تونس الصباح تنكب عديد الهياكل الرسمية على دراسة تأثيرات الأزمة العالمية على وضع الجالية التونسية ورصد تطوراتها في بلدان الإقامة، حيث من المتوقع أن تلقي الأزمة بظلالها على وضع المهاجرين المقيمين خاصة بأوروبا، ومن ضمنهم أفراد الجالية التونسية، سيما أن 83% منهم يتواجدون في الفضاء الأوروبي. وجاء في الندوة الوطنية للتونسيين بالخارج التي التأمت صباح أمس أن تأثيرات الأزمة يمكن رصدها من خلال أربعة مؤشرات هي مستوى البطالة والنفاذ الى سوق العمل والتحويلات المالية وعودة المهاجرين بمناسبة العطلة الصيفية. تطمح تونس خلال هذا الظرف العالمي الدقيق الى مستوى اعلى من النمو وتعول على روح المواطنة لدى التونسيين بالخارج لمساندة المجهود الوطني التنموي والديناميكية التي افرزتها الاصلاحات الهيكلية من أجل مزيد جلب الاستثمارات وتطبيق اتفاقيات الهجرة المنظمة والحد من الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني. هذا ما اشار اليه السيد توفيق بكار محافظ البنك المركزي التونسي خلال الندوة الوطنية للتونسيين بالخارج التي نظمته أمس وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج تحت سامي اشراف رئيس الجمهورية والتي اشرف على افتتاحها السيد محمد الغنوشي الوزير الاول وكان ذلك بحضور عدد هام من الجالية التونسية بالخارج وعلى رأسهم اهم الكفاءات التونسية المهاجرة. وقد استعرض السيد توفيق بكار خلال هذه الندوة اهم المراحل والاسباب التي ساهمت في اندلاع الازمة الاقتصادية بالولايات المتحدةالامريكية وانتشارها في باقي دول العالم الاخرى منوها باهم الاحتياطات التي اتخذتها تونس في سبيل التوقي من خطر الازمة والحد من تداعياتها على الاقتصاد الوطني خاصة من خلال مجموعة الاجراءات الوقائية من اجل حماية السوق المالية وهو ما دفع القطاع المالي الى التطور حيث حقق الناتج البنكي الصافي خلال الستة اشهر الاولى من 2009 تطورا بلغ 9% منوها بما قامت به الجالية التونسية بالخارج من جهود ايجابية من أجل ضمان التوازنات المالية حيث بلغ رصيد العملة خلال الستة اشهر الاولى من 2009 معدلا ايجابيا ارتفع ب6،7% على عكس بعض الدول الاخرى وهذا يعزى الى الثقة الموصولة من قبل التونسيين بالخارج في اداء البنوك التونسية خاصة وان سياسة الصرف في تونس هي سياسة صرف مرنة بالنسبة للتونسيين بالخارج. انطلقت اشغال الندوة في جزئين تضمن محور الجزء الاول موضوع الازمة الاقتصادية العالمية وتأثيراتها على الجالية وطرق الحد منها. وتطرق الجزء الثاني من الندوة والذي ترأس اشغاله السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث الى دور الجالية التونسية في التعريف بالمكاسب والانجازات الوطنية وتعزيز التواصل مع مجتمعات بلدان الاقامة. انعكاسات الازمة الاقتصادية على الجالية التونسية تم العمل على الاحاطة بافراد الجالية التونسية بالخارج لحمايتهم من تداعيات الأزمة الاقتصادية على اوضاعهم المعيشية بدعوة البعثات الديبلوماسية والقنصلية وممثلي ديوان التونسيين بالخارج لمتابعة تأثيرات هذه الازمة على وضع الجالية التونسية ورصد تطوراتها بمختلف بلدان الاقامة وقد القت الازمة بظلالها على وضع المهاجرين المقيمين خاصة بأوروبا ومن ضمنهم افراد الجالية التونسية سيما وان 83% منهم يتواجدون في الفضاء الأوروبي وخاصة فرنسا التي تضم حوالي 600 الف مهاجر تونسي ويمكن رصد تأثيرات هذه الأزمة من خلال اربعة مؤشرات هي مستوى البطالة والنفاذ الى سوق العمل والتحويلات المالية وعودة المهاجرين بمناسبة العطلة الصيفية وتقدر بعض المصادر نسبة البطالة في صفوف المهاجرين من مختلف الدول اثر هذه الازمة ب15% نظراالى غلق العديد من المؤسسات والمنشات الاقتصادية المستهدفة ابوابها وافلاس بعض الشركات الكبرى والبنوك مما انجر عنه ارتفاع نسب البطالة في البلدان الاوروبية ويشير المرصد الفرنسي لمتابعة الاوضاع الاقتصادية ان نسبة البطالة ارتفعت بفرنسا خلال السداسي الاول لسنة 2009 من 3،7% الى حدود 8% من الفئة النشيطة ويتوقع ان تصل الى 7،9% في اواخر نسة 2009 الى 5،10% في سنة 2010 اما في ايطاليا فانه من المتوقع تسريح عدد كبير من العمال يقدر ب900 الف شخص مما سياسهم في ارتفاع مستوى البطالة. كما ان النفاذ الى سوق العمل الأوروبية من طرف المهاجرين قد تأثر مع ازدياد موجات الاحتجاج التي يقوم بها مواطنو بلدان الاقامة ضد تواجد العمال الاجانب والمهاجرين بصفة عامة وهو ما دفع حكومات هذه البلدان الى اتخاذ قوانين صارمة للحد من الهجرة وما تبعها من تصنيفات نالت من حرية تنقل المهاجرين داخل الفضاء الاوروبي واغلاق الحدود وتشديد الاجراءات الأمنية والتراجع في بعض الحقوق المكتسبة ضمن الاتفاقيات الثنائية في مجال اليد العاملة. ولئن لم تبرز الى حد الان بوضوح تداعيات الازمة المالية على تحويلات المهاجرين فانه من المتوقع في المدى المتوسط ان تشهده التحويلات انخفاضا هاما خاصة في صورة استمرار الازمة وفقدان مواطن الشغل اما بالنسبة لتونس فقد حافظت على نفس النسق في تطور التمويلات المالية للجالية التونسية بالخارج حيث بلغت 9،2435 مليون دينار سنة 2008 مسجلة نسبة نمو ب10% بالنسبة لسنة 2007 وقد بلغت خلال الخمسة اشهر الأولى من سنة 2009 2،692 مليون دينار مقابل 6،641 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2008 محققة بذلك نسبة نمو وزيادة تقدر ب88،7% ومن المحتمل ان تشهد العودة الوقتية للمهاجرين وعائلاتهم الى بلدانهم الاصلية خلال موسم الصيف تراجعا نتيجة تقلص مداخيلهم او حالة البطالة التي يوجد فيها عدد هام من المهاجرين. وامام احتمال تفاقم هذه الازمة في البلدان المضيفة وتأثيراتها على وضع الجالية التونسية فان الحاجة تدعو الى اليقظة والحذر باتخاذ بعض الاجراءات الضرورية والتي تتمثل في مزيد حث المستثمرين الاجانب للاستثمار في تونس والاحاطة بالجالية من حيث تحسيسها بأهمية التصرف في الموارد وترشيد النفقات وتطبيق الاتفاقيات المبرمة في اطار الهجرة المنظمة للمحافظة على حصص تونس من اليد العاملة لديها وحث المؤسسات التونسية المقيمة بالخارج على تشغيل التونسيين للدفاع عن حقوق المواطنين المهاجرين في حالة الطرد من العمل بما في ذلك التعويضات وغيرها وحث افراد الجالية على مزيد الادخار واستغلال تحويلاتهم المالية الى تونس في مشاريع ذات جدوى اقتصادية. تحتل الكفاءات التونسية بالخارج مكانة مميزة في برامج وانشطة الاحاطة نظرا لدورها الفاعل في الاقتصاد الوطني ومساهمتها في دفع المسار التنموي للبلاد وذلك من خلال التعريف بالامتيازات والقوانين والتسهيلات المتوفرة لاصحاب الاعمال والمستثمرين لاقامة المشاريع وتكثيف المشاركة في المعارض والمنتديات الاقتصادية المنظمة ببلدان الاقامة لتحفيز اصحاب الاعمال على المشاركة في الحياة الوطنية والترفيع من نسق احداث المشاريع وتشجيع اصحاب الاعمال التونسيين بالخارج على مزيد الانخراط في النسيج الجمعياتي وبعث نوادي وجمعيات فاعلة وقادرة على اعانة الباعثين ومزيد التعريف بالحوافز والامتيازات والتشجيعات التي تضعها الدولة على ذمة النخب العلمية والباحثين بتونس. التعريف بالحضارة والثقافة التونسية والعمل على تنظيم معارض للفنون التشكيلية والصور الفوتوغرافية هذا بالاضافة الى الدور الفعال الذي تلعبه الجمعيات التونسية بالخارج في التعريف بالمكاسب والانجازات الوطنية بالاضافة الى اختيار البنوك التونسية للادخار كحل جذري امام الظرف الاقتصادي الصعب. وفي ختام هذه الندوة تم الاعلان عن جملة من التوصيات تتلخص أهمها في وضع خطة اتصالية اعلامية متطورة حول فرص الاستثمار والتصدير ومتابعة الجالية التونسية وخاصة الفئات التي واجهت صعوبات مالية نتيجة الأزمة الاقتصادية وتفعيل دور البعثات الديبلوماسية وتطوير الحضور الثقافي التونسي بالخارج بالاضافة الى تطوير دور الجمعيات والمنظمات التونسية بالخارج وتفعيل العلاقات مع اصدقاء تونس بالخارج في كل المجالات ودعوتها الى تبادل الزيارات.