«في فرنسا نجحنا في محاربة العنصرية والانحراف والتطرف» تونس الصباح حسن شلغومي إمام تونسي فرنسي سيلتقي الرئيس الامريكي أوباما الاسبوع القادم في البيت الابيض الامريكي ضمن وفد يضم 40 اماما من العالم أجمع.. بعد الخطاب الذي توجه به الرئيس الامريكي الى العالم الاسلامي الشهر الماضي من جامعة القاهرة.. لكن قصة الامام التونسي الفرنسي الشاب حسن شلغومي مع الغرب من أوروبا إلى الولاياتالمتحدة ليست جديدة لانه يناضل منذ أكثر من 10 أعوام في فرنسا مع نخبة من الرموز العربية والمسلمة واليهودية والمسيحية من أجل التعايش ونبذ العنصرية والتعصب والتطرف ومن أجل معالجة المشاكل العميقة التي يعاني منها عشرات الملايين من المهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا ومن بينها الحرمان من بعض حقوق المواطنة ومن فرص ضمان حق ابنائهم في تعلم اللغة العربية والقيم الاسلامية والمسيحية واليهودية من رؤية متفتحة ومتسامحة ومستنيرة.. التقيت الاستاذ حسن شلغومي بعد أن اطلعت في مواقع الأنترنات على دوره في فرنسا وخاصة في منطقة درانسي (Drancy) التي يتولى إمامة جامعها.. وله فيها أنشطة عديدة بالتعاون مع سلطاتها ومع ممثلي مختلف الاديان والثقافات فيها.. فلما سألته، ماهي الرسالة التي ستنقلها مع نحو 40 شخصية علمية ودينية اسلامية فرنسية الى الرئيس الامريكي الشاب أوباما رد باسما: "إنها رسالة قصيرة وواضحة..". فما هو فحوى هذه الرسالة؟ صورة غير «اصطناعية» الاستاذ حسن شلغومي رد على السؤال بقوله: "سأنقل لاوباما صورة غير اصطناعية عن الاسلام.. صورة عن الاسلام المتسامح الذي تعلمته منذ صغر سني في حي الزهور الخامس في العاصمة تونس وفي معهد العلوية ثم في جامعات ومؤسسات عربية وإسلامية عديدة بدمشق ونيودلهي وباريس.. الاسلام الذي يدعو إلى الحب والرحمة والمودة والتضامن بين الاغنياء والفقراء.. بين القوي والضعيف.. ويتعامل مع أخطاء الانسان مهما كانت على أساس أنها جزء من الماضي.. وأن الاهم هو التوبة الى الله واحترام الاداب والاخلاق الاسلامية.. والايمان بقاعدة "إن الله عفو غفور".. والتماس أعذار لمن أخطأ سابقا على أن يفكر خاصة في الاحسان مستقبلا الى اخوانه البشر مهما كانت معتقداتهم.. بعيدا عن منطق الثأر وعقليات العنف والتشدد والتعصب.. لان الاسلام دين قام على الحب وعلى احترام الاخرين والاعتراف بالاديان الاخرى وبالانبياء السابقين.. وقد خصص القرآن الكريم مئات الآيات التي تتحدث عن بني اسرائيل وأنبيائهم وعن المسيحيين والسيدة مريم والنبي عيسى عليه السلام.. فلا يمكن اليوم الترويج لاسلام يبرر العنف والقتل والحقد والانتقام من منطلقات دينية سياسية.. مهما كانت الاخطاء الفادحة التي ارتكبت في حق المسلم سابقا.. رسالة من المسلمين إلى البيت الآبيض والكونغرس ويمضي مخاطبي قائلا: "سنقول لباراك حسين أوباما وقادة البيت الابيض والكونغرس: نريد سلاما حقيقيا وشاملا في المستقبل.. ونطمح إلى تعاون أكبر بين المسيحيين واليهود والمسلمين.. رغم أخطاء بعض المتشددين والمتطرفين غير المسلمين في المراحل السابقة ومن بينهم الرئيس الامريكي السابق بوش والمقربين منه من صقور الادارة الامريكية السابقة.. والذين تبرأ منهم باراك أوباما منذ مرحلة الحملة الانتخابية التمهيدية.. ثم مباشرة بعد فوزه في نوفمبر الماضي.. وبقي وفيا لنفس التمشي في الكلمات والخطب الصادرة عنه بعد ذلك.. خاصة في الخطاب الذي توجه به في القاهرة الشهر الماضي إلى حوالي مليارين من المسلمين في العالم.. رافعا يافطة السلم بقوله "السلام عليكم".. وسنذهب الى واشنطن لنقول له: "وعليكم السلام ورحمة الله".. العلاقة مع شخصيات أمريكية وفرنسية لكن كيف وقع اختيار التونسي السيد حسن شلغومي من بين حوالي 2400 إمام فرنسي مسلم ليكون ممثلهم الرمزي خلال اللقاء مع باراك أوباما الذي يرجح أن يكون يوم 19 جويلية الجاري وستسبقه وتعقبه لقاءات مع مسؤولين أمريكيين آخرين في البيت الابيض والكونغرس وفي أوساط علمية متفرقة؟ قصة العلاقة بدأت حسب تأكيدات السيد حسن شلغومي في جوامع باريس وخاصة في الجامع الذي يؤم الناس فيه يوم الجمعة في منطقة درانسي (Drancy) والتي يتعاون فيها منذ سنوات مع رموز اسلامية ومسيحية ويهودية وممثلين عن البلديات والادارة الفرنسية ومع مؤسسات الامن الفرنسي من أجل استبعاد كل اشكال التوتر والصدام وأعمال العنف والعنف المضاد.. خاصة تلك التي تكون لها خلفيات عنصرية أودينية أو" طائفية".. وقد جلب المنهج المسالم للسيد حسن شلغومي وأنصاره في جمعية أئمة فرنسا (التي تضم 40 اماما وصفهم بالاعتدال) الاحترام والتقدير من قبل مختلف المؤسسات العليا في فرنسا بما فيها رئاسة الجمهورية بزعامة ساركوزي.. والمؤسسات الدينية اليهودية والمسيحية والادارية الفرنسية والسفارات الامريكية والغربية بباريس.. حيث تعاقبت التحركات السلمية المشتركة بعد حالات سقوط قتلى أوجرحى من بين الشباب المغاربي أو الاجانب الافارقة.. مثل تنظيم مسيرات سلمية وهادئة وتجمعات يتداول على الكلمة فيها الامام والقس والحاخام وممثلو الجمعيات المدنية والمسؤولون الفرنسيون.. وتكون النتيجة التحقيق في ملابسات الجريمة بهدوء.. وتجنب مزيد من الضحايا والحوادث.. مع حث ملايين المهاجرين على معالجة المشاكل التي تتسبب في معاناتهم ومن بينها تعاطي المخدرات والافراط في شرب الكحول.. والفقر والحرمان والبطالة.. الانفتاح على الاعلام الفرنسي والامريكي ويعتبر حسن شلغومي أن من بين أولويات ابناء المهاجرين في فرنسا واوروبا وامريكا اليوم الانفتاح أكثر على المجتمعات والدول التي تستضيفهم واسندت اليهم جنسيات وبطاقات اقامة طويلة المدى.. والانفتاح لا يعني التفسخ لكنه يعني ان يفهموا أولا أنهم مواطنون في البلدان التي تأويهم وليس معقولا أن ينغلقوا على أنفسهم وأن يدخلوا في صراعات هامشية مع الاقليات اليهودية او مع بقية المواطنين المسيحيين.. فيزيدون في عزلتهم.. بينما يسمح القانون والواقع أن ينفتحوا على وسائل الاعلام وعلى المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية. وسجل شلغومي أن نموذج الاعتدال الذي اعتمده وعدد من الخطباء في فرنسا جلب لهم الاحترام ودفع وسائل الاعلام الفرنسية والاوروبية والامريكية الى الاهتمام بهم.. واصبح عدد من الديبلوماسيين العرب والمسلمين والامريكيين يحضرون خطب الجمعة والعيد في جامع " درانسي".. كما زاره ممثلون عن الكونغرس الامريكي وعن وسائل الاعلام الامريكية.. وهو ما مهد لتشريكه في اللقاء المرتقب مع الرئيس اوباما ومساعديه.. ورود وحلويات وكلام معتدل لكن كيف يمكن تفسير هذا التجاوب اليهودي المسيحي الاوروبي الغربي مع تيارمن الرموز الاسلامية في فرنسا بينما ازداد العداء الى الفلسطينيين والعرب والمسلمين في محافل عديدة مثلما تكشفه نتائج الانتخابات الاوروبية قبل شهر والانتخابات الاسرائيلية والحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة؟ السيد حسن شلغومي يتحاشى الخوض في تعقيدات الملفات السياسية لكنه أورد في اجوبته انه ورفاقه نجحوا في تنظيم تظاهرات ثقافية واجتماعية معتدلة كثيرة في فرنسا بمشاركة رموز يهودية ومسيحية.. بعضها يعتبر تشددا لكن اهدائهم ورودا وحلويات عربية في المناسبات الاسلامية مثل عيدي الفطر الاضحى ودعوتهم الى موائد افطار رمضانية جعلهم ينفتحون.. ويميلون الى الاعتدال.. والتخلي عن مواقفهم العنصرية.. خاصة اذا اعترفنا نحن كذلك باخطائنا وأخطاء بعضنا.. في نفس الوقت اورد حسن شلغومي انه زار مع حاخام وقس كاثوليكي فرنسيين قطاع غزة بعد الحرب وزاروا عائلات يهودية في سدريوت واكتشفوا أن فرص السلام كثيرة إذا تعامل العرب والمسلمون مع الواقع بذكاء ومرونة وبعقلية متسامحة تقدم انسانية البشر على الاختلافات الدينية.. وهذا بعد آخر في الرسالة التي سأنقلها الى الرئيس باراك أوباما ومستشاريه..