسائل الاعلام الذي انتظم أمس صباحا بمقر الوزارة متوقفا مطولا عند قيمة الحركة المسرحية في بلادنا ومستعملا مختلف عبارات الثناء على جهود المسرحيين سواء من الرواد أو من مختلف الاجيال التي تعاقبت طوال قرن من الزمن في العمل بالفن الرابع. لقد استطاعوا حسب وصفه خلق حركة مسرحية هي عبارة عن محرك أساسي من محركات الحداثة في بلادنا. المسرح في تونس حسب الوزير يواكب مشاغل الناس والمجتمع بعد أن ساهم في تنمية الوعي الوطني ويواصل دوره في إذكاء مشاعر المواطنة منذ بناء الدولة الحديثة إلى اليوم. الجوائز بداية من عام 2010 الاحتفال بمائوية المسرح يبدو أنه لن يكون مناسبة فقط للاعتراف بجهود المسرحيين فهو على مايبدو يحمل مفاجأة هي على الارجح سارة بالنسبة لابناء الفن الرابع ببلادنا. فإن كانت ليلة المسرح التونسي التي أعلن وزير الثقافة أنها ستتحول إلى تقليد سنوي، لان كانت ستقتصر هذا العام على تكريم الفرق المسرحية بتونس التي لها سنوات من "النضال" على الساحة فإن هذه الليلة ستصبح عبارة عن مهرجان لتكريم المسرحيين من خلال منح جوائز تتوج مجهودات الافضل من بينهم في مختلف الاختصاصات المسرحية على امتداد موسم كامل. وقد عهد حسب ما أكده السيد عبد الرؤوف الباسطي إلى لجنة لتصور الصيغ اللازمة لتكون ليلة المسرح التونسي بداية من سنة 2010 ليلة مقننة ومنظمة على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول التي تهتم بتكريم المسرحيين. لم يتحدد شكل التكريم بشكل نهائي في تونس لكن الوزير يبشر أهل المسرح بأن ليلة المسرح التونسي لن تكون مختلفة عن بعض التجارب الهامة في الاحتفاء بالمسرحيين على غرار ما هو معروف في فرنسا مثلا "بجوائز الموليار". يشتمل برنامج الاحتفال بليلة المسرح الاولى إذن على حوالي 44 عرضا مسرحيا تعرض في العاصمة وداخل الجمهورية من بينها نصيب خاص بالاطفال وتشارك في هذه الاحتفالية الفرق المحترفة وفرق مسرح الهواة كما تتميز ببرمجة نسبة من هذه العروض بالشارع. تنطلق العروض بالشارع الرئيسي بالعاصمة مثلا بداية من السادسة والنصف مساء ليفسح المجال فيما بعد للعرض المسرحي المذكور بالمسرح البلدي يليه بث شريط وجوه من المسرح التونسي لخالد البرصاوي ثم تكريم الفرق المسرحية لتختتم بما تمت تسميته بتدخلات مسرحية تتواصل الاحتفالية خارج المسرح البلدي. وكان وزير الثقافة قد وصف في بداية لقائه الدوري الجديد بالاعلاميين أن اللقاء الاخير يكتسي أهمية خاصة لانه يتحدث فيه عما أسماه بسنة مسرحية متميزة. تشهد سنة 2009 كما هو معلوم تنظيم دورة جديدة لايام قرطاج المسرحية ومن المنتظر أن يقع استغلال هذا الحدث لتنظيم فقرات في إطار الاحتفال بمائوية المسرح التونسي. ومن أبرز هذه الفقرات ندوتان الاولى بعنوان مائوية المسرح التونسي في عيون العرب والافارقة والثانية "المائوية الثانية للمسرح التونسي". أعلن الوزير كذلك عن إعادة دعوة اللجنة المشرفة على الاستشارة الوطنية حول المسرح التي انتظمت العام الفارط للعمل مجددا لتحديد آليات تنفيذية للمقترحات التي توصلت إليها. إرث قرطاج في اليابان بعيدا عن الفن الرابع تحدث الوزير عن مختلف التظاهرات التي شهدتها القيروان عاصمة الثقافة الاسلامية منذ افتتاح الاحتفالات معلنا أن عاصمة الاغالبة تعيش قريبا حدثا ثقافيا هاما يتمثل في ندوة دولية حول حوار الحضارات والتنوع الثقافي التي يقع تنظيمها مع المنظمة العالمية للفرنكفونية والمنظمة الاسلامية "الايسيسكو". على مستوى الوجود التونسي بالخارج تجدر الاشارة إلى أن بلادنا تنظم معرضا باليابان يحمل عنوان "إرث قرطاج". يحوي المعرض الذي ينطلق بداية من 12 جوان القادم حوالي 159 قطعة بين فسيفساء ومصوغ وتماثيل ترمز لتاريخ قرطاج وشدد الوزير على أهمية الحدث الذي وصفه بأنه وبالاضافة إلى التعريف بثقافة تونس العريقة فرصة للتشجيع على السياحة الثقافية ببلادنا. المعرض الذي ينظم بالتعاون مع مؤسسة يابانية وصفها الوزير بأنها مؤسسة كبرى وهي مختصة في تنظيم المعارض والانتاج السينمائي وتمتلك مجموعة من وسائل الاعلام، من المنتظر أن يتنقل بين 10 مدن يابانية من بينها العاصمة طوكيو. وعن سؤال توجهنا به عن تقدم أشغال مدينة الثقافة بتونس أوضح الوزير أن خطوات هامة قطعت على مستوى اعداد البرمجة و" اقتناص " الكفاءات الفنية في مختلف الاختصاصات الثقافية التي ينتظر أن توفرها مدينة الثقافة ويتولى كما هو معروف السيد محمد زين العابدين الاشراف على الوحدة المختصة في اعداد البرمجة بالخصوص. ووعد الوزير بتقديم الجديد في إبانه حول تقدم المشروع الذي يعتبر حاليا من بين الانجازات التي ينتظرها أهل الثقافة في تونس بحماس كبير والتي من شأنها أن تغير خارطة العمل الثقافي في البلاد وفق ما يأمله أهل الاختصاص.