آسيا العتروس من حق تونس وهي التي لم تتأخر في تحمل مسؤولياتها الانسانية والاخلاقية والسياسية والحضارية عندما قررت فتح حدودها لاحتضان عشرات الآلاف من اللاجئين الذين نزحوا اليها هربا من الجحيم الليبي، ان تطالب المجتمع الدولي بدوره ان يكون في حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وان يعجل بالتحرك لتخفيف العبء الثقيل الذي تحمله حتى الان وباقتدارالشعب التونسي. ان الامرلا يتعلق بعملية استجداء رخيصة ولا بطلب منة فتونس، بكل بساطة، التي فاجات العالم بثورتها ارفع واكبر من ذلك, وقد اكد الشعب التونسي بمختلف فئاته وهو الذي لم يتردد في استقبال اللاجئين كرمه اللامحدود رغم ما يعيشه من ضيق وخصاصة، لاسيماعندما يتعلق الامر بتلبية نداء المستغيث. للاسبوع الثاني على التوالي تواصل بالامس توافد الاف النازحين العرب والافارقة والاسيويين الهاربين من ليبيا بحثا عن ملجإ آمن عبرالحدود التونسية بما ينذر بتفاقم الازمة الراهنة وتحولها الى كارثة انسانية وشيكة, كل ذلك فيما يستمر صمت المجتمع الدولي ومعه الدول الاوروبية التي سارعت بايجاد حلول فردية حرصت من خلالها على اقامة جسور جوية وبحرية لانقاذ مواطنيها على عجل متجاهلة دعوات وصرخات الاستغاثة المتكررة التي ما انفكت تطلقها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة بضرورة التحرك العاجل تفاديا للاسوإ. من راس جدير الى بنقردان ومدنين وجربة لا يبدو الانفراج قريبا بعد ان وقع استنفاد كل الامكانيات المتوفرة لاستيعاب النازحين وتوفير ما يحتاجونه من خدمات انسانية وطبية. فقد تجاوز عدد النازحين من مختلف الجنسيات كل التوقعات بعد ان كشفت لغة الارقام ان مائة الف لاجئ اضطروا للهروب من ليبيا على مدى الاسبوعين الماضيين. واذا كان بضعة آلاف من هؤلاء قد تمكنوا من المغادرة عائدين الى اوطانهم فان اكثر من النصف مازالوا في انتظار تحرك عاجل يمكن من اقامة الجسور البحرية والجوية لتيسيرعودة تأخرت اكثر مما كان ينبغي. لقد وقفت تونس وهي التي تعاني من تفاقم الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وغيرها بمختلف فئاتها الشعبية وقفة مسؤولة وفتحت ذراعيها لاستقبال اللاجئين واكرامهم وحرصت على ان توفر للجميع احتياجاتهم التي تفوق طاقة البلاد الراهنة كما تجند الجيش للاهتمام بالمتوافدين وحمايتهم كل ذلك فيما سارعت منظمات الهلال الاحمر والكشافة التونسية وعديد المتطوعين وحتى العائلات التونسية الى فتح بيوتهم وايواء اللاجئين في انتظار الفرج. لقد بلغت حجم الخسائر التي ابتليت بها تونس خلال نهاية الاسبوع في اعقاب عمليات السلب والنهب والحرق التي استهدفت عديد المؤسسات الاقتصادية في قلب العاصمة نحو سبعين مليون دينار كحصيلة اولية في انتظار الحصيلة النهائية لكل الخسائرالتي تكبدتها البلاد خلال الايام القليلة الماضية بما يزيد في حجم الاعباء الاقتصادية الضخمة للبلاد وحجم المعاناة التي يمكن ان تضاف بسبب ازمة اللاجئين وما تستوجبه من حلول لا تقبل المماطلة اوالتاجيل والابتزاز وهي حلول تستوجب دون شك تحرك المجتمع الدولي بشكل جدي وفاعل. مرة اخرى، وبعد شهر ونصف على موعد الثورة الشعبية التي لا تزال تلهم بقية الشعوب العربية المتعطشة للحرية تقف تونس وهي التي تعيش وضعا اسثنائيا في مواجهة اكثر من ازمة اقتصادية وسياسية وامنية لتقدم للعالم درسا في مفهوم التضامن والانسانية، فهل يعجز المجتمع الدولي اليوم عن تحمل ثقل المسؤولية التي اقدمت تونس على تحملها منفردة ؟