كيف.. لماذا.. وهل هناك تفسير وتبرير لهذا الذي جرى مساء الخميس في ملعب المنزه وهل هذا الذي جرى يدخل في عقل أي عاقل.. الواقع أنه من حقي ومن حق غيري أن يتساءل في دهشة وذهول كيف تسمح بعض الجماهير الرياضية والرياضة منهم براء أن تتصرف بذلك الشكل المتهور والمتخلف لم أجد لهذا الذي جرى تفسيرا مقنعا ومفيدا لقد تدخلت آلهة الحظ ولم تتحول موجة التهور إلى مأساة إنسانية كتلك التي عرفَها ذات يوم ملعب بوجمعة الكميتي بباجة. وأتصور أن الرابطة الوطنية ومعها سلطة الاشراف مطالبون الآن وقبل كل شيء آخر بالضرب وبقوة على أيدي كل من يريد أن يعبث بمكاسبنا وقيمنا وروح التحضر المتأصلة فينا حتى نضمن نهاية موسم كروي يليق بنا كبلد راهن على الشباب وأعطاهم بغير حساب راجيا وآملا أن يجدهم كالسد المنيع أمام كل من يريد أن يسىء لهذا الوطن العظيم. إن الجماهير الرياضية من رواد ملاعبنا ومتتبعي بطولتنا «المحترفة» لا تملك الثقافة الكروية الأصيلة التي تجعلها ترى وتسمع وتقبل أن ينهزم فريق كبير في حجم الترجي أو الافريقي أو النجم أو النادي الصفاقسي وأن تكون الهزيمة أمام فرق من الصف الثاني في هذه البطولة وعدم القبول بالوقائع ومنطق الاشياء والأحداث هي التي أحدثت النشوة الفوارة التي شهدها ملعب المنزه في أمسية حزينة بكل المفاهيم والمقاييس وكان خلالها المشهد أقرب الى مأتم بلا دموع.. وفي ظني وتقديري أن ما جرى في تلك الأمسية الحزينة له سببان. * أولهما : الإزدواجية المخيفة التي تسيطر على تفكير وتصريحات وتصرفات بعض الكوادر الرياضية. * ثانيهما : إعلامنا الرياضي المرئي والمكتوب والذي يشحن ويعبىء دون تقدير بالصورة والقلم في برامج ومقالات تسعي الى الإثارة بل تهرول نحوها في سباق محموم تعرى خلاله بعضهم حتى من ورقة التوت التي توفر ولو قدر أدنى من الحياء وفي غياب يكاد يكون كليا للحسين السياسي والإجتماعي. ومزيج إزدواجية التفكير والتصريحات والتصرفات وبعض الاعلام الرياضي المحكوم بعمى الألوان مزيج بالغ الخطورة.. إن ما جرى في ملعب المنزه يعطينا فرصة قد لا تتكرر لاعادة ترتيب البيت الكروي ووضع النقاط على الحروف ورسم خارطة طريق جديدة لها حدود وخطوط لا يمكن تجاهلها ولا يمكن تجاوزها مستمدين ضوءا كاشفا مما حدث دون تردد أو إحجام حتى لا تضيع الفرصة وتتسرب من قبضة أيدينا كحفنة من رمال.. والرد والردع فيما أظن يبدأ من هنا بعيدا عن الشك والتشكيك في قدرة هياكلنا على فرض الإنضباط وإذا كان الشك ينخر عند الأساس فمن المؤكد أن هذا الشك ينعكس بعد ذلك على كل شيء. ولا يجب ان يغيب عن مكتب الرابطة المحترفة أن التعامل مع المقابلات الكبرى أو ما يسمي بمقابلات القمة له حساباته المعروفة التي يمكن تقديرها أما التعامل مع بعض المقابلات التي لا يوليها أي كان الأهمية فإن الحسابات ستكون مجهولة والمفاجآت قائمة في أي وقت وفي أي ملعب أقول ذلك وأضيف أني شخصيا لست من أنصار تحميل الرجال أكثر مما يحتملون كما أني لست من الذين يكتبون صكوك البراءة ويوزعونها على الحابل والنابل بحق وبدون حق وبالعمد وبالقصد. فلتذهب كل بطولات العالم إلي الجحيم أمام صورة تونس وعزة تونس ومناعة تونس وصون شبابها من داء العنف.