تم يوم أمس وبصفة رسمية وقطعية الغاء العمل بالمناولة في القطاع العام، هذه المرة كان الاتفاق موقعا ورسميا وليس مجرد وعود، إذ تم وبعد سلسلة من الاجتماعات والمفاوضات توقيع محضر اتفاق تاريخي بين اتحاد الشغل من جهة، ووزارة الشؤون الاجتماعية، والوزارة الأولى، من جهة ثانية، ينهي معاناة ما يناهز 140 ألف عامل وعاملة يعملون بالمناولة في القطاع العام. وتم توقيع الاتفاق بوزارة الشؤون الاجتماعية بحضور السيد محمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية، ووفد من اتحاد الشغل وهم اربعة امناء عامين مساعدين من المكتب التنفيذي المنصف الزاهي، المولدي الجندوبي، حسين العباسي، بلقاسم العياري، اضافة إلى السيد منجي عبد الرحيم كاتب عام جامعة المهن والخدمات. كما حضر عن الجانب الإداري مسؤولون عن الوظيفة العمومية، وعن المؤسسات والمنشآت العمومية وعن تفقدية الشغل، والشؤون الاجتماعية.
انتداب آلاف عمال المناولة
ويأتي الاتفاق تجسيما للقرار الصادر عن الحكومة المؤقتة يوم 18 فيفري الماضي والمتعلق بانهاء المناولة في القطاع العام. ويشمل الاتفاق عدة آلاف من عمال المناولة المباشرين قبل يوم 18 فيفري 2011 بالإدارات العمومية والمنشآت والمؤسسات العمومية، ويقر الغاء العمل بالمنشور عدد 35 المؤرخ في 30 جوان 1999 المتعلق بالمناولة في الإدارة والمنشآت العمومية. كما ينهي الاتفاق العمل بالمناولة في أجل اقصاه يوم 24 جويلية المقبل، ويتضمن آليات تنفيذ قرار الغاء المناولة في القطاع العام بفرعيه الإدارات العمومية والمنشآت والمؤسسات العمومية. بالنسبة للإدارات العمومية ستواصل لجان فنية مشتركة مكونة من ممثلين عن اتحاد الشغل والوظيفة العمومية، والوزارة الأولى، ضبط آليات انتداب عمال المناولة والنظر في كل المسائل ذات العلاقة بما في ذلك التغطية الاجتماعية، على أن تبدا اعمال اللجان بداية من يوم الأربعاء 27 أفريل الجاري. بالنسبة للمنشآت العمومية تم الأخذ بعين الاعتبار امكانيات المؤسسات في انتداب الأعوان اذ يتم النظر في هذه المسألة في اطار حوار بين الطرف الإداري والطرف النقابي بكل مؤسسة على حدة مع الأخذ بعين الاعتبار الكلفة الحقيقية للمناولة. اما في ما يتعلق بالقطاع الخاص، تم توكيل الأمر للتفاوض بين اتحاد الشغل واتحاد الأعراف.
قريبا انطلاق المفاوضات الاجتماعية
وقال السيد محمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية ان الاتفاق يهدف إلى ضمان حقوق العمال واستمرارية المؤسسة بما من شانه توفير مناخ اجتماعي سليم يشجع على الانصراف للعمل وتحسين الانتاج والانتاجية بما يضمن تطور المؤسسات الاقتصادية. وأضاف أن نجاح تنفيذ الاتفاق يتطلب مواصلة الحوار وتضافر جهود الجميع، مفيدا أن المفاوضات الاجتماعية ستنطلق قريبا، مشددا على أهمية عودة الطمأنينة للجميع والثقة في مسقبل أفضل لتونس.
اتفاق تاريخي
وعبر السيد المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المكلف بالوظيفة العمومية عن ابتهاجه بالاتفاق التاريخي وقال "لم امض منذ تحملي لمسؤوليات نقابية على اتفاق مماثل"، مضيفا أن المهم هو أن الاتفاق يفتح الباب امام بداية القضاء نهائيا على كافة اشكال التشغيل الهش. من جهته قال السيد حسين العباسي أن الاتفاق يؤسس لبنة جديدة في التشريع الاجتماعي تقطع مع الماضي الأليم، على حد تعبيره.ودعا إلى التفكير في تأسيس عقد اجتماعي يقطع مع الماضي ويؤسس لمنظومة تشريعية ويحقق التوازن الفعلي بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي. أما السيد منجي عبد الرحيم فقد وصف في تصريح ل"الصباح" يوم امضاء الاتفاق ب"التاريخي" باعتباره وضع حدا لعلاقات شغلية هشة لا تختلف كثيرا عن العبودية. وقال "الاتفاق انتصار للاتحاد واشكر كل من ساهم في التوصل لهذا الاتفاق وان يتم تتم متابعة تطبيق بنود الاتفاق بكل شفافية ونزاهة". وبخصوص القطاع الخاص عبر عبد الرحيم عن أمله في ان يتم التوصل في اطار المفاوضات الاجتماعية إلى حل ينهي معاناة آلاف عمال المناولة بما يضمن كرامتهم.