وضعية الفرقة الوطنية للفنون الشعبية من الملفات التي طرحت على وزارة الثقافة مباشرة بعد ثورة 14 جانفي وهي وضعية شائكة تستدعي وقفة تأمل من اجل البحث عن أفضل الحلول للخروج بها من حالة الجمود والركود التي عانت منها كثيرا بسبب ما يكابده أعضاؤها من مشاكل وانسداد للآفاق. هذه الفرقة أسسها الدكتورصالح المهدي عام 1962 لتحافظ على التراث التونسي المأخوذ من تراث المناطق الساحلية والوسطى والشمال الغربي والجنوب الغربي والشرقي وأقصى الصحراء لتجمعه وتوثقه وتقدمه في لوحات فنية حضرية وريفية، كلوحة الفرسان من الوسط التونسي والمحارم والسيوف ورنة الخلخال والصحراء والجذر ولوحة «البوبو « التي تمثل عمق الصحراء ولتجوب بهذا التراث البدوي والصحراوي خاصة مختلف أنحاء العالم بفواصل فكاهية كان يقدمها محمد المورالي في السنوات الأولى لتأسيسها وأخرى غنائية وراقصة كان يؤمنها خميس الحنافي، وحمادي اللغبابي، وخيرة المناعي، ورضا العمروسي، وحمادي الغربي... وغيرهم... وتضم الفرقة الوطنية للفنون الشعبية في العادة قرابة ثلاثين عضوا بين راقصين وراقصات ومغنين وعازفين على الآلات الموسيقية الوترية الربابة والعود التونسيين، بالإضافة إلى الآلات النفخية والزكرة والدربوكة والطبال والدف. هؤلاء جميعا عملوا على مدى عقود ونحن لا ننكر خدماتهم في التعريف بتراث تونس وبفنها الشعبي خارج حدود الوطن وحفظه بخصوصيته الوطنية ( نغمات وملابس وإكسسوارات ) للأجيال القادمة في فترات ازدهار وتألق جعلت الفرقة تفتتح مهرجان الحمامات الدولي سنة 1979وإحدى دورات مهرجان المنستير الدولي، وتحيي سهرات مهرجان قرطاج الدولي إضافة إلى مشاركتها في مختلف التظاهرات الثقافية الكبرى منذ تأسيسها. ولكن أعضاء هذه الفرقة يعيشون عدة صعوبات تحتاج إلى وقفة حازمة لوزارة الثقافة باعتبار ان الفرقة الوطنية للفنون الشعبية ترجع لها بالنظر إضافة إلى ضرورة تجديد آلاتها الموسيقية لا بد أيضا من تطعيمها بعناصر شبابية من اجل ضخ دماء جديدة تقربها أكثر من الشباب وتزيد إقبالهم على عروضها. ومن البديهي طبعا ان يقع تغيير راقصيها وراقصاتها اللائي بلغ بعضهن من العمر (45/40 سنة ) بفتيات صغيرات ونحن هنا لا ندعو البتة إلى الإقصاء فحتى وان كبرت الراقصات في العمر فان الفرقة الوطنية للفنون الشعبية تتسع لهن ان لم يكن للغناء وتمثيل الأدوار التي ترافق العروض فلتعليم الفتيات الصغيرات الرقص او القيام بأي عمل آخر تحتاجه الفرقة او عناصرها. فبعد الثورة ننتظر نحن الجمهور الذي أحب هذه الفرقة وشجعها ان تظهر بمظهر جديد ورؤية أخرى للعمل مختلفة عن التي كانت وان تأخذ بعين الاعتبار في عروضها الخارجية الثورة ورموزها ولتتمكن الفرقة من كل هذا لا بد من ان يسوى ملفها ويرسم العاملون فيها وتسوى وضعياتهم.