تونس الصباح: هناك أكثر من 363 سوقا أسبوعية موزعة على كافة أنحاء البلاد، وتنشط معظمها في مجال بيع الدواب. وهي تمثل خلال هذه الايام القاعدة الواسعة لبيع الاضاحي، وذلك إضافة إلى ما تشهده البطاح والساحات العمومية التي يظهر فيها نشاط بيع الاضاحي ويتكثف لقربها من الاحياء ومواطن العمران بشكل عام. وعلاوة عن هذه الاسواق والبطاح الوقتية لبيع الخرفان تتوافد العائلات أيضا على نقاط البيع بالميزان، وذلك على الرغم من أنها لا تمثل البعد الكبير والهام في جملة الحركة الخاصة ببيع الاضاحي، حيث أنها في أقصى الحالات، لا توفر أكثر من 10 آلاف رأس من الاضاحي، وبالتالي لا يمكن مقارنة نشاطها وفعله بما تشهده الاسواق من عمليات بيع الاضاحي. وللاشارة فإن حاجة البلاد من الاضاحي تصل إلى أكثر من 945 ألف أضحية وذلك بناء على عدد العائلات التونسية التي تتولى اقتناء خروف في عيد الاضحى. من يتحكم في أسعار العلوش؟ إذا كان من المفروض أو البديهي أن تكون القاعدة العامة في أسعار العلوش مرتبطة بمستوى العرض والطلب، وتتحدد الاسعار على قاعدتها، فإن هذا الجانب كما هو ملاحظ في الاسواق لم يعد العامل المحدد، وأن بورصة أسعار العلوش باتت تغذيها عوامل أخرى عديدة ومتنوعة، ويفرضها بعض من يهيمنون على هذه الاسواق. فخلال الاسابيع الاخيرة، ولحد أيامنا هذه مازالت أسعار العلوش مرتفعة، حيث بلغ أقصاها 550 دينارا وأدناها لم ينزل تحت 300 إلى 350 دينارا. وهي أسعار تعتبر مرتفعة بما قيمته 50 إلى 80 دينارا مقارنة بأسعار العلوش في مثل هذه الفترة من السنة الفارطة. وهذه الظاهرة في ارتفاع أسعار الاضاحي تكاد تكون عامة بناء على ما أفادنا به بعض الناشطين في هذه الاسواق، وذلك على مستوى أبرزها وأهمها مثل سوق الفحص والجديدة وجلمة وبوعرادة وماطر وغيرها من الاسواق في الشمال. وأيضا تبرز نفس الاسعار في أسواق منطقة الساحل وذلك في كل من الجم وسوسة وهبيرة وبوثدي ومنزل شاكر والحنشة وغيرها من الاسواق الاخرى في مناطق الجنوب المعروفة بإنتاجها الوافر للعلوش، وأسعارها المعتدلة نسبيا مقارنة ببعض الاسواق الاخرى، مثل سيدي بوزيد وودران وبئر علي بن خليفة والمكناسي وقفصة، وصولا إلى أقصى مناطق الجنوب مثل تطاوين والبير لحمر وغمراسن وجرجيس ومدنين وجربة. مبررات ارتفاع أسعار العلوش هذا الموسم إن ظاهرة إرتفاع أسعار العلوش خلال هذا الموسم قد فسرتها مصادر من إتحاد الفلاحين بالكلفة التي أصبحت عليها تربية الماشية، وما يتكبده الفلاح المربي من مصاريف يومية ناتجة عن غلاء أنواع العلف. لكن الملفت للانتباه أن ارتفاع أسعار العلوش قد سبقها ترفيع في أسعار اللحوم الحمراء (ضان وبقر)، حيث استقرت لدى كافة الجزارين خلال الفترة الاخيرة في حدود 14 دينارا للكلغ الواحد، وهي أسعار لم تبلغ هذا المستوى حتى خلال فترة ذروة الاستهلاك الرمضانية أو خلال النقص الذي سجل في الانتاج المحلي في بعض السنوات الفارطة. وهذا العامل في ارتفاع أسعار اللحوم أشر لارتفاع في أسعار العلوش الحي، حيث قدرت تكاليف الكلغ من الحي في حدود 15 دينارا، وذلك من خلال حساب بسيط يقدر من خلاله وزن العلوش حيا. ولو سلمنا جدلا حتى بالتكاليف التي أصبح ينفقها المربي في تربية الاغنام، والصعوبات التي يعيشها طوال سنة من أجل ذلك للاحظنا من جهة أخرى أن هذه الفرضية قد تبقى قائمة في ظروف غير عادية. لكن أن ترتفع الاسعار بهذا الشكل في سنة ممطرة ومناخ طيب توفرت فيه المراعي منذ أكثر من شهرين، ولم يعد فيه الفلاح يعاني من صعوبات، فذلك هو الغريب الذي لا يوجد له تفسير يقنع المواطن. خفايا حركة السوق ولئن تبقى ظاهرة عرض العلوش بمناسبة العيد في معظمها عادية وقائمة بين المربي والمستهلك، فإن مظاهر الاحتكار والسيطرة على الاسواق من خلال وسطاء وتجار وسماسرة تبقى أيضا بارزة ومعمولا بها في كافة الاسواق رغم محاربة مظاهرها من قبل أعوان المراقبة. وفي هذا المجال يشار إلى أن تحديد الاسعار والتحكم فيها بات يحصل من ساعات الصباح الباكر، حيث يكون '' الجوال خدام '' بين هؤلاء التجار، وأينما كانوا في كافة الاسواق أو أبرزها، حيث يتمركزون فيها ويفرضون الاسعار التي يختارونها، مستغلين في ذلك المواطن الذي تعود أن يقصدها في مثل هذه المناسيات. ومن حيل هؤلاء السماسرة أنهم يدسون عيونا لهم داخل السوق، ليشاركوا في المزايدة، وبالتالي الزيادة في أسعارها، مستغلين أطماع وظروف الحرفاء وانسياق المربين وراء هذه المظاهر، ثم ينقلبون عليهم لعرض الخرفان بالسعر الذي يريدونه.