تونس - الصباح: عندما تجلس لمحاورة السيناريست والكاتب الساخر، الزميل حاتم بلحاج مؤلف -واكاد اقول - مخترع مسلسل "شوفلي حل" الشهير فانك لابد ان تشعر بانك جالس الى كاتب محترف ومثقف قدم الى عالم الكتابة - عامة - وكتابة السيناريو - خاصة - عن سابقية اضمار وربما "ترصد".. فحاتم بلحاج الذي ترك دراسة الطب ليتفرغ للكتابة التلفزيونية - لاحقا - يبدو هذه الأيام - واكثر من اي وقت مضى - على وعي تام بصواب قراره بان يكون كاتبا صحفيا وسيناريست وليس طبيبا.. هذا "الاستنتاج" الذي اسجله - هنا - مرده اجابة وردت على لسانه وانا اساله - بداية - عما اذا كان قد سئم - مثلا - من سلسلة "شوفلي حل" هذه التي طالت حلقاتها اكثر مما كان يتصور هو نفسه بوصفه مؤلفها.. "لا انفيك بانني - في وقت من الأوقات - قد شعرت ببعض الضجر والملل ولكن ليس من السلسلة وشخصياتها وعالمها وانما من بعض الكتابات الصحفية التي تناولتها بالتعليق ولا اقول بالنقد.. كتابات بدت متحاملة على السلسلة من منطلقات اخلاقية لا علاقة لها بالنقد التلفزي وقواعده.. مثل هذه الكتابات - يضيف حاتم بلحاج - هي التي جعلتني احيانا اسأم.. دون ان يعني ذلك انني فكرت باي شكل من الاشكال في التبرىء منها او من ابطالها.. فمسلسل "شوفلي حل" هذا الذي تكون حلقاته - هذا العام - قد بلغت 140 حلقة في مجموعها وهو رقم قياسي لم يبلغه اي سيتكوم او مسلسل تلفزيوني عربي هو "اختراع" درامي تلفزيوني تونسي صميم صغته من بنات افكاري.. وبنات افكاري هي تماما مثل بناتي في اسرتي فهل هناك شخص يمكن ان يسأم من بناته؟!" ولما قلت له مستغربا اذن نفهم من كلامك انك ستواصل مع هذا المسلسل وانك ستكتب حلقات أخرى جديدة بعد الحلقات التي سنشاهدها في النصف الثاني من رمضان.. تبسم واضاف «اذا كنت يا سيدي من اولئك الذين اصبح يؤرقهم سؤال الى متى "شوفلي حل" فانني اطمئنك واقول لك بان الحلقات الخمسة عشرة التي سيشاهدها الناس في النصف الثاني من رمضان هي التي ستعلن عن نهاية هذا الستيكوم لانها (الحلقات) كتبت مواقفها ولوحاتها واحداثها بتصوّر يؤدي الى هذا الاستنتاج" الواقع انه بقدر ما اصبحت هناك قناعة - خاصة خلال العامين الماضيين بان سلسلة "شوفلي حل" للسيناريست حاتم بلحاج - ربما - صارت تكرر نفسها وتدور حول نفسها وهو ما افقدها جانبا من طرافتها.. بقدر ما ان هناك اجماع - بالمقابل - على انها السيتكوم الهزلي الانجح في تاريخ الانتاج الدرامي التلفزيوني التونسي.. فهذه السلسلة الهزلية كادت تتحول بالفعل الى "ظاهرة" بفعل النجاح الجماهيري الكبير الذي حققته خاصة في موسميها الاولين. فما سر نجاح "شوفلي حل" - يا ترى - ولماذا لم ترتق "سيتكومات"اخرى من تاليف حاتم بلحاج نفسه مثل سلسلة "عند عزيز" و"لوتيل" الى نفس الدرجة من النجاح؟ "لا اخفيك - يقول حاتم بلحاج اجابة عن هذا السؤال - بانني انا نفسي احيانا احار في تفسير المسألة.. علما بانني اعتبر ان سيتكوم "عند عزيز" كان بدوره ناجحا نسبيا.. وأقر - بالمقابل - بان سلسلة "لوتيل" لم تكن ناجحة.. ربما لاننا اردنا من خلالها ان "نجرب" وان نخوض في شكل جديد من اشكال الكتابة الهزلية.. بمعنى اننا اردنا ان "نتفلسف" ففشلنا.. لقد حصلت لدي قناعة - يضيف حاتم بلحاج - بان عنصر نجاح اي عمل - مهما كان نوعه - انما يكمن في مدى بساطته.. بساطته بمعنى تناسق تركيبة مختلف اجزائه ومكوناته وكذلك قربه من الحقيقة الواقعية للناس والاشياء وليس الحقيقة المتخيلة (بفتح الياء) او المشتهاة او الوهمية! نجاح سلسلة "شوفلي حل" دون سواها من السلسلات الأخرى ربما يكون عائدا في جانب منه الى هذا المعطى بالذات فابطالها وعوالمها وحكاياتها هم جميعا "حقيقيون" فالدكتور سليمان الابيض - مثلا - وهو يحكي ويتصرف ويرد الفعل بجعلك تشعر وأنت تتفرج عليه بانك في حضرة شخص تعرفه وليس غريبا عنك.. ربما يكون احد اجوارك او احد اقاربك او اصدقائك"معنى هذا - قلت لحاتم بلحاج - انك وبدون تواضع سيناريست شجاع.. تنقل الاشياء كما هي "اقول انني شجاع او غير شجاع - يجيب حاتم بلحاج - وانما اقول لك فقط انني عندما امارس عملية الكتابة لا اضع في ذهني انني "فوق الناس" وانني مؤهل لان اعطيهم "دروسا" وأقدم لهم مواعظ.. فمهمتي - كسيناريست - وكاتب ساخر ليست هذه اطلاقا.. مهمتي الاولى والأخيرة هي الترفيه عن الناس واسعادهم حتى لو كان ذلك من خلال انفسهم اي من خلال ملابسات واقعهم المعيش في مختلف تمظهراته.. في العائلة ومكان العمل والشارع.. بصفتك هذه، اي كاتبا ساخرا.. الم تشعر - مثلا - بانك اصبحت في وقت من الاوقات غير مرغوب فيك وفي اعمالك؟ يبتسم حاتم بلحاج ثم يسرح قليلا ويجيب: "فعلا لقد شعرت ذات عام بأن ادارة التلفزة لم تعد متحمسة لمواصلة التجربة مع سلسلة "شوفلي حل" فكان ان قررت - من تلقاء نفسي - ان اتوقف .. ولكن المفاجاة حصلت عندما دعاني وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين وعبر لي في لقاء ودي معه عن تشجيعه لي لمواصلة التجربة فكان ان عدت وعاد "شوفلي حل" في تلك السنة. وبعد، هل يمكن لسيناريست قدم عملا نال به نجاحا جماهيريا كبيرا - في وقت من الأوقات - ان "يتجرأ" ويقدم على تجربة اخرى جديدة في الكتابة الدرامية للتلفزة.. الا يجعله نجاحه الاول يتردد - الف مرة - قبل ان يخوض التجربة من جديد.. يجيب حاتم بلحاج "انا كاتب محترف".. وهذا عملي الذي اقتات واعيش منه وعندما اجد الفكرة المناسبة التي يمكن ان يتأسس عليها سيناريو جديد. فانني لن أتردد"