الأسبوعي القسم القضائي: يعكف محقّقو الفرقة المركزية الأولى للحرس الوطني بالعوينة على البحث في قضية تتعلّق بتغيير العملة الرائجة قانونا بالجمهورية التونسية. والمشاركة في وضع عملة مدلسة وإدخالها الى التراب التونسي وتغيير وتدليس العملات الأجنبية والمشاركة في وضعها أو عرضها او إدخالها والسرقة والاتجار في القطع الأثرية دون احترام للإجراءات المعمول بها وتحويل مكان إيداع منقولات محمية والمشاركة في كلّ ذلك بمقتضى إنابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق الثاني لدى المحكمة الابتدائية بتونس .1 الأبحاث تشمل أشخاصا مهمين بينهم رجال أعمال تونسيون وأجانب العثور على «فيلا» في بئر بورفبة مشيّدة بمئات القطع الأثرية بينها حوض روماني المحققون ألقوا القبض في إطار الأبحاث المجراة في هذه القضية- التي تعتبر من الوزن الثقيل باعتبارها أفضت الى الإطاحة بشبكة دولية لتهريب الآثار من تونس نحو بلدان أوروبية- على عشرات الأشخاص بينهم رجال أعمال وتجّار من جنسيات مختلفة وحجزوا المئات من القطع الأثرية المتمثلة خاصة في لوحات فسيفسائية وأعمدة وتماثيل بأحجام مختلفة وقناديل وجرار وقطع نقدية (مسكوكات) وقطع سيراميك وحوض روماني وشواهد قبور ومعصرة رومانية فيما يرجح أن يرتفع المحجوز وعدد الموقوفين مع تقدم التحريات الأمنية والقضائية المتواصلة الى حدّ كتابة هذه الأسطر. ولكن كيف تم الكشف عن هذه الشبكة الدولية؟ البداية من مطار قرطاج المعطيات التي توفرت ل «الأسبوعي» تشير الى أن معلومة سرية وردت على مسامع أعوان الفرقة المركزية الأولى للحرس الوطني بالعوينة مفادها استعداد مواطن تونسي لمغادرة البلاد عبر مطار تونسقرطاج الدولي وبحوزته قطعة أثرية أو أكثر. ونظرا لخطورة الموضوع فقد أولوه العناية اللازمة وراقبوا تحركات المشتبه به في كنف السرية قبل أن ينجحوا في إيقافه بحالة تلبّس وبحوزته قطع يشتبه في كونها أثرية وذات قيمة مادية وتاريخية. وبإشعار السلط القضائية بالمستجدّات أصدر قاضي التحقيق الثاني بابتدائية تونس 1 بتاريخ 17 نوفمبر 2009 إنابة عدلية تولّى بمقتضاها أعوان الفرقة المركزية الأولى للحرس الوطني بالعوينة مواصلة البحث فأخضعوا الموقوف لتحريات مكثفة أدلى أثناءها باعترافات مثيرة قادت الى الكشف عن شبكة دولية لتهريب الآثار والاتجار فيها وتحويل إيداع منقولات محمية بمقتضى القانون. شقة تحوّلت الى متحف! اعترافات الموقوف قادت الأعوان الى العثور على كمية كبيرة من الأعمدة الرومانية ولوحات الفسيفساء وقطع السيراميك والتماثيل بشقة كائنة بجهة الفوارة ببئر بورقبة تبيّن- حسب ما يتردد- أنّ مواطنا انقليزيا اقتناها لتشييد وتجميل فيلا سجّل ملكيتها باسم مواطن تونسي. وأثناء المعاينة فوجيء المحققون بانتشار اللوحات الفسيفسائية على جلّ جدران المبنى فضلا عن الأعمدة الرومانية (العُرُص) والسيراميك وشواهد القبور وحوض روماني ومعصرة رومانية ما حوّل المحل الى متحف بأتم معنى الكلمة وقد تبيّن أن المواطن الانقليزي اقتنى هذه القطع من أشخاص يتاجرون في الآثار الرومانية وأيضا الإسلامية العربية. 6 موقوفين من الجم تواصلت التحريات ومع تقدّمها اكتشف الأعوان ترامي الشبكة وتفرْعها وتعدّد أطرافها. المرحلة الموالية قادت المحققين بالتنسيق مع وحدات أمنية أخرى إلى إيقاف ستة أشخاص قاطنين بمعتمدية الجمّ وحجز أكثر من مائة قطعة أثرية بينها رؤوس تماثيل رومانية كبيرة وصغيرة الحجم وقناديل داخل منازل بالجهة التي كانت شهدت قبل بضع سنوات حادثة ظلّت مجهولة وتمثلت في إقدام مجهولين على شدّ وثاق حارس المتحف الكائن بطريق صفاقس والتسلل الى المستودعات والاستيلاء على كمية من القطع الأثرية التي لم تُعرض بعد. الموقوفون الستة همْ من التجار ومن الذين قاموا أو شاركوا في حفريات بجهة الجم ولم تعرف بعد علاقتهم بالسرقة التي استهدفت مستودعات المتحف قبل سنوات. .. وتتواصل الأبحاث ومع تقدّم الأبحاث ارتفع عدد الموقوفين ليبلغ العشرات من بينهم مواطن انقليزي وآخر عراقي وثالث فرنسي ورابع إيطالي وامرأة انقليزية من أصول عربية وعدد من التونسيين بينهم رجال أعمال معروفين وتجّار وموظف وعمّال يوميين ومن المنتظر أن يرتفع العدد باعتبار أن الأبحاث مازالت متواصلة من طرف السلط الأمنية والقضائية كما أن مصالح المعهد الوطني للتراث بصدد معاينة وفحص المئات من القطع المحجوزة سواء بثكنة الحرس الوطني بالعوينة أو داخل «الفيلا» الكائنة بمنطقة الفوّارة بأحواز بئر بورقبة والتي وضعن تحت الحراسة الأمنية.