تونس الصباح صرخة فزع تطلقها أقسام بعض المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية لإنقاذها من معضلة الاكتظاظ في فصولها. صرخة يترجمها عدد التلاميذ الذي وصل إلى 42 تلميذًا داخل الفصل الواحد في بعض المدارس مما ينعكس سلبًا على جودة التعليم، لتتوجه بذلك أصابع الاتهام نحو الأولياء باعتبارهم المتسبب الرئيسي في هذا الاكتظاظ عبر اختيارهم لمؤسسات تربوية دون أخرى أو تعمدهم نقل أبنائهم من فصل إلى آخر مما ينجر عنه عدم التوازن بين الفصول لتعيش بذلك بعض المؤسسات التربوية على إيقاع أكثر من 40 تلميذًا داخل الفصل الواحد. اتسمت العودة المدرسية الحالية بارتفاع عدد الفصول إلى 326 فصلاً في المدارس الابتدائية وذلك بهدف تخفيف الاكتظاظ الذي تعرفه بعض الفصول، إلا أن ذلك لم يساهم جذريًا في تجاوز هذه الظاهرة جراء سلوكيات ينتهجها بعض الأولياء كاختيار مؤسسات تربوية دون أخرى لاعتقادهم في كفاءة إطارها التربوي والمعايير التعليمية المعتمدة في تلك المؤسسات وهو ما أكدته السيدة هادية (موظفة) التي عمدت إلى تسجيل ابنها بإحدى المدارس الابتدائية التي ذاع صيتها في حسن التأهيل والتأطير وجودة إطارها التربوي. وتعاني بعض مؤسسات التعليم الإعدادي من معضلة الاكتظاظ بحيث يتجاوز فيها عدد التلاميذ 35 تلميذًا بالفصل الواحد وهو ما ينعكس سلبًا على انضباط التلاميذ وعلى ضمان جودة التكوين. كما يشكل الاكتظاظ استياء كبيرًا في صفوف المدرسين، الأمر الذي عبّرت عنه مدرّسة تعليم ابتدائي رفضت الإفصاح عن اسمها حيث أشارت إلى أن عدد التلاميذ في فصلها في حدود 40 تلميذًا مما ينجر عنه غالبًا تعطيل في سير الدروس وعدم استغلال الحصص الدراسية بشكل جيد وينتهي الأمر بضعف التحصيل العلمي لدى التلاميذ. إن المتفحص لأسباب تفاقم ظاهرة الاكتظاظ في بعض المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية يلاحظ أن بعض الأولياء يعانون هاجس نقل الأبناء من فصل إلى آخر أو تعمّد اختيار فصل دون آخر لاعتبارات عدة من بينها اعتقادهم في نجاعة الإطار التربوي لفصل على حساب آخر مما يجعل الإقبال يتزايد عليه. وفي هذا الصدد يشير السيد حسن المناعي مدير مدرسة خاصة إلى أن «الأولياء يتهافتون على نقل أبنائهم من فصل إلى آخر، ومطمحهم الأساسي إطار تربوي جيد قادر على تكوين أبنائهم تكوينًا فاعلاً بما يتماشى مع منظومة تعليمية عصرية ليشكك بذلك بعض الأولياء في كفاءة بعض المربين وهو اعتقاد خاطئ باعتبار أن كل مدرس يتمتع بقدرات بيداغوجية ناجعة في إيصال المعلومة».وأكد السيد المناعي على ضرورة تجاوز هذه الظاهرة التي تدعم عنصر الاكتظاظ داخل الأقسام، فالاكتظاظ داخل الأقسام يثقل كاهل المربي ولا يساهم في عملية تربوية ناجحة. مشاريع قيد الدرس وإذا كانت بعض المدارس الابتدائية تعاني معضلة الاكتظاظ، فالأمر لا يختلف كثيرًا في بعض المعاهد الثانوية التي تجاوز فيها عدد التلاميذ في الفصل الواحد أربعين تلميذًا، وتعود دوافع الاكتظاظ للأسباب ذاتها بين معهد ثانوي موقعه جيد وإطاره التربوي كفء وبين فصل يتضمّن أساتذة يشهد لهم بالكفاءة، يتهافت بعض الأولياء إلى الجمع بين المعادلتين مما ينجر عنه اكتظاظ يعرقل سير العملية التعليمية ويؤثر سلبًا على انضباط التلاميذ خاصة في المواد التي تتطلب عددًا محدودًا من التلاميذ. وفي هذا الصدد تشير السيدة حياة أستاذة علوم فيزيائية إلى أن طبيعة المادة التي تدرسها تحتاج إلى التركيز فهي تقوم على التجارب والاختبارات، والاكتظاظ هنا غير مسموح به فهو يعرقل سير الدرس ويؤثر على انضباط التلاميذ.وعن ظاهرة الاكتظاظ في المدارس والمعاهد الثانوية خاصة، في مستوى المناظرات الوطنية، أكد مصدر مسؤول بوزارة التربية والتكوين أنه تم تحديد عدد التلاميذ في السنة التاسعة أساسي ب32 تلميذًا في القسم الواحد، وأن لا يتجاوز عدد التلاميذ في أقسام البكالوريا 30 تلميذًا. وهذا التحديد يعود إلى حرص الوزارة على توفير ظروف دراسية ملائمة خاصة للأقسام التي تستوجب مناظرات رسمية آخر السنة. أما مقاييس تكوين الفصول في التعليم الأساسي والثانوي، فيؤكد ذات المصدر أنه حرصًا على توفير فرص الدراسة المتكافئة لجميع التلاميذ وسعيًا إلى تمكين المدرسين من العمل في ظروف متقاربة، فإن تكوين الفصول في المعاهد الثانوية يكون على نحو يجعلها متجانسة، وذلك من حيث مستوى التلاميذ الدراسي بتوزيع المتفوقين والمتوسطين على كافة الفصول ومن حيث توزيع الراسبين والتكافؤ بين عدد الإناث والذكور كما يحجر تكوين الفصول على أساس اعتبارات أو مصالح أخرى. وعن إمكانية وجود حلول لتفادي مثل هذا الاكتظاظ في المؤسسات التربوية يشير ذات المصدر إلى أن هناك مشاريع قيد الدرس لتجاوز هذه الظاهرة.