تونس الصباح حركية كبيرة تعيشها هذه الايام ادارة الابحاث الاقتصادية ولعل الامر طبيعي لانه وللأسف خلال شهر الصيام وكلما كثفت المراقبة تدخلاتها وشددت قبضتها بين قوسين وعزمها على مراقبة الاسواق وحركية البيع والشراء والاسعار ووضعت برامج وفرق للغرض الا وقوبلت تدخلاتها بالمزيد من المخالفات بجميع انواعها سواء المتصلة بالغش في الموازين او البيع المشروط والترفيع في الاسعار وعدم اشهارها.. وغير ذلك من اصناف التحيل التي يقدم عليها الباعة والتجار وكأنهم يترقبون بفارغ الصبر شهر رمضان لممارسة كل اصناف الربح غير المشروع على حساب جيب المواطن المثقل اصلا بمصاريف رمضان والعودة المدرسية وسبقتهما مصاريف الخلاعة. والغريب في الامر انه تطالعنا كل شهر رمضان النشرات اليومية الصادرة عن ادارة المراقبة الاقتصادية محملة بنشاط مراقبة الاسواق وبشتى اصناف وانواع المخالفات والتي تنجم عنها وبطبيعة الحال محاضر وخطايا تجاه المخالفين مما يجعلك تفكر احيانا في ان هذه المخالفات قد تردع هؤلاء ويكونون عبرة لغيرهم، لكنك سرعان ما تكتشف وبمجرد قراءة حصيلة المراقبة لليوم التالي ان الخطايا والمحاضر لم تنتجح في التصدي للتجاوزات وان دار لقمان على حالها فالمراقبة تراقب وتخطي المخالف والتاجر يتمادى ويرتكب مخالفة أخرى واخرى. الاغرب تلاحظه عند مرافقة اعوان المراقبة في تدخلاتهم في الاسواق حينها تقتنع بالمثل القائل «اللي يسرق يغلب اللي يحاحي» وهذا فعلا ما حصل يوم السبت الفارط عند مرافقتنا لتدخل جماعي لفرق المراقبة الاقتصادية في عدد من الاسواق. تدخلات جماعية تجدر الاشارة هنا الى ان برمجة التدخلات الجماعية لمجموعة من فرق المراقبة تتم يوميا استنادا الى الملاحظات الواردة عن طريق فريق المراقب الملاحظ او عن طريق الرقم الاخضر والتشكيات الواردة من المواطنين وقد شملت عمليات التدخل ليوم السبت الفارط كلا من السوق البلدية بمرناق والسوق الاسبوعية بحمام الانف الى جانب السوق البلدية بالزهراء.الى جانب المخالفات التي تم رفعها في هذه الاسواق والبالغ عددها 112 مخالفة تراوحت بين عدم اشهار الاسعار والترفيع في الاسعار وعدم مسك وصولات شراء سجلنا جملة من الملاحظات حول الصعوبات والسلوكيات التي يقدم عليها التجار وتحد من نجاعة وعمل المراقبة في القضاء على مظاهر الغش في الاسواق. صعوبات وعراقيل اول هذه الصعوبات التي يواجهها عون المراقبة الاقتصادية عند تدخله في الاسواق هي صعوبة الكشف عن هويات المخالفين لتسحيل محضر المخالفة في ظل رفض البائع في اغلب الاحيان الكشف عن اسمه او اسم مشغله حين يضبط في وضعية مخالفة ويكون جواب البائع في هذه الحالة «معنديش بطاقة تعريف.. ما نعرفش..» هذا الامر يدفع باعوان المراقبة الى الاستنجاد باعوان الامن وغالبا ما تنتهي القصة في مركز الامن. ويشير اعوان المراقبة في هذا السياق ان السبب الرئيسي في هذا الاشكال هو غياب مكتب للبلدية في هذه الاسواق وان وجدت فلا تقوم بدورها في اغلب الاحيان للكشف عن هوية الباعة. يواجه عمل المراقبة الاقتصادية كذلك نقصا في عدد المراقبين لتغطية جميع الاسواق. يمثل سلوك الباعة والتجار ايضا احد الصعوبات بل اهمها التي تحد من نجاعة عمل المراقبة ذلك ان الكثير من التجار وبمجرد خروج فريق المراقبة يعودون الى ارتكاب المخالفات وسرعان ما تستبدل لوحات اشهار الاسعار فور دخولهم الى السوق في ظل وجود عيون تراقب اعوان المراقبة!! على ابراب الاسواق وتنبه الجميع فور وصولهم حتى وان حاول المراقبون ترك السيارات بعيدا عن السوق. بعض السلوكيات الاخرى تصل الى حد التعدي على اعوان المراقبة لفظيا وجسديا كما تجد البائع يصر على عدم ارتكاب المخالفة ويجادل بكل الطرق حتى بالقسَم كذبا. قسم آخر من الباعة يعود الى صنيعه حتى بعد حصوله على خطية مالية.. الامر الذي يجعلك تجزم انه حتى وان وضع لكل بائع مراقب سيرتكب مخالفة في شهر رمضان فهل اصبح الغش والتحيل سنة في شهر الصيام؟!