تونس الصباح: يعتبر احداث بنك «الزيتونة» الذي تتم فيه المعاملات بين الطرف الممول والحريف وفق الشريعة الاسلامية الحدث الأبرز لهذه السنة في عالم المال والأعمال. وخلال جولة بين أروقة الصالون الدولي للخدمات النقدية والبنكية المنعقد من 3 الى 6 ديسمبر الجاري شدّ الجناح المخصص لمصرف «الزيتونة» انتباه الزوار بديكور جذاب بلونيه الأسود والأخضر الضاربين في عمق الأصالة والتراث وبفريق عمل يتقد نشاطا وحيوية يجيب عن استفسارات وتساؤلات الزوار بحرفية ومهنية عالية تنبئ بميلاد بنك جديد من المؤكد أنه سيحظى بمكانة هامة في السوق المالية التونسية لتفرد خدماته وتميزها عن سواها. بلال درنوعي، مدير ادارة قنوات التوزيع بالبنك العربي لتونس اعتبر أن التنافس حافز للإبداع والاضافة، فدون منافسة تغيب الانتاجات الجديدة ويركد السوق، وهو يبارك قدوم أي منتوج جديد من شأنه أن يساهم في تطوير المعاملات المالية والرفع من جودة الخدمات المقدمة للحريف. وفي نهاية المطاف يبقى الحريف هو الحكم والفيصل لأنه سيختار ما يناسبه من عروض وما يتماشى مع امكانياته المادية.. وتساءل السيد بلال دروني عن استراتيجية العمل المتبعة في المصرف والتي حصرها في اتجاهين، فإما أن يتبع بنك «الزيتونة» سياسة المرحلية ويركز في البداية على تقديم خدماته لفئة معينة من الحرفاء، أو يغزو السوق بتقديم خدمات مختلفة ومتنوعة تتلاءم واحتياجات جميع الفئات والأعمار.. والأيام القليلة القادمة كفيلة بالرد عن هذه التساؤلات وفق محدثنا. أما عن طبيعة الخدمات المقدمة والملائمة للشريعة الاسلامية «فأكيد أنها ستلقى رواجا كبيرا للرافضين للربا شكلا ومضمونا»، بحسب المتحدث. لمَ لا..؟ سفيان الهواري مدير اتصال بالتجاري بنك اعتبر أن بنك «الزيتونة» مثال يقتدى في هذا المجال في بلادنا، إذ من شأنه أن يحثّ البنوك التجارية على بعث منتوجات جديدة مبنية على الشريعة الاسلامية ولمَ لا بعث فروع تابعة لها متخصصة في ترويج المنتوجات المستلهمة من الدين الإسلامي... وبالنسبة للسيد سفيان فإن الجميع في تونس ينتظر ما ستقدمه هذه التجربة الجديدة مع اشارته الى أن "جودة الخدمات هي الميزة الأساسية الفارقة بين بنك وآخر"... نبيل الزيدي مدير تسويق بالتجاري بنك أفاد من جهته بأن بنك «الزيتونة» سيخلق ديناميكية جديدة في السوق، "لأنه سيقدم منتوجات مختلفة عن الموجود وما يعرفه أن العديد من الدول الأوروبية تقوم بتدريس الخدمات المبنية على الطريقة الاسلامية في كلياتها لأن البنوك الاسلامية فرضت نفسها في السوق الأوروبية واستقطبت شرائح كبيرة من المهاجرين المسلمين الذين يخيّرون دائما أن يتوخوا المنهاج الاسلامي في معاملاتهم المالية". رهانات وتحديات عابد الشعباني رئيس فرع بالشركة التونسية للبنك اعتبر أن لكل بنك حرفاءه وحصته من السوق، والجميع بمن فيهم أصحاب البنوك بنتظرون ما سيقدمه بنك «الزيتونة» ... وفي اعتقاده فإن الشريحة التي ستستفيد من الخدمات المقدمة كبيرة ولا يستهان بها، لأن هناك من يربط المعاملات البنكية المتعارف عليها بمفهوم الحلال والحرام وبالتالي لا يتعامل مع البنوك التجارية، كما أن هناك من تعوزه الامكانيات لمحدودية وتواضع دخله فيعجز عن الاقتراض وفق الطريقة التقليدية وهما شريحتان ستستفيدان من خدمات البنك الجديد. ومن النقاط التي أثارها عن طريقة عمل بنك «الزيتونة» أنه سيكون ملتزما بتعليمات البنك المركزي من جهة، وما تنص عليه الشريعة الاسلامية ومتطلبات السوق، مما يضاعف من جهة أخرى من حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه. كما أن الاقتصاد التونسي منفتح على الخارج ومرتبط بالتقلبات والتغيرات العالمية وبالتالي يتساءل محدثنا «هل يستطيع بنك «الزيتونة» اذا سلمنا جدلا بأنه سيتوجه في معاملاته الى فئة خصوصية، الصمود أمام الأزمات المالية العالمية وتكون له القدرة على مجابهتها»؟ مستخلصا أن «أمام بنك "الزيتونة" رهانات وتحديات كبرى».. أما عن تجربة البنوك الاسلامية في الدول الأخرى، فالمؤكد أن بنك «الزيتونة» سينسج على منوالها ويستفيد من خبراتها، خصوصا أنها حققت أرقام معاملات كبرى. وعن الفئة المستهدفة فستشمل وفق محدثنا "التونسيين والمستثمرين العرب الذين تعودوا على التعامل مع البنوك الاسلامية". المرابحة سهام بن خليفة كاهية مدير بالبنك التونسي العربي الدولي تحمست للفكرة وأفادتنا بأنها توجهت خصيصا للجناح المخصص لبنك «الزيتونة» للتعرف بالتفصيل عن نوعية الخدمات المقدمة من طرفه، وعن الفرق بين البنك الاسلامي والبنك التجاري فهو حسب رأيها يتمثل في نقاط من بينها أن البنوك العادية تتحصل اثر تقديمها لقرض على العمولة والفائض التي يختلف وفق المدة المنصوص عليها وحجم القرض. أما بالنسبة لبنك «الزيتونة» فمعاملاته ترتكز أساسا على هامش الربح، أي عقد بيع بالتكلفة الشرائية زائد قيمة ربحية معلومة ومتفق عليها بين الشاري والبائع، وهو ما يطلق عليه بالمرابحة. كما أن البنوك العادية وفي حالة منحها لقرض لبعث مشروع ليست ملزمة بتتبع الباعث في كافة مراحل مشروعه، بل وفقا لرغبته وبطلب منها وبنسب أخرى من الفواض تختلف حسب المبلغ المقترض. أما بالنسبة لبنك «الزيتونة» فإنه ملزم آليا بتتبع الباعث في كافة المراحل بما أنه شريك له (أي ما يطلق عليه بالمضاربة) وهي علاقة شراكة بين المستثمر والبنك والمناول (الحريف) لتنفيذ مشروع اقتصادي والتصرف فيه على مستوى الانجاز والاستغلال والتطوير على أن يقاسمه الأرباح. فهل يؤسس بنك «الزيتونة» لنظام مالي جديد في تونس؟ وهل سينسج المستثمرون ورجال الأعمال على منواله في مستقبل الأيام؟