تونس الصباح ينتظر أكثر من 50 ألف تلميذ شاركوا خلال الايام القليلة الماضية في مناظرة الدخول إلى المدارس الاعدادية النموذجية نتائج هذه المناظرة التي سيعلن عنها خلال اليومين القادمين. ولئن دخلت هذه المناظرة عامها الثالث في التقاليد التربوية التربوية التونسية، وأصبحت لها برامج تربوية ومدارس، وهي تعتبر نموذجا تربويا جديدا آخر على درب تطوير التعليم في تونس، وعلى وجه الخصوص الاهتمام بالنخبة، فإن هذه المدارس وإن كانت لاتزال تجربتها في البداية، فإنها تثير إشكالات عديدة، في المنظومة التربوية بشكل عام، وفي علاقة بالمسالك والمؤسسات الاخرى، وبين التلاميذ ذاتهم، والوسط الاجتماعي بشكل عام. فماذا عن نتائجها المرتقبة خلال هذه الدورة؟ هل يمكن إستيعاب كافة التلاميذ المتميزين من ذوي المعدلات العالية من طرف هذه المدارس التي يبقى عددها محدودا ولا يتجاوز 12 مدرسة موزعة على كافة أنحاء البلاد؟ هل تخضع هذه المدارس في قبولها للتلاميذ إلى نفس الشروط، وخاصة من حيث معدلاتهم؟ وماذا عن بقية الصعوبات التي تثيرها المدارس الاعدادية النموذجية في القطاع التربوي ولدى الوسط التربوي؟ وهل تعتزم الوزارة تعديل الاوتار بخصوص هذه المدارس، برامجها وانعكاساتها على التعليم الاعدادي بشكل عام؟ بعد تجربة سنتين للمناظرة ولدخول المدارس الاعدادية حيز النشاط، بات يعتقد عدد هام من الاولياء وأبنائهم التلاميذ أن النجاح بتفوق، ومعدل هام لا يسمح وحده للدخول إلى هذه المدارس ويضمن ذلك فحسب، بل أن المستوى في الجهة التي توجد بها المدرسة، وطاقة الاستيعاب المحددة فيها، يبقى لهما دور في دخول التلميذ المدرسة من عدمه. هذا الواقع أثار جدلا في الاوساط التربوية والاجتماعية بخصوص هذه المدارس والدخول إليها، خاصة أن وزارة التربية والتكوين لم تضع مقاييس موحدة في الدخول إلى هذه المدارس، بل جعلت النتائج الجهوية ومستوياتها هي التي تحدد مسألة قبول التلميذ بالمدرسة من عدمه. ويكفي أن نشير أن تلميذا متحصلا مثلا على معدل 14 أو 15 بجهة الكاف يمكن أن يلتحق بالمدرسة الاعدادية النموذجية بجهته، بينما يحرم من ذلك تلميذ آخر تحصل على معدل 16 وحتى 17 من الدخول إلى نظيرتها بجهة صفاقس أو سوسة أو صفاقس، وذلك نظرا إلى أن معدله ضعيف مقارنة بمستوى أقرانه في الجهة، وطاقة استيعاب المدرسة تحول أيضا دون قبوله؟؟ وبهذه الصفة يبقى عدد هام من صفوة التلاميذ ونجبائهم رغم مشاركتهم في المناظرة، وحصولهم على معدلات هامة، خارج هذه المدارس، وملحقين بالدارس الاساسية في التعليم العام، وهو أمر غريب يثير الجدل بين المربين والاولياء، ويخلق نوعا من الحرمان لدى عدد هام من التلاميذ في الجهات. حول النتائج المرتقبة هذا الواقع الذي يحيط بنتائج مناظرة الدخول الى المدارس الاعدادية النموذجية، والتكهن به حدثنا حوله بعض المربين على اعتبار أنهم الاقرب لهذا الوسط، والعارفين بتفاصيله. فقال السيد حامد.ب (مدير مدرسة): أعتقد أن النتائج المنتظرة لن تشذ عن واقع نتائج السنتين الماضيتين، وذلك لسبب بسيط ألا وهو أن النخبة من التلاميذ تبقى هي النخبة في كل جهة من جهات البلاد. ففي تونس الكبرى مثلا لن يكون هناك، ما من شأنه أن يغير المعادلات، خاصة وأن طاقة الاستيعاب تتحكم في الجميع، وأنه لم تبعث اعداديات نموذجية جديدة، لتطور عدد المقبولين في هذه المدارس. أما السيد سمير. ع (معلم) فقد قال: لا يمكن الجزم بالنتائج ومستوى المعدلات، خاصة على ضوء ما حصل خلال هذه المناظرة من إشكال بخصوص اختبار الرياضيات. وفي اعتقادي فإن المعدلات سوف تكون في نسبة هامة منها متقاربة على أساس أن ما يمكن أن يميز بين التلاميذ حسم فيه بشكل يرضي الجميع، ويقرب بين نتائجهم. آمنة. ج. (معلمة): أنا لا انتظر مفاجآت في نتائج هذه المناظرة، وحتى وإن حصل ذلك فربما يكون لعدد قليل جدا من التلاميذ، ولا يمكنه أن يؤثر على النتائج العامة. وفي اعتقادي أن معدلات هذه السنة في المناطرة لن تكون أهم من معدلات السنة الفارطة، بل بالعكس دونها. وهذا البعد قد سيكون في صالح التلاميذ عامة، وله انعكاسات ايجابية للذين سيواصلون دراستهم خارج الاعداديات النموذجية. 12 مدرسة اعدادية نموذجية غير كافية تم لحد هذه السنة بعث 12 مدرسة إعدادية نموذجية في كافة أنحاء البلاد، وهي موزعة كالاتي: تونس 1 (علي طراد) تونس 1 (البحيرة) أريانة (المنزه الخامس) بنزرت (بنزرتباجة) الكاف (الكافجندوبةسليانة باستثناء معتمدية الروحية) القصرين (القصرينسيدي بوزيدسليانة معتمدية الروحية) صفاقس (صفاقسسيدي بوزيد) المنستير (المنستير والمهدية) سوسة (سوسة والقيروان) قفصة (قفصةتوزرسيدي بوزيد) قابسمدنينقبلي (تطاوين) نابل (نابل وزغوان). توزيع المدارس الاعدادية النموذجية على جهات عديدة من البلاد يبرز في الحقيقة خطة السياسة التربوية المتوخاة والهادفة إلى تمكين تلاميذ الجهات من الانتفاع بها في شيء من المساواة تحت إطار لا مركزيتها، خاصة وأن إحداث هذه المدارس يرمي إلى ثقافة التميز وتحقيق الجودة في التعليم.. لكن يبدو أنه وبعد سنتين قد مرتا على التجربة، وفي مستوى المناظرة والمدارس ذاتها، فإن هناك جملة من الاشكاليات بدأت حول مسار هذه المدارس والاختيارات الخاصة بها، وهي تستدعي مراجعة برامجها وسيرها، وعلى وجه الخصوص ما تعلق بمقاييس الدخول إليها وضرورة توحيدها وطنيا. ففي باب أول تبرز مسألة محدودية عدد هذه المؤسسات، وكذلك عدم توفرها بكافة الجهات، وكذلك ضعف طاقة استيعابها. وقد لاحظنا من خلال ما تقدم أن الحصول على معدل عال لا يمثل ضمانة للتلميذ حتى يلتحق بمؤسسة تربوية نموذجية. كما أن هناك أيضا إشكالا آخر بات يشغل العديد من المهتمين بالشأن التربوي، ويثير أيضا جدلا في كواليس وزارة التربية والتكوين، يتمثل في مساهمة هذه المؤسسات التربوية النموذجية في إفراغ المؤسسات التربوية العادية من النخبة، وهو أمر يؤثر على مردودية تلك المؤسسات. وفي جانب آخر يتحدث مربون عن إشكال عام باتت تطرحه هذه المدارس، حيث يرون أن العديد من التلاميذ تشوبهم مخاوف من تضاؤل حظوظهم في الالتحاق بالمعاهد النموذجية رغم أنهم من النخبة؟ ويتساءلون متى سيتم إرساء تقاليد وأساليب يتساوى فيها التلاميذ في كل الجهات، وبشكل أرحب وأوسع لن تقود في النهاية إلى تضاؤل حظوظ بعضهم في الالتحاق بهذه المدارس رغم اجتهادهم ونتائجهم الباهرة.