طرابلس وكالات أفادت معلومات صحفية من ليبيا أمس بأن العاصمة طرابلس تتعرض إلى حملات مداهمة واعتقال من قبل ميليشيات القذافي في محاولة للقضاء على ثورة الشباب، مشيرة في هذا الصدد إلى أنه تم القبض على رئيسة رابطة الصحافيين الآنسة الصحافية سالمة الشعاب وعلى الصحافية بصحيفة الجماهيرية سعاد السويحلي بعد أن تحدثا عن الأوضاع في ليبيا عبر القنوات الفضائية «الجزيرة» و«العربية». يأتي ذلك فيما استهدفت غارة جوية أمس مدينة البريقة، شرق ليبيا الخاضعة لسيطرة الثوار وذلك غداة مواجهات مع قوات موالية للنظام اسفرت عن سقوط 12 قتيلا على الاقل. وكانت اللجان الثورية قد هددت الصحافيين والإعلاميين وكذلك المتصلين بالقنوات الفضائية بإهدار دمهم. فقد أصدر مجموعة الإعلاميين والصحافيين الليبيين الشرفاء بالعاصمة الليبية طرابلس الذين تخلوا عن نظام القذافي وميلشياته ومرتزقته للشعب الليبي الأمن بيانا أكدوا فيه أنهم يريدون أن يبينوا للعالم أنه قد تم إعاقتهم عن العمل بوقف كل وسائل الاتصالات التي يفرض سيطرته عليها ابنه الأكبر محمد. وأضاف البيان «نعلن قيام النظام الإرهابي هذه الأيام بمسح آثار جريمته التي اقترفها ضد شعبنا الأعزل، بقيامه بتنظيف مدينة طرابلس من بقايا المحرقات والمتاريس وطلاء الشوارع من الكتابات المناوئة للنظام، ليظهر لوسائل الإعلام التي جلبها والتي نشك في مصداقيتها بأن الحياة في طرابلس العاصمة على ما يرام، وبأن ما يقال عار من الحقيقة. ووردت أخبار عن اعتقال بعض الشباب في طرابلس كما تم أمس بمنطقة عين زاره بجوار طريق المشتل إطلاق النار في محاولة للقبض على أحد المواطنين والذي قيل أنه من مدينة درنة واجبر المصلين بعد صلاة المغرب على عدم الخروج من الجامع في المنطقة حتى لا يصيبهم الرصاص.
ثوار البريقة يعدون بالنصر
وفي الشرق الليبي، قصف طيران القذافي أمس مدينة البريقة النفطية، التي تعتبر ايضا محورا مهما على الطريق الى بنغازي معقل الثوار الأكبر. وللمرة الاولى منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية على نظام القذافي في الخامس عشر من فيفري الماضي، اعتقلت القوات الموالية للنظام ثلاثة جنود هولنديين خلال عملية اجلاء كانت تتم في مدينة سرت الليبية مسقط رأس القذافي، حسب ما اعلنت هولندا. واعلن الثوار من جهة ثانية انهم اسروا نحو مائة من المقاتلين الموالين للقذافي خلال هجوم مضاد شنوه أول أمس الاربعاء في البريقة. وافاد سكان في البريقة بأن عناصر من الموالين للقذافي اقتادوا بالمقابل خمسة من سكان المدينة معهم اثناء انسحابهم منها بعد هجومهم الذي اوقع 12 قتيلا وشارك فيه الطيران والمدفعية الثقيلة. وارسل الثوار صباح الخميس مقاتلين من اجدابيا (70 كلم شرق البريقة) لنصرة اخوانهم في البريقة التي يؤكدون انهم لا يزالون يسيطرون عليها. وقال عبد الفتاح المغربي المسؤول في مستشفى البريقة ان «طائرات حربية القت قنبلة على القطاع الواقع بين الشركة النفطية ومنطقة سكنية» من دون ان يشير الى وقوع ضحايا. في حين شاهد مراسل لوكالة فرانس براس في المكان فجوتين في الارض قرب المصفاة. وقال مهندس يعمل في المصفاة طالبا عدم الكشف عن اسمه «من المهم جدا حماية البريقة لان سيطرة انصار القذافي عليها سيمكنهم من التوجه نحو اجدابيا. وهي المدينة التي تعتبر اساسية بالنسبة لهم لانها تتيح وصل الغرب بالشرق والجنوب». كما قال الموظف محمد خانيس الذي يعمل ايضا في الموقع النفطي «في حال سيطروا على شركة البريقة النفطية سيكون بامكانهم قطع الكهرباء عن بنغازي».
مرتزقة من تشاد
وفي بنغازي اشار متحدث باسم المعارضة الى قيام الجيش الليبي بتعزيز قواته باتجاه رأس لانوف على بعد نحو مائة كلم غربي البريقة. وقال «ننتظر لنرى ان كانوا سيهاجمون ام انهم سيكتفون بتعزيز مواقعهم». وافاد هذا المتحدث بأن «مرتزقة» من تشاد يدعمون عناصر الجيش الليبي. واضاف «لا نعرف عددهم الا انه كبير». وكان الثوار الليبيون طالبوا أول أمس الاممالمتحدة بالسماح بضربات جوية تستهدف هؤلاء «المرتزقة». وقال المتحدث باسم المعارضة عبد الحفيظ غوقة في مؤتمر صحفي عقده في بنغازي «ندعو الاممالمتحدة واي منظمة دولية مسؤولة الى السماح بضربات جوية على مواقع ومعاقل المرتزقة الموالين للقذافي». واضاف غوقة «نطالب بضربات محددة على قوات المرتزقة». واضاف قائلا ان المرتزقة يأتون من دول مثل النيجر ومالي وكينيا بعد ان جندهم نظام القذافي لكي يستيعدوا المدن الواقعة شرق البلاد والتي باتت بايدي المتمردين. وكان مسؤولون في شمال مالي اعلنوا ان الزعيم الليبي جند مئات الشبان من الطوارق القادمين من مالي والنيجر وبينهم متمردون سابقون لمحاربة المتمردين عليه. وكان ابراهيم الدباشي نائب السفير الليبي لدى الاممالمتحدة قال في وقت سابق ان المنظمة الدولية قد تؤيد فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا اذا طلب مجلس وطني انتقالي انشأه الثوار في ليبيا ذلك بشكل رسمي. واضاف الدباشي، وهو أحد اوائل الدبلوماسيين الليبيين الذين نددوا بالعقيد الليبي معمر القذافي وانشقوا عليه، في تصريحات لقناة الجزيرة انه يعتقد ان المنظمة الدولية «ستصل الى قناعة» بأن هناك حاجة لمثل هذا الاجراء اذا طلبه المجلس الانتقالي. وقال «المطلوب في الوقت الحالي ان نطلب ذلك رسميا من الاممالمتحدة». وتابع قائلا «اعتقد ان حظر الطيران هو خطوة ضرورية جدا وأي تأجيل لهذه الخطوة معناه سفك المزيد من دماء الليبيين». وتفيد الرابطة الليبية لحقوق الانسان ان القمع اوقع حتى الان نحو ستة الاف قتيل بينهم ثلاثة الاف في طرابلس والفان في بنغازي. والرقم المتعلق ببنغازي يفوق باضعاف ما قدمته مصادر طبية في المدينة (220 قتيلا) ومصادر اللجنة الدولية للصليب الاحمر (250 قتيلا). ويتعامل المجتمع الدولي بحذر مع فكرة التدخل العسكري في ليبيا حتى ولو اقتصر على اقامة منطقة حظر جوي. وقال الامين العام للحلف الاطلسي اندرز فوغ راسموسن الخميس ان الحلف لا ينوي التدخل عسكريا الا انه يتحضر «لمواجهة اي احتمال».
اجتماع أوروبي عاجل
ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون وزراء الخارجية الاوروبيين الى اجتماع استثنائي مخصص لليبيا في العاشر من مارس الجاري عشية قمة الدول ال27 حول المسألة نفسها، كما اعلنت ناطقة باسمها أمس. ومن ناحية أخرى، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إن ثمة اقتراحا بإرسال مبعوثين دوليين إلى ليبيا للتفاوض على إنهاء الأزمة. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة رويترز للأنباء أن الاقتراح الذي تقدم به الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز يحظي بموافقة الزعيم الليبي معمر القذافي. وقالت الوكالة إن محادثة هاتفية جرت الليلة قبل الماضية بين القذافي وشافيز حول مقترح إرسال المبعوثين الدوليين. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية إنه أجرى مشاورات مع عدد من الزعماء حول المقترح الذي مازال قيد الدراسة ولم يتم الاتفاق عليه بشكل قطعي بعد. وقال وزير الاعلام الفنزويلي اندريس اثارا ان الحكومة الليبية وليبيا ترحبان بالوساطة الدولية التي عرضها الرئيس الفنزويلي.
حملة خليجية
في خضم هذه التطورات، أيدت دول الخليج العربية بقيادة المملكة العربية السعودية خلال اجتماع مجلس الجامعة العربية أول أمس فرض حظر جوي على ليبيا. وقالت مصادر دبلوماسية ان الاردن كان متحمسا للموقف الخليجي، فيما عارضت بشدة فرض اي حظر جوي كل من سوريا والجزائر والسودان. واكدت المصادر ان الولاياتالمتحدة طلبت من دول الخليج استصدار موقف من الجامعة بفرض مناطق حظر جوي على ليبيا ليساعدها في مجلس الامن، في حال تقدمت بمشروع قرار بهذا الخصوص.