عروض لفرق موسيقى الجاز البلجيكية ولعازفين تونسيين تنتظم الدورة السادسة من تظاهرة «الوان من الجاز» في الفترة من 8 الى 10 من الشهر الجاري بقصر النجمة الزهراء دار البارون ديرلنجي بسيدي بوسعيد، وتندرج هذه التظاهرة في سياق مشروع الشراكة بين مركز الموسيقى العربية والمتوسطية من جهة ومؤسستين موسيقيتين تعليميتين ببروكسيل وهو مشروع مدرج ضمن اتفاقية التعاون المشترك بين تونس والمجموعة الناطقة بالفرنسية ببلجيكا. وتشارك في هذه الدورة، التي تتضمن 5 عروض موسيقية موزعة على3 سهرات ثلاث فرق من فرق موسيقى الجاز البلجيكية بالاضافة الى فرقتين بقيادة عازفين تونسيين مقيمين بالمهجر، هما عازف السكسفون ياسين بولعراس وعازف البيانو المنصف جنود وتنتظم في اطار هذه الدورة اقامة فنية حول مشروع يحمل عنوان «الفندق» ويتمحور هذا المشروع حول اللقاء وحفاوة الاستقبال من خلال رمزية مكانية تتمثل في الفندق. ومعروف ان الفندق هو عبارة عن مؤسسة برزت للوجود في العالم المتوسطي، منذ قرون عدة، لعلها ترقي الى الحقبة العتيقة، كمكان يلتقي فيه المسافرون والتجار المنتمون لمختلف الثقافات والحضارات ويلقون فيه حسن القبول والترحاب والراحة المنشودة بعد عناء السفر وقد تكون لفظة «الفندق» ذات جذور يونانية حيث كان الاغريق يطلقون لفظة «بندوكيون» على (البيت الذي يستقبل الجميع) ثم انتقلت اللفظة الى اللاتينية لتصبح «فندوكيوم» ومنها اشتق العرب لفظة «فندق» ومن العربية اشتق الأسبان لفظة «فونداكوس» ومنها اشتق الايطاليون عبارة «فونداكو» اما في صقلية، فتطلق لفظة «فناكو» على الخان الذي يستقبل اصحاب عربات النقل المجرورة بالدواب، وكان «الفناكو» يحتضن مساجلات موسيقية مرتجلة، يغني خلالها اصحاب العربات اغان خاصة بهم اندثرت تماما او تكاد وتختم هذه الاغاني التي هي بالاساس اغان عاطفية تغنى بدون مرافقة الية بدعوة يوجهها المغني الى المغني التالي كي ينوبه ويواصل الغناء. وتفتح الدورة بعرض «الفندق» الذي هو ثمرة عمل بحثي وتوثيقي قام به عازف السكسفون البلجيكي ذي الاصل الصقلي بيار فيانا ويشارك فيه بالاضافة الى ثلاثة موسيقين بلجيكين موسيقيان من الجزائر وموسيقيان من تونس. وعلى غرار الدورات الخمس السابقة تشتمل الدورة السادسة هي الأخرى بالاضافة الى العروض الموسيقية مجموعة من الورشات والدورات التكوينية في موسيقى الجاز موجهة للطلبة المنخرطين في مدرسة الجاز المدرج في سياق مشروع الشراكة التونسية البلجيكية(مقاطعة والونيا بروكسيل) وستركز هذه الورشات على الات القيتارة والبيانو والسكسفون وسيقدم المشاركون في هذه الورشات عرضا بخمسة عشر دقيقة في السهرة الختامية للتظاهرة جذور موسيقى البلوز والجاز هذا مع العلم أن موسيقى الجاز ذات تاريخ وتعبر عن ثقافة وعندما نتكلم عن انواع الموسيقى المميزة من «الجاز» Jazz والموسيقى الحزينة المعروفة باسم «البلوز» blues واصولها نقول انها وثيقة الارتباط بالولاياتالمتحدةالأمريكية ورغم ان هذا النوع من الموسيقى يعد من اهم اسهامات الامريكيين في التراث الموسيقي العالمي، الا انه لا يمكن القول ان الفضل في تطور اشكال وانواع هذه الموسيقى يرجع الى الامريكيين من اصول اوروبية ممن جاؤوا الى العالم الجديد، او حتى الى سكان البلاد الاصليين من الهنود الحمر وموسيقى البلوز هي نتاج تغيرات اجتماعية في غاية الاهمية تأثر بها على وجه الخصوص الامريكيون الافارقة في العقود الاولى من هذا القرن ومن اهم هذه الأحداث والتغيرات هي الهجرة الكبرى نحو شمال الولاياتالمتحدة، واحداث الحرب العالمية الاولى، ثم السنوات من التدهور الاقتصادي الذي شهدته الولاياتالمتحدة المعروف تاريخيا باسم «الكساد العظيم» Depression the Great وساهمت موسيقى البلوز الكلاسيكية في تطوير موسيقى الجاز والبلوز الحديثة حتى انها أصبحت المكون الاساسي في تركيبة الموسيقى الشعبية الامريكية، كما انها السبب في ظهور الكثير من مغنيين البلوز الشعبيين الذين فضلوا الغناء بالأسلوب الكلاسيكي القديم بمحض اختيارهم وذلك لاصالة هذا النوع من الغناء الذي يثير الشجن في النفوس، ولا يمثل اساطين الغناء في مجال موسيقى البلوز امثال بي بي كنيج B.B.king وجميس برون james brown واوتيس سبان otis spann سوى قطرة في النهر الفياض لهذا النوع من الموسيقى الذي مازال يغترف منه محترفو الغناء والموسيقى حتى يومنا هذا، ومن ناحية اخرى نجد على ساحة موسيقى الجاز أسماء براقة ولامعة مثل لويس ارمسترونج Louis Armstrong وديوك اللينجتون Duke Ellington ومايلز دافيس Davis miles الذين بلغت شهرتهم الافاق العالمية، كما لا يجب ان نغفل الأصوات النسائية التي لا تقل شهرة وبريق عن هؤلاء المغنيين الرجال فهن اللاتي سحرن الاذان باصواتهن الدافئة وكلماتهن الرقيقة. يرجع اصل كلمة «بلوز» blues الى عبارة ممسوس بالعفاريت الزرق «او تعني الشخص الواقع تحت سيطرة العفاريت التي تسبب الاحباط والياس والحزن، ولا يعرف على وجه اليقين من الذي قام بادخال هذا المصطلح the blues الى قاموس اللغة الانقليزية ولكننا نعلم ان اصول المصطلح ترجع مباشرة الى الامريكيين الافارقة الاوائل الذين نظموا كلمات هذه النوعية من الأغاني، وكذلك رجال الدين السود الذين ترنموا بهذه الأناشيد التي غلب عليها طابع الحزن. ويجمع بين اصول هذا النوع من الغناء انها كلها كانت من اهم صور التعبير عما يجيش بصدور هؤلاء الفئة المضطهدة ولاسيما في الأعوام الاولى التي عاش فيها السود في امريكا بعد هجرتهم القسرية اليها وبما ان قدومهم الى الولاياتالمتحدة كان جبريا ولا خيار لهم فيه، كان من اللازم ان يتكيفوا مع الثقافة الاوروبية الامريكية، ومن ثم تأثر الموسيقيون والمغنون السود بقصائد الشعر الغنائية الاسكتلندية والترانيم الكنسية لاصحاب مذهب الميثوديست والمعمدان، كما تاثروا بالطريقة الغربية لاستخدام الالات الموسيقية المصاحبة، وقام المهاجرون بمزج كل هذا بالأصوات والتقاليد الموسيقية الافريقية ليتمخض عن ذلك انواع جديدة وفريدة من الموسيقي، لا يضاهيهم فيها احد، الا وهي موسيقى البلوز وموسيقى الجاز كما نعرفها اليوم. وانتقلت جميع الخصائص الاصيلة للموسيقى الافريقية - التي تختلف كلية عن الموسيقى الاوروبية - الى موسيقى البلوز ومن هذه الخصائص او المميزات على سبيل المثال، الارتجال والتركيز على الايقاع اكثر من توافق الانغام، اضافة الى استعمال نبرة مميزة اوتغيير حدة الصوت للتعبير عن معنى مختلف، وكذلك ترديد المجموعة وراء المغني واستخدام الالات المصاحبة التي تشبه الاصوات الادمية للتركيز على مقاطع معينة من كلمات الاغنية، وقد تنغى بهذه النوعية من الموسيقى العبيد الافارقة الذين سخروا للعمل في المزارع الامريكية المملوكة للبيض، وكانت نوعا من التسلية بالنسبة لهم اثناء اداء هذه الاعمال الشاقة، ومن ناحية اخرى كانت تعكس الوقائع والاحداث التي تمر في حياتهم اليومية وتقول الين سوثرن southern eileen مؤلفة كتاب «موسيقى الامريكيين السود» او american the music of black ان هناك ثلاث حالات كان يغني فيها السود هذا النوع من الاغاني وذلك اثناء المناسبات الدينية وفي مواسم الحصاد وفي اثناء عمل الرجال والنساء في الحقول، وصحب هذا الغناء التعبير عن الاحاسيس والمشاعر الشخصية، الذي ظهر بجرأة غير عادية في صورة صيحات تحمل جميع معاني الحزن والأسى والمعاناة التي اثخنتهم بجراح الكآبة معبرين بذلك عن واقعهم المرير في تلك الفترة وبالعودة الى الدورة السادسة من تظاهرة «الوان من الجاز» فان البرنامج سيكون على النحو التالي الخميس 8 نوفمبر: عرض الفندق: بيار فايانا (سكسفون سبرانو وبحث وانتاج) فابيان فيوريني (بيانو)، كارلو ريتزو (ايقاع) حافظ عبد العزيز (باطري) نجيب قعمورة (قيتارة جهيرة) - ثلاثي بيار فندرمال بيار فندرمال: (قيتارة والحان)، لارا روسيل (كنترباس)، دفيد برودرز (باطري). يوم الجمعة 9 نوفمبر خماسي «دراس كود» ياسين بولعراس (كسفون) سيمون تايو (كنتر باص)، سدريك باك (باطري) اوليفياي لاسناي (ترومبيت) بنجامين راندو (بيانو) المنصف جنود (بيانو) بمشاركة فوزي الشكيلي (قيتارة) سيمون تايو (كنترباص) سدريك باك (باطري) يوم السبت 10 نوفمبر عرض للمشاركين في الدروس المتقدمة في اطار مشروع مدرسة الجاز (15د) رباعي كانتان ليجوا كانتان لياجوا (قيتارة) باسكال موه (بيانو) سدريك رايموند (كنترباص) الكس تريبودي (كمنجة).