قال السيد حامد النقعاوي مسشار نزاعات الدولة إن مرسوم مصادرة أملاك وأموال الرئيس المخلوع وعائلته وأصهاره الموجودة بتونس قد لا يحظى بمصادقة مجلس النواب بعد عودته إلى النشاط وذلك بمقولة عدم دستوريته، وقد ينجر عن ذلك استرجاع المعنيين بالأمر أو بعضهم تلك الأموال المصادرة، وهكذا يكون المرسوم قد ترك منفذا للجناة لاسترجاع الأموال المصادرة. وبين النقعاوي ل"الصباح" أن هذا الإخلال قد يثير امتعاضا دوليا وقد ينجر عنه تعطل استرجاع الأموال المهربة، ودعا القضاء التونسي إلى عدم التسليم بوقوع المصادرة تشريعيا، وإنما عليه مواصلة التمشي نحو إصدار الحكم بالإدانة وإردافه بالمصادرة تأسيسا على القانون عدد 75 لسنة 2003. كما دعا إلى وجوب " قصر نطاق المصادرة التشريعية على الأموال الموجودة خارج التراب التونسي، وإن جاءت صيغة المرسوم واضحة في شمول الأموال الموجودة بتونس فلا ضير من الإصلاح حالا." وأوضح إن مصادرة الأملاك لفائدة الدولة هو عقوبة تكميلية تقضي بها المحكمة الزجرية طبقا لمقتضيات الفصل 5 من المجلة الجزائية، ومع ذلك نجد الحكومة المؤقتة تصادر أموال عائلة الرئيس المخلوع وأفراد عائلته وأصهاره بمرسوم تم اتخاذه بناء على تفويض من مجلس النواب على معنى الفصل 28 من الدستور. مشيرا إلى أن مسألة اختصاص السلطة التشريعية بالمصادرة ترتقي إلى مستوى دستوري بحيث أن الأمر يتعلق بتطبيق مبدإ الفصل بين السلط المكرس دستوريا، وقال "إن اختصاصات السلطة القضائية في هذه الحالة ليست تلك الاختصاصات الممنوحة لسائر المحاكم الوطنية بنصوص إجرائية يسوغ الخروج عنها بمجرد نص تشريعي وإنما نحن بصدد اختصاصات السلطة القضائية المبينة بالدستور". وقال مستشار نزاعات الدولة أن الحكومة المؤقتة استندت في إعداد مشروع مرسوم المصادرة إلى مقتضيات اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي أقرت مبدأ الاختصاص القضائي بالمصادرة في مجمل نصوصها، لكنها استثنت من هذا المبدإ صورة خاصة وردت بالفقرة "ج" من الفصل 54 من الاتفاقية وجاء بها أنه يجب على الدول الممضية "النظر في اتخاذ ما قد يلزم من تدابير للسماح بمصادرة تلك الممتلكات دون إدانة جنائية في الحالات التي لا يمكن فيها ملاحقة الجاني بسبب الوفاة أو الفرار أو الغياب أو في حالات أخرى مناسبة". يذكر أن التشريع الوطني شمل قانونا يتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال وهو القانون عدد 75 لسنة 2003، لكن هذا القانون أقر الاختصاص القضائي بالمصادرة دون استثناء، وبذاك فإن الأساس الوحيد لاختصاص السلطة التشريعية بالمصادرة هو اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. لكن نطاق تلك الاتفاقية قاصر عن شمول الممتلكات الكائنة بالتراب التونسي، إذ تتعلق بالأموال الموجودة بتراب دولة غير التي تضررت من جرائم الفساد شريطة أن تكون كل من الدولتين طرفا في الاتفاقية، وهو ما نص عليه الفصل 54 المستند إليه. وخلص النقعاوي بأن اختصاص السلطة التشريعية بالمصادرة يجب أن يقتصر على الأموال الموجودة خارج التراب التونسي أما غيرها من الأموال فيجب أن تعود إلى الدولة بموجب حكم قضائي محرز قوة اتصال القضاء.