تونس- الصباح هواتف عالية الجودة لكن بأسعار مغرية.. عرضها بائعوها على المارة واتخذوا من الرصيف مقرا لهم "كرادن" مفروشة بسطت فوقها هواتف جوالة متعددة الأنواع والأشكال رصفت بشكل ملفت للنظر تخاطب غريزة حب الاطلاع وأصحاب الجيوب شبه الممتلئة فتجلب عيون الراكب والمترجل طمعا في هاتف عالي الجودة وبثمن مقدور عليه... مشهد يتكرر يوميا في احد شوارع العاصمة إلى أن أصبح قبلة العديد ممن يريدون شراء هواتف آخر صيحة بأسعار مغرية. "البلاك بيري" ب220د و"الآل-جي برادا" ب200د و"النوكيا 8800" ب200د هذه بعض الأسعار لبعض الماركات المعروضة التي كشف عنها أحد الباعة مضيفا" يمكن مناقشة السعر إذا ما قررت الشراء". أسعار تبدو جد مقبولة مقارنة بأسعارها الأصلية لا يمكنها الا أن تثير لدى البعض نقاط استفهام فمثلا " البلاك بيري " يصل سعره إلى حوالي 1000د والنوكيا 8800 يصل إلى حوالي 400د حسب ما صرح به صاحب مغازة لبيع الهواتف الجوالة. أسعار مقبولة لكن... مع انخفاض أسعار البضائع المعروضة على الرصيف يبقى مصدرها غامضا بالنسبة للحريف وهو ما أكده صاحب المغازة مبينا" أن اغلب تلك الهواتف إما غير مخصصة للتسويق في السوق المحلية مما يعني أنها مهربة من دول أخرى أو أن مصدرها "فاسد".. والسؤال المطروح هنا :هو هل يتحصل الحريف على شهادة ضمان في حالة اقتنائه جهازا من على الرصيف...؟ وهل أن البائع له ما يثبت مصدر الهواتف المعروضة ؟ طبعا لا.. "لان اغلب الأجهزة الموجودة مستعملة" وهو ما يعتمده الباعة كرد على تلك الأسئلة كما أنهم ينفون فساد مصدرها حيث أكد احدهم أن تلك الهواتف ترجع ملكيتها لأفراد يعيشون بالخارج أو أنها على ملكيتهم الخاصة... تبريرات عديدة تغطي حقيقة المصدر لكنها تقنع البعض ممن يريدون مواكبة التطور وملاليمهم محدودة!!. وتبقى عملية شراء الهواتف الجوالة من غير مصدرها الرسمي والمعروف من الأمور التي يمكن أن تورط الشاري في تتبعات قانونية تصل إلى حد السجن حيث نص الفصل 280 من المجلة الجزائية على:"الإنسان الذي يستولي على شيء وجده صدفة ولم يعلم به من له النظر من الحكومات المحلية أو صاحب الشيء يعاقب بالسجن مدة عامين وبمثل ذلك يعاقب الإنسان الذي يستولي تعديا منه على شيء وصل لديه غلطا بالمصادفة". وعلى مستوى التطبيق فقد أكد المحامي شاكر علوان انه لا بد من إبرام كتب لدى الهياكل المعنية بين الشاري والبائع وذلك لضمان عدم التورط في قضية المشاركة في السرقة والعقاب الجزائي من اجل ذلك كما أن الكتب يضمن له التأكد من عدم فساد المصدر . وفي نفس الإطار تحذر السيدة سلوى شواشي مشرفة على مصلحة الشؤون القانونية بشركة" تونيزيانا" للاتصالات من تفاقم هذه الظاهرة رغم انخفاض سعر الهواتف المطروحة وذلك لضمان مصدر ما اقتناه وعدم تعرضه للتحيل. كيفية تتبع الهواتف المسروقة في حال سرقة الهاتف على المتضرر إبلاغ أعوان الأمن ومدهم بالرقم التعريفي التسلسلي للهاتف الذي يطلق عليه IMED ويمكن معرفته إما داخل فاتورة الشراء أو عند انتزاع بطارية الهاتف آو عند الضغط على الرمز التالي *ثم# 6 ثم# وبذلك سيظهر عدد مكون من 15 رقما. وعلى اثر ذلك يفتح محضر في الغرض ثم يسلم إلى وكيل الجمهورية للإعطاء الإذن للقيام بإجراءات التتبع بالتعاون مع شركات الاتصالات المعنية وهو ما أفاد به احد أعوان الأمن وعلى اثر ذلك التسخير تقوم شركة الاتصالات بالاعتماد على تقنيات عالية الجودة عبر الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية التي تساعد في الكشف عن مواقع الهواتف المسروقة وتحديد هوية الشريحة المستخدمة كما أكدت السيدة شواشي على أن تلك التقنيات تمكن من تحديد نوعية الجوال المستخدم مضيفة انه "على المتضرر في حل سرقة جواله الاتصال فورا بشركة الاتصالات المنخرط فيها وإيقاف تشغيل الشريحة الخاصة به وذلك لتسهيل عملية الاقتفاء. كما توجد تقنية أخرى استخدمتها العديد من شركات الهواتف وهي تقنية مثبتة بالهاتف هذا ما أكده السيد سامي بائع بإحدى مغازات بيع الهواتف مبينا أن بإمكان صاحب الجوال أن يضع رقما سريا code ثم يقوم باختيار رقمين تصلهما عند سرقة الهاتف رسالة نصية تحمل رقم الشريحة المستخدمة في تلك اللحظة. والجيد في هذه التقنية أنها أصبحت شبه معممة أي أنها توجد في مختلف أصناف الهواتف المتطورة والعادية وهو ما يمكن أن يضمن نسبيا استرجاع الهاتف المسروق.. وفي إطار وجوبية الوعي بالقانون وتجنب الوقوع في المتاعب... تبقى للحريف حرية الاختيار بين التعامل مع أصحاب الرصيف والمقامرة... أو التعامل مع المصادر المعروفة بسعر ارفع...