تونس - الصّباح: على خطى الديناصورات ستؤول الفوانيس المتوهجة المعتمدة حاليا في الإنارة إلى الانقراض والاختفاء من حياة التونسي تدريجيا إلى حلول 2014 لكن خلافا لمآل هذه الكائنات ستحل الفوانيس المقتصدة للطاقة محل الفانوس المادي بعد أن نوّه طويلا أهل الذكر والاختصاص بخصالها الجميلة وخصائصها الايجابية في تشريد الفاتورة والرأفة بجيب المواطن وتميزها بأمل حياة أطول بكثير من سابقاتها المرشحة للدخول الى عالم الاسطورة السحري تماثلا بقصص فانوس علاء الدين. حول هذا المصير المظلم للفوانيس المتوهجة والتمشي المرحلي المعتمد في التخلي عن ترويجها والمزايا المتعددة للفانوس المقتصد للطاقة حدثنا مدير ادارة ترشيد استعمال الطاقة بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة منير البحري الى جانب تناول غيرها من المشاغل الطاقية ومن البرامج والتجهيزات المعنية ان آجلا أو عاجلا بالاقتصاد في استهلاك الطاقة مثل الثلاجات والمكيفات... سنأتي عليها في مقال لاحق.. خير خلف لمن سلف بعد التوجه الرامي الى التخلي عن الفانوس المتوهج أحد مكونات تفعيل البرنامج الرباعي للتحكم في الطاقة والرامي الى بلوغ نسبة اقتصاد ب20% من مجموع الاستهلاك العام في غضون سنة 2011. وتكمن أبرز خاصية للفوانيس البديلة في قدرتها الفائقة في التحكم في الاستهلاك بنسبة تضاهي 5 مرات الفانوس العادي الى جانب انها تتمتع بأمل حياة يفوق 8 مرات المعدل الراهن ويمكن ان يصل الى 18 أو 20 مرة مستقبلا في ظل تطور تكنولوجيات تصنيعها. وبالنظر الى المضار البيئية التي تتسبب فيها الفوانيس العادية من خلال افرازاتها المرتفعة للغازات الدفينة تمثل الفوانيس المقتصدة خير خلف لمن سلف... سيما وان التجارب الاولى في اعتمادها في الحقل السياحي والخدماتي في فترة الثمانينات ابرزت ايجابية التمشي ونجاعة التوجه لكن في المقابل حال شطط أسعارها دون اعتمادها في الانارة السكنية مما حدا بالدولة الى التدخل بالتخفيض في معاليمها الديوانية عند التوريد وتشجيع تصنيعها بالسوق المحلية واقرار اداءات قمرقية منخفضة على موادها الاولية وتعد شبكة المصانع المختصة حاليا ستة مصانع انطلق بعضها في التصنيع لهذا الصنف من الفوانيس وهناك حتى من ينتج للتصدير. وتوازيا مع هذا التوجه التحفيزي تم في اطار البرنامج الرباعي التحكم في الطاقة اقرار معاليم على الاستهلاك بالنسبة للفوانيس المتوهجة انطلقت ب10% وبلغت حاليا 30% ليصل المعلوم الى 50%. وذلك لتشجيع المواطن للانخراط في برنامج التحكم في الطاقة والاقبال على الفوانيس المقتصدة. خريطة الطريق ووفقا لما أمدنا به مدير ترشيد استعمال الطاقة تعتمد خريطة طريق التخلي عن ترويج الفوانيس العادية جدولة زمنية دقيقة تشمل في مرحلتها الأولى الفوانيس ذات قوة 100 واط او اكثر وذلك بداية من سنة 2011 لتدرج اثرها في قائمة السحب من الأسواق الفوانيس بقوة تتراوح من 75 الى 100واط بحلول 2012 كما يشهد هذا التاريخ كذلك منع ترويج الفوانيس البالغة قوتها 60 واط. وعلى مدى سنة 2013 سيتم التخلي عن ترويج فوانيس 40 و25 واط لتشهد سنة 2014 مرحلة جديدة في اعتماد انارة مقتصدة للطاقة. مع الاشارة الى ان معدل الفارق الزمني الذي اعتمد في الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالتخلي عن الفوانيس المتوهجة لا يتجاوز السنة الواحدة مقارنة بالخطط المعتمدة في فرنسا وفي غيرها من بلدان الاتحاد الأوروبي التي انطلقت في هذا البرنامج منذ الخريف الحالي. أسعار مدعمة خمسة مليون فانوس مقتصد للطاقة ستكون على ذمة العائلات المعوزة منها مليون فانوس ستتكفل «الستاغ» بتوزيعها ولئن لم يتضح بعدما ان ستتسم هذه المبادرة بالمجانية المطلقة فقد شدد مصدرنا على ان نسبة دعمها ستكون هامة وسخية على اعتبار ان الغاية منها هو استباق مرحلة منع الترويج للفانوس العادي وتعويد هذه الفئة من المستهلكين على استعمال الفانوس المقتصد للطاقة. فماذا عن تفاعل التونسي مع هذا التوجه الجديد؟ وكيف تقيم وكالة التحكم في استهلاك الطاقة تجاوبه واقباله على استعمال هذه الفوانيس؟. بين الفانوس والفاتورة بدا البحري متفائلا بالمستوى الاولي للتجاوب والمرشح لمزيد التطور في انتظار مزيد التحكم في اسعار هذه الفوانيس مستندا الى لغة الارقام التي يعززها عداد «الستاغ» مفيدا بان حجم الفوانيس المقتصدة المروجة قفز من 500 ألف الى نحو المليوني فانوس مع تسجيل ارتضاء واضح في الاسعار التي تراجعت من 15د في بداية التجربة الى 4دنانير حاليا وتبقى امكانية الانخفاض واردة مع تطور الطلب ومجاراة العرض لنسقه... هذا على مستوى الترويج فماذا عن انعكاس ذلك على فاتورة استهلاك الكهرباء البغيظة دوما الى قلب المواطن..؟ الجواب ورد ايضا متناغما مع المعطى الخاص بالترويج حيث سايرت الفاتورة هذا المنحى في مستوى تكاليف الانارة وفق محدثنا الذي اورد ان معظم الافادات المسجلة تقر بملامسة هذا الانفراج وفي اسوإ الحالات تحافظ الفاتورة على مستواها المعتاد سابقا مع فارق اساسي يتعلق بارتفاع اسعار الكهرباء الطارئ على الفاتورة بسبب ارتفاع سعر المحروقات في العالم وهو معطى لا بد من اخذه بالاعتبار عند تقييم نجاعة هذه الفوانيس وتأثيرها على الفاتورة. عيون على الزئبق روّجت تقارير صحية غربية اخبارا عن انعكاسات سلبية محتملة لاستعمال الفوايس المقتصدة على صحة المواطن جراء مخاطر ارتفاع نسب الزئبق المتوفرة بها وكذلك بسبب خطر التعرض للاشعاعات المنبعثة منها عند الانارة. للوقوف على حقيقة الامر تم طرح السؤال على المتحدث باسم الوكالة الذي قلل من اهمية التوجسات المتعلقة بنسبة الزئبق المستعمل في هذه الفوانيس مفيدا ان المتابعة المنتظمة للدراسات الاوروبية الصادرة في الغرض بينت ان النسبة ليست بالمرتفعة وبالتالي حتى في حال تكسر الفانوس فان هذه المادة لا تكتسي خطورة تذكر كما ان امكانية رسكلة هذه الفوانيس واردة من خلال برامج التعاون القائمة بين الوكالة ووزارة البيئة. وبخصوص اشكالية الاشعاعات المنبعثة قلل كذلك المتحدث «من اهميتها ومن مخاطرها استنادا الى معطيات علمية تفيد بأن خطر انبعاث هذه الأشعة لا يتجاوز محيط 30 صم وما دامت الفوانين مركزة في مكان بعيد ومرتفع فان حقلها المغناطيسي يتضاءل باستمرار والى حد هذه الساعة لا وجود لأي دراسة تقر بالضرر..».