"كوني جميلة وصوتي" "السما زرقا" "حفلات زجل" شعارات ولافتات واعلانات دعائية اختلفت في الوانها وخطابها ولكنها اشتركت في هدفها المطلوب وهو دفع الناخبين اللبنانيين من مختلف الانتماءات السياسية والعقائدية للتوجه الى صناديق الاقتراع وتحديد خيارهم في واحدة من الانتخابات البرلمانية اللبنانية لا الاكثر تشويقا وغموضا فحسب ولكن ايضا الاكثر اثارة للجدل في الداخل كما في الخارج امام تقارب فرص قوى 14 آذار الممثلة بالاكثرية الحالية والتي تحظى بدعم الغرب وما يسمى بالدول العربية المعتدلة وبين قوى 8 آذار المتنافسة وابرز اطرافها حزب الله الذي يحظى بدعم سوري وايراني بما يجعل كل الاعين المراقبة سواء كانت قريبة من المنطقة او بعيدة عنها في حالة ترقب واستنفار قد تفوق حالة الانتظاروالرصد الداخلي لما يمكن ان يتمخض عنه المشهد اللبناني مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات المرتقبة يوم غد الاحد... واذا كانت عين اسرائيل تتطلع ليس من دون توجس الى التحالفات اللبنانية المحتملة امام تواتر التوقعات بشان امكانية فوز حزب الله بفارق ضئيل في هذه الانتخابات فان الارجح ان واشنطن بدورها ستواصل رصد ما ستفرزه بطاقات الاقتراع في بلد الارز الذي لا يخلو من الحساسية في حسابات الادارة الامريكية... فلبنان الصغير بحجمه الجغرافي كان ولايزال كبيرا في موقعه الاستراتيجي ودوره في منطقة خاضعة لسيطرة وتنافس قوى اقليمية ودولية تحول بمقتضاها لبنان في اكثر من مرة الى حلبة مفتوحة لصراعات لا تنتهي... ولعل في محاولة نائب الرئيس الامريكي بايدن استباق الاحداث والظهور على الساحة اللبنانية في خضم الحملة الانتخابية ما يحمل في طياته اكثر من رسالة لاكثر من طرف بل ان في تلك التصريحات التي اطلقها بايدن من لبنان بان المساعدات العسكرية لهذا البلد ستكون مرتبطة بشكل الحكومة المقبلة في لبنان ما يعد اصرارا على التدخل على خط لعبة الانتخابات اللبنانية التي ما انفكت واشنطن تدعوعلنا على ضرورة ان تكون شفافة ونزيهة وتسعى سرا الى عكس ذلك في محاولة غير خفية لتجنب تكرار تجربة حماس في الانتخابات الفلسطينية وما الت اليه لاحقا من تطورات خطيرة على الساحة الفلسطينية التي لم تتخلص بعد من تبعات اسقاط نتائج تلك الانتخابات التي شهد المراقبون الغربيون قبل غيرهم بنزاهتها... وكل ذلك طبعا لا يمكن ان يلغي باي حال من الاحوال توجه انظار طهران ودمشق وبقية العواصم العربية بما في ذلك تلك التي تصفها واشنطن بالمعتدلة الى نتائج الانتخابات اللبنانية ... اكثرمن عنصرمفاجئ قد يطرا على نتائج الانتخابات اللبنانية بعد تلك الادعاءات التي نشرتها صحيفة "دير شبيغل" الالمانية بشان تورط حزب الله في عملية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري والتي تزامنت بدورها مع مسلسل الكشف عن شبكات التجسس الاسرائيلية في لبنان والتي شكلت صفعة حادة ونكسة للعقل العسكري الاسرائيلي المتاهب دوما على الحدود اللبنانية تحسبا لموقع وقوة المقاومة اللبنانية التي كانت وراء دحر الاحتلال من الجنوب وكسر شوكة ما يسمى الجيش الذي لا يقهر... اليوم تنتهي اذن الحملة الانتخابية اللبنانية التي اعتبرت الاكثر تكلفة حتى في تاريخ لبنان والتي لم تخل بدورها من رائحة الفضائح والاستفزازات والحروب الكلامية بين المتنافسين وفي انتظار ما يمكن ان تسفر عنه الانتخابات اللبنانية من تحالفات جديدة يبقى الاكيد ان لبنان الصغير بمساحته كان ولا يزال كبيرا في حجم الدروس التي ما انفك يسجلها في مسيرته الديموقراطية وتجربته مع التعددية والانفتاح على كل الاطياف السياسية والدينية المتعايشة على ارضه والتي كانت ولا تزال حصنا لهذا البلد ومصدرا لقوته التي يستمدها لبنان من تلك الفسيفساء التي ترسم خارطته السياسية بكل توجهاتها وبكل تناقضاتها فلبنان الصغير يبقى كبيرا بحجم التجارب والدروس التي ما انفك يقدمها لنا...