تونس الصباح ستظل رخص السياقة في بلادنا تنعت برخص «الموت» ما لم يتم التدخل لمراجعة التكوين الحالي الذي تقدمه مدارس السياقة الى الراغبين في الحصول على رخصة سياقة الذي يعتبر تكوينا منقوصا وغير ملم بكافة الجوانب التي يحتاجها السائق في تعامله مع العربة ومع مختلف الوضعيات التي تعترضه على الطريق اثناء القيادة. هكذا يصف البعض مستوى التكوين للحصول على رخص سياقة ويربط كثيرون بين ارتفاع نسب الحوادث في تونس وضعف التكوين الذي يتلقاه المترشح لامتحان رخصة السياقة. يقول بهذا الشأن السيد الطاهر الساحلي رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة «نحن أي مدارس تعليم السياقة نعد الممتحن او المترشح للحصول على رخصة سياقة للنجاح في الامتحان وليس ليصبح سائقا ملما بكافة مستلزمات القيادة..» ويضيف ان مستوى التكوين له دخل كبير وجذري في الحوادث وفي غياب تكوين جيد للمترشح للحصول على رخصة قيادة لا يمكن التخفيض من عدد الحوادث، كما هو الشأن في تونس ويستدل رئيس الفرقة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بالحادث الاخير الذي جد يوم السبت الفارط في سيدي بوزيد واسفر عن وفاة 8 اشخاص وعدد من الجرحى، على اثر مجاوزة ممنوعة او كما يسميها البعض مجاوزة «إنتحارية» ويشير في هذا الصدد ان التكوين الحالي المقدم لا يدرب المترشح على قواعد المجاوزة وكافة حيثياتها لاسيما خارج مواطن العمران وعند القيادة في معدلات سرقة مرتفعة نسبيا. * برنامج وطني للتكوين من جهته يشير السيد رياض دبو عن جمعية الوقاية من حوادث الطرقات، متحدثا عن تقييم التكوين الحالي الذي يقدم في مدارس تعليم السياقة ومدى نجاعته، الى ان الكثير من المترشحين يحصلون على رخصة السياقة وهم غير متمكنين من أبسط قواعد القيادة حتى تلك المتصلة بركن السيارة لان التكوين الذي تلقاه المترشح لم يتم وسط الجولان بل تم في الفضاء المخصص للمناورة حيث يتعلم المترشح ركن السيارة اعتمادا على «الرشمات» التي يضعها المدرب في مقدمة ومؤخرة السيارة او على الارضية التي تؤهله للنجاح فقط في اختبار المناورة لكنها غير صالحة له للتطبيق الميداني وسط الجولان. يعتبر ايضا التكوين المعتمد حاليا منقوصا لانه لا يتم تدريب المترشح على السياقة في الطرقات السريعة للتمرن على القيادة في معدلات سرعة مختلفة كما لا يتلقى المترشح تدريبا على السياقة ليلا رغم ان القيادة في الليل تختلف كثيرا على القيادة في النهار وتتطلب تركيزا اكبر وتدريبا على ذلك. ويرجع كثيرون عدم الالمام بكافة مقتضيات التدريب على السياقة الى غياب برنامج وطني للتكوين واضح المعالم وملزم لكافة مدربي السياقة يحدد معدل الساعات الضرورية للتدرب على القيادة ويقسم هذه الساعات وفق محاور تبوب وفق اولويات ويضبط الى جانب ذلك هيكل للمراقبة والتفقد خلال عملية التكوين للوقوف على مدى الالتزام بالتكوين وفق البرنامج المرسوم. يقول بهذا الشأن رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة ان ضبط برنامج وطني للتكوين سيساهم في الرفع من مستوى التكوين من جهة وكذلك الحد من الاتهامات التي توجه عادة الى اصحاب مدارس السياقة بانهم يرغبون في الربح المادي عندما يفرض بعضهم حدا معينا من ساعات التكوين او عندما يرغبون في تدريب المترشح خارج المسالك المعتادة. ويشير السيد رياض دبو الى ان برنامجا وطنيا للتكوين قد يساهم في التقليص من العلاقة التجارية البحتة التي اصبحت تحكم العلاقة بين المواطن وصاحب مدرسة تعليم السياقة فالاول يبحث عن الحصول على الرخصة باقل تكلفة وساعات لا عن تعلم اصول القيادة والثاني ينزل تحت رغبة الحريف لضمان عدم ذهابه الى غيره فيعتمد «الوفقة» والتخفيض في عدد ساعات التكوين على حساب التعليم الجيد والنتيجة: «رخصة سياقة في الجيب وفي السياقة تو ندبر راسي..» * تمش بيداغوجي جديد رغم الحاجة الملحة لمراجعة التكوين في السياقة لم يتم الى الآن ضبط برنامج وطني للتكوين مع الاشارة الى انه تم قبل حوالي 3 او 4 سنوات احداث لجنة في الغرض اجتمعت في مناسبتين تقريبا وفقا لما اكده رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة لكن توقفت فيما بعد الاجتماعات ولم يصدر عنها شيء الى حد الآن.في الوقت الذي تحصد فيها يوميا ارواح الكثيرين جراء حوادث الطرقات. توجهنا بالموضوع الى مصالح وزارة النقل حيث افادنا السيد نور الدين العيادي كاهية مدير السياقة بوزارة النقل انه لا يمكن القول ان التكوين الحالي في مجال الحصول على رخص السياقة مبتورا او ان هناك فراغا تكوينا في المجال كما لا يمكن الجزم ان التكوين في السياقة المتسبب الرئيسي في حوادث الطرقات في تونس لان عوامل عديدة تتدخل في ارتفاع نسب الحوادث. فهل الوزارة اذا راضية على مستوى التكوين الحالي؟ نفى السيد نور الدين العيادي ذلك مشيرا الى ان مستوى التكوين الحالي ليس متدنيا بشكل كبير لكنه قابل للتحسن والوزارة تسعى لذلك. وبين انه يتم حاليا مراجعة النصوص في اتجاه تمش جديد يركز على الجانب البيداغوجي ومن بين عناصره اعداد برنامج عام للتكوين في السياقة الى جانب اقرار المراقبة البيداغوجية لمدارس تعليم السياقة.. وهي نصوص في المرحلة الاخيرة من الاعداد وينتظر صدورها قريبا..