تونس الصباح حبوب «تنفخ» العضلات، وتعطي مستعملها شعورا زائفا بالفخر بجسد مثالي، يقبل عليها بعض الشباب المولعين بكمال الاجسام معتبرينها الطريق الامثل والاسرع لعضلات مثالية.. لكن هذه الحبوب السحرية تخفي اخطارا مؤكدة قد تصل الى الموت. انخرط كريم في احدى قاعات كمال الاجسام كغيره من آلاف التونسيين الباحثين عن العضلات المثالية لكن بالنسبة له لا يكفي مجرد الانضمام لقاعة تدريب بل الاهم في هذا الطريق نحو جسم متكامل تلك الاقراص والمساحيق التي تعد للكثيرين مثل كريم مسلكهم حتى ينالوا مرادهم. لا يثنيهم في ذلك الغموض الكبير والشكوك المتزايدة التي تحيط بمثل هذه المستحضرات التي تملأ واجهات محلات الرياضة وتعرض في القاعات المخصصة لكمال الاجسام. يقول فتحي وهو مسؤول باحدى القاعات «ان الشباب هو الفئة الاكثر اقبالا على تناول هذه المستحضرات ويضيف انهم من كلا الجنسين فحتى الفتيات اصبحن مغرمات برياضة كمال الاجسام كما انهم يرغبون في تغيير اجسامهم في اسرع وقت فيختصرون الطريق عبر الاستعانة بما اصطلح على تسميته بروتين». ويذهب الدكتور عماد الرقيق (مختص في علم النفس) الى ان الاقبال على هذه الرياضة يعود الى ما يسمى «بمشكلة تحسين الجسد» التي تراود كثيرا من الشباب وينسحب ذلك على الفتيات منهم. وفي حين يتحمس شاب مثل كريم الى استعمال مثل هذه الاقراص باعتبارها طريقا سهلا نحو صقل الجسد فان المختصين في المعهد الوطني للتغذية يتحفظون على تسمية «بروتيين» بل يعتبرونها جملة من الحوامض او ما يسمى «بالحامض الحليبي». واغلب مستعملي هذه المستحضرات يجهلون طبيعة مكونات هذه المواد مثل نوفل الذي يشدد على انه «يريد الحصول على جسم متكامل باسرع وقت» فلجأ للبروتين. ورغم ان بعض المحلات تعرض هذه المواد بشكل علني وتستظهر بتراخيص في بيعها ويصرون على ان هذه المواد مراقبة من طرف مختصين الا ان عديد الصيادلة من بينهم السيد عادل بودبوس يشددون على ان هذه المستحضرات محظورة ولا يمكن بيعها اذ يؤكد الدكتور نور الدين عطية ذلك بقوله «ان الاطباء لا يعطون لمرضاهم وصفات تتضمن هذه البروتينات سواء كان ذلك مرخصا فيه او حتى في السوق الموازية». وزيادة على المحلات المختصة في الرياضة في الفضاءات التجارية الكبرى فان هذه «الأحماض» تباع بكثافة في مواقع اخرى ويذكر حاتم انه عندما اراد الحصول عليها اتبع سلسلة من المروجين اتضح في ما بعد ان هذه المواد قد جلبت من طرف من يسمون «بتجار الشنطة» وقد جلبت من مصر ولا دليل على مدى مطابقتها للشروط الصحية. «لا يغرك انتفاخ العضلات» يعرف فتحي ان صقل عضلات الجسم بشكل طبيعي يتطلب مدة تتجاوز السنة لكن تتقلص هذه المدة شيئا فشيئا مع تناول كل قرص من هذه المستحضرات. ويفسر اخصائي بالمعهد الوطني للتغذية ما يظهر في الجسم على اساس انه عضلات بالانتفاخ الراجع الى عسر قبول الجهاز الهضمي لهذه الاحماض سواء كانت معروضة بطريقة علنية او تباع في الاسواق الموازية. ويؤكد الدكتور نور الدين عطية ان استمرار استعمال هذه «البروتينات» يتسبب في بقاء حالة الانتفاخ وقد يتضاعف حجم العضلات مما يوحي بتحسن حالة الجسم لكن تنكشف «الخدعة» عند التوقف على استعمال هذه المستحضرات بحيث تترهل العضلات وتعود الى حالتها الطبيعية بعد زوال سبب انتفاخها وهو تلك الاحماض. لكن الخطير حسب الدكتور عطية لا يكمن في ترهل العضلات وانما في مواصلة استعمال «البروتيين» والذي يخلف انتفاخا في كل عضلات الجسم بما في ذلك القلب باعتباره عضلة ايضا وهو ما يتسبب في السكتة القلبية وهذا الامر كان سببا في انقطاع منير عن تناول مثل هذه المستحضرات بعدما تسببت في سكتة قلبية لاحد اصدقائه المقربين. هذه هي البروتينات التي يركض خلفها الشباب هي كالسراب يحسبه الواحد من هؤلاء طريقه الصحيح لجسم مثالي لكن قد تحمله الى العكس تماما فقد تكون حبوب الموت بالنسبة لمستعمليها.