تونس الصباح من المؤكد ان امتلاك مسكن يبقى الحلم الاكبر لكل عائلة تونسية مهما كان وضعها الاجتماعي، لكن هذا الحلم يبقى صعب المنال بالنسبة الى الاغلبية أمام الارتفاع المهول لاسعار العقارات في بلادنا. فثمن الشقة الواحدة في احدى عمارات بعض الاحياء الراقية بضواحي العاصمة، أصبح يتجاوز ال400 ألف دينار. بل ان البيع اصبح متداول بطريقة المتر المربع ويكون سعر شقة لا تتجاوز مساحتها ال100 متر مربع 200 الف دينار اي بحساب الفي دينار للمتر المربع الواحد.أما ثمن الاراضي البيضاء،فلا يختلف كثيرا حيث اصبح ثمن قطعة ارض صالحة لبناء مسكن صغير في حدود ال 150 الف دينار في بعض الاحياء العادية... والمتأمل في هذا الواقع،يعتقد أن الباعثين العقارين هم المتسببون في هذا التضخم الهائل في اسعار العقارات وهو ما يدر عليهم مئات الملايين.لكن الشكوى أتت كذلك من هؤلاء حيث ذكر السيد منصف الكعلي رئيس الغرفة الوطنية للباعثين العقاريين ل«الصباح« أنّ الواقع العقاري للبلاد التونسية اصبح يعيش صعوبات جمة في السنوات الاخيرة وأن السكن الاجتماعي أصيب بشبه جمود باعتبار أن سعر التكلفة باتت لا تتلاءم مع سعر البيع سواء بالنسبة للباعثين الخواص او الباعثين الحكوميين. واضاف بان الحكومة واعية بهذا الاشكال لذلك صدر في الايام الاخيرة الامر المحدد لسقف سعر المساكن الاجتماعية بغاية دعم نشاط الباعثين والزيادة في المشاريع الخاصة بهذه النوعية من المساكن التي تعتبر الاكثر اقبالا. وهو ما سيساعد على بلوغ نسبة 90 بالمائة من عدد التونسيين المالكين للمنازل عوض 80 بالمائة اليوم. ويعد هذا التحدي احدى النقاط الواردة في البرنامج الانتخابي للرئيس بن علي 2009-2014. واكد الكعلي ان الباعثين العقاريين كانوا بانتظار هذا الامر منذ حوالي السنتين لاعطاء دفع اكبر لنشاطهم واحياء مشاريعهم خاصة أمام الازمة الاقتصادية العالمية التي مست قطاع العقارات في كل بلدان العالم. مصاعب القطاع وفيما يتعلق بالمصاعب التي يعاني منها القطاع ذكر رئيس الغرفة الوطنية للباعثين العقاريين ان مشكل المهنيين يتمثل اساسا في غلاء أسعار الاراضي وندرتها خاصة في تونس الكبرى.مشيرا الى الصعوبات التي تعترض حتى شركات البعث العقاري الحكومية كالوكالة العقارية للسكنى وشركة البحيرة للتطهير والاستصلاح والاستثمار تواجهان صعوبات في ايجاد الاراضي الضرورية لاقامة مشاريع. وهو عنصر يساهم بشكل كبير في ارتفاع اسعار الاراضي وبالتالي كلفة المساكن.زيادة على المضاربات التي يقوم بها حتى الباعثون العقاريون أنفسهم حيث تحول بعضهم الى مجرد سماسرة يشترون الاراضي ويبيعونها دون اقامة مشاريع عقارية فوقها. أما الاشكال الاخر حسب السيد الكعلي فيتمثل في غلاء الاسعار بصفة عامة. فاسعارمواد البناء في ارتفاع متواصل وكذلك تحول طبيعة المساكن حيث ان التونسي اصبح يرغب في الشقة المتوفرة على جميع الكماليات وعلى ارقى التجهيزات وعلى الرفاهية. واكد محدثنا أن الشقق الجديدة المشيدة في تونس لا يمكن ان تجد نظيرا لها حتى في باريس. وفيما يتعلق باتساع سوق المستثمرين،ذكر محدثنا ان عدد المستثمرين العقاريين يفوق اليوم ال1750 باعثا عقاريا، لكن عدد الناشطين لا يتجاوز ال200 باعث. هذا الارتفاع في الاسعار أدى الى تراجع تسويق المساكن الجاهزة،فبعد أن كان المشروع يباع برمته حتى قبل استكمال الاشغال،اصبحت عمليات البيع تتأخر حتى وصلت اليوم الى معدل 11 شهرا. وهو عنصر يؤثر بشكل كبير على نشاط وعمل الباعثين العقاريين. تحرير بيع المساكن للاجانب وامام هذا الاشكال كان لا بد من اتساع السوق والبحث عن سبل تسويقية،من ذلك امكانية فتح المجال للمستثمرين والباعثين العقارين لبيع المساكن للاجانب وهو ما يتطلب تنقيح القانون في هذا الاطارباعتبار أن القانون التونسي لا يتيح للاجانب امتلاك العقارات ماعدى المشاريع الصناعية والسياحية. وهو ما يؤيده السيد الكعلي الذي يؤكد على صعوبة تحرير بيع المساكن للاجانب والذي تتداخل فيه عديد الامور. وأيد محدثنا الخطوة التي تم اتخاذها فيما يتعلق بمشاريع سما دبي وبوخاطر حيث تم استثناء هذه المشاريع من التحجير الخاص ببيع العقارت السكنية للاجانب مشيرا أن هذه الخطوة ستساعد على استقطاب المستثمرين الاجانب وكذلك على منح الفرصة للالاف من الاجانب الراغبين في العيش في بلادنا من اقتناء مساكن بها خاصة ان تونس آمنة ويحلو فيها العيش 6 اشهر على الاقل في العام. ويذكر أن تونس تحتل وفق دراسة انجزها مكتب الاستشارة الدولي المختص في مجال الاستثمار العقاري »انترناشنل ريل استايت انفستمنت غامبلز- 2009« المرتبة الرابعة عالميا باعتبارها بلدا صاعدا ومستقرا يوفر افضل الفرص في مجال الاستثمار العقاري.