بنغازي وكالات استأنف الثوار الليبيون بعد ظهر أمس زحفهم البطيء الى سرت بعد ان كانت قوات العقيد معمر القذافي تصدت لهم الاثنين واوقفتهم عند مدخل بن جواد. وخلافا لتقدمهم السريع أول أمس مستفيدين من الضربات الجوية للتحالف الدولي، لم يتقدم الثوار أمس سوى 40 كلم مع وصولهم الى بلدة رأس العوجة على طريق سرت ليصبحوا بذلك على مسافة نحو مائة كلم من هذه المدينة مسقط رأس العقيد القذافي. وكان الثوار سيطروا أول أمس على بن جواد بعد ان استعادوا مصب راس لانوف النفطي الذي يبعد عنها نحو 50 كلم شرقا في اطار زحفهم. الا انهم تعرضوا صباح أمس لنيران رشاشات قوات القذافي التي جاءت في سيارات "بيك آب" واوقفت تقدمهم باتجاه سرت. وعلى الاثر تراجع الثوار الى بن جواد قبل ان يردوا عليهم بالمدفعية الثقيلة.
"بيت.. بيت"
وبعد ظهر أمس بدأ الثوار يتقدمون من جديد مع القيام بتفتيش المنازل المحيطة بالطريق حيث يبدو انهم يواجهون مقاومة اقل من قبل قوات القذافي. وكانت قوات القذافي قد قامت صباحا بدوريات في سرت، المدينة الساحلية التي تعد نحو 120 الف نسمة وتقع على الطريق الرئيسي المؤدي الى طرابلس (360 كلم شرق) لكنها لا تزال تحت سيطرتها. وساد الهدوء شوارع المدينة التي خلت من المارة واغلقت محلاتها التجارية. كما خلت المدينة من اي مؤشر يدل على وجود الثوار الذين يزحفون بسرعة منذ ثلاثة ايام من معقلهم في بنغازي (شرق). وحلقت طائرات التحالف مجددا أمس في اجواء سرت التي اهتزت بسلسلة من الانفجارات. ولم تطلق المضادات الارضية نيرانها في هذه المدينة التي فرت منها عشرات العائلات أول أمس.
واستهدفت غارات جوية جديدة الليلة قبل الماضية طرابلس حيث سمع دوي نيران المضادات الارضية، بينما اكد التلفزيون الليبي الرسمي تعرض طرابلس وسرت لغارات التحالف. واعلن الجيش الفرنسي ان غارات جوية استهدفت أول أمس مدرعات ليبية و"مستودع ذخيرة كبيرا" في كل من مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) والزنتان (145 كلم جنوب غرب العاصمة). كما قصفت قوات التحالف الدولي أمس مواقع في مدينتي سبها (جنوب) ومزدة جنوبيطرابلس، بينما دوى انفجاران كبيران في تاجوراء، الضاحية الشرقية للعاصمة طرابلس، كما افادت مصادر رسمية ليبية وشهود عيان. وفي سبها، معقل القذافي في جنوب البلاد، افاد شاهد بأن المدينة تعرضت اعتبارا من الساعة الرابعة من فجر أمس لقصف "عنيف" و"كثيف جدا" من قبل التحالف الدولي، موضحا انه "تم اجلاء سكان من بيوتهم الى المزارع المحيطة بالمدينة. يذكر أن استعادة اجدابيا السبت الماضي ثم ميناء البريقة النفطي قد شكلا اول انتصار يحققه الثوار منذ بداية التدخل الدولي في 19مارس ما قلب المعادلة بعد تقهقر طويل واسبوع من المراوحة. وقد اعلن علي طرحوني أحد ممثلي الثوار ان الحقول النفطية في المنطقة التي يسيطرون عليها تنتج حاليا ما بين 100 الف الى 130 الف برميل يوميا وان المعارضة تنوي تصدير النفط في غضون "اقل من اسبوع".
استراتيجية "الناتو"
في خضم هذه التطورات، أكد الجنرال شارل بوشار الذي عين الجمعة الماضي لقيادة عملية "الحامي الموحد" للصحافيين في نابولي جنوب ايطاليا أمس ان طائرات الحلف الاطلسي قامت أول امس بأولى طلعاتها لحظر فرض الطيران فوق ليبيا. واضاف ان العملية العسكرية الاوسع في ليبيا لا تزال في مرحلة الانتقال الى الحلف من قوات التحالف الدولي التي بدأت في مهاجمة قوات معمر القذافي في 19 مارس.
مبادرات سياسية
وعشية اجتماع ستعقده مجموعة الاتصال في لندن اليوم الثلاثاء، اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن مبادرة فرنسية-بريطانية تهدف الى ايجاد حل سياسي للازمة. من جانبها اعلنت ايطاليا، القوة الاستعمارية سابقا، انها ستعرض ايضا خطة تلحظ رحيل القذافي. وقال وزير الخارجية فرانكو فراتيني انه "حتى داخل النظام هناك من يعمل على هذا الحل". ويوم أمس، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان بلاده مستعدة للقيام بوساطة بين الزعيم الليبي والثوار. وقال اردوغان لصحيفة الغارديان انه اذا طلب طرفا النزاع من تركيا ان تتولى دور الوساطة، "فإننا سنتخذ خطوات للقيام بذلك" في اطار حلف شمال الاطلسي والجامعة العربية والاتحاد الافريقي. كما اكد اردوغان ان بلاده ستتولى ادارة مطار مدينة بنغازي، معقل الثوار في شرق ليبيا، وذلك لتسهيل توزيع المساعدات الانسانية.