القاتل ظلّ صامدا طيلة 4 أشهر وكاتما السرّ ثم انهار فجأة داخل مكتب التحقيق الأسبوعي- القسم القضائي: «يا قاتل الروح وين تروح» هذا المثل ينطبق على جريمة الحال التي شهدتها مدينة فريانة في شهر فيفري الفارط وانكشف سرّها منتصف الأسبوع الفارط إذ اختفى في شهر فيفري المنقضي شاب في الثامنة والعشرين من عمره يدعى نعيم ورغم عمليات البحث التي قام بها أفراد أسرته فإن مصيره ظل مجهولا وبقي الانتظار الممزوج بالحيرة سيد الموقف فلا أحد عرف طوال أشهر سر اختفاء الشاب الذي عرف بانطوائه على نفسه. ولكن في الآونة الأخيرة عثر على المفقود جثة متعفّنة في قاع بئر بأحواز المدينة فتولى أعوان مركز الأمن الوطني بفريانة في مرحلة أولى ومحققو فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بالقصرين في مرحلة ثانية وقاضي التحقيق بابتدائية القصرين في مرحلة ثالثة التحقيق في ملابسات الواقعة وبعد سلسلة من التحريات وسماع أقوال بعض الذين اعتاد الهالك مرافقتهم نجح المحققون في تحديد هوية القاتل وتسجيل اعترافاته وهكذا انكشفت حقيقة اختفاء وهلاك الشاب نعيم وإليكم كامل تفاصيل الواقعة: عرض المتهم على لجنة أطباء لتأكيد أو نفي تحمّله للمسؤولية الجزائية «قعدة» فجريمة كشفت المعطيات التي تحصلت عليها «الأسبوعي» أن الضحية عمل لفترة كعون بلدي ولكن إثر نهاية العقد الشغلي الذي يربطه ببلدية فريانة استغني عنه ليجد نفسه عاطلا عن العمل يصارع جحيم البطالة فخيّر الانطواء على نفسه والانزواء فليس له من الأصدقاء إلا ما قلّ وندر. ونظرا للحالة النفسية والاجتماعية الصعبة التي مرّ بها نعيم فقد اتفق في أحد أيام شهر فيفري المنقضي مع شاب دون العشرين من عمره على عقد جلسة خمرية فاقتنى أحدهما كمية من «الديليون» لعجزهما على اقتناء علب الجعة وبعض المواد الأخرى وتوجها إلى مكان بأطراف البلدة حيث تناولا تلك المادة الخطيرة. وفي أعقاب «القعدة» نشب خلاف بين الطرفين قام أثناءه النديم بالتقاط حجارة والاعتداء بواسطتها على نعيم فأصابه في الرأس ليفاجأ بصديقه طريح الأرض حينها خشي افتضاح أمره فجرّه نحو بئر مغطّى بشبكة وألقى به ثم سلك طريق العودة. اختفاء غامض ظلّ مصير نعيم غامضا ومجهولا... تعبت عائلته في البحث عنه... أشعرت السلط الأمنية ولكن دون جدوى وبعد أشهر من الاختفاء تفطّن أحد الأشخاص لانبعاث رائحة كريهة من بئر واقع بضيعة فلاحية بأطراف المنطقة فدفعه فضوله لاستجلاء الأمر ليفاجأ بوجود جثة بشرية متحلّلة فسارع بإشعار الجهات المعنية. جثة متعفّنة في بئر تحوّل أعوان مركز الأمن الوطني بفريانة على عين المكان وحضر أعوان الحماية المدنية وحاكم التحقيق وممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين... انتشلت الجثة التي كانت في حالة تحلّل وأودعت بقسم الطب الشرعي بالمستشفى الجهوي بالقصرين... تولى المحققون على مستوى شرطة الجهة البحث في القضية... استدعوا شخصا لسماع شهادته باعتباره حسب المعلومات التي توفرت لدى الأعوان آخر من التقى الضحية ولكن الشاهد أكد أن شخصا آخر التقى بعده الضحية وحدّد هويته... وأمام هذه المستجدات تعهّد محققو فرقة الشرطة العدلية بالقصرين بمواصلة التحريات غير أن الشاب المذكور الذي يرجّح -حسب ما يشاع- معاناته من مرض نفسي أنكر جملة وتفصيلا مسؤوليته عن مقتل نعيم. الحقيقة أحيل ملف القضية منتصف الأسبوع المنقضي على حاكم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالقصرين... كان الجميع في انتظار الحقيقة... حقيقة وفاة نعيم في ظل تعدّد الفرضيات وانعدام قرائن مادية قد تدين طرفا من الأطراف... وجاءت الحقيقة فعلا عندما انهار الشاهد في القضية أمام قلم التحقيق واعترف بمسؤوليته عن مقتل العامل البلدي (سابقا) في أعقاب جلسة تناولا أثناءها مادة «الديليون» الخطيرة. وحسب ما توفر من معلومات فإن القاتل أصرّ على أن نديمه استفزه عندما توجه نحوه بكلام مسيء لشخصه لذلك اعتدى عليه بحجارة وعندما أدرك أنه فارق الحياة ألقى به في البئر... هكذا إذن قادت حنكة المحققين سواء الشرطة من خلال جمع المعطيات والقرائن أو قلم التحقيق إلى كشف حقيقة مصرع الشاب نعيم علّ ذلك يخفّف من الوجع الذي سيطر على قلوب أفراد أسرته... ولكن السؤال المطروح هو: هل يتحمل المتهم المسؤولية الجزائية في ظل الحديث عن معاناته ربما عن مرض نفسي؟ لجنة الأطباء التي من المنتظر أن تكشف عن المتهم ستؤكد أو تنفي الحكاية. صابر المكشر للتعليق على هذا الموضوع: