في الوقت الذي تحدثت فيه الأنباء أمس عن تعرض وسط مدينة الزنتان في الغرب الليبي والتي يسيطر عليها الثوار إلى القصف من طرف كتائب العقيد معمر القذافي بنحو 15 صاروخا من نوع "غراد، وبينما واصل الثوار تقدمهم غربا وسيطروا على قرية المجابرة قرب الجبل الغربي بعد معارك عنيفة، برزت مؤشرات من طرابلس عن بداية ترنح النظام الليبي، متمثلة في تكثيف اتصالاته الديبلوماسية في اتجاهات متعددة بحثا عن طريق للخروج من كماشة الضغوطات السياسية والعسكرية المتصاعدة ضده يوما بعد آخر. وبالفعل، فبعد يوم واحد من حثه روسيا على الدعوة إلى جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي، توجه نظام القذافي أمس عن طريق وزير خارجيته عبد العاطي العبيدي بطلب عقد قمة أفريقية لبحث الضربات الجوية التي يقوم بها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا، وقال العبيدي إن على الاتحاد الأفريقي تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك ردا على الضربات الجوية. وحث وزير خارجية القذافي الاتحاد الأفريقي على أن "يدين بشدة" غارات الطائرات الأمريكية من دون طيار ونشر مستشارين عسكريين غربيين على الأراضي الليبية، واعتبر أن هذا الأمر يشكل "انتهاكا لقرارات الأممالمتحدة" و"تحضيرا واضحا للعدوان المقبل" على ليبيا. ويتزامن هذا التحرك مع إعلان الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز إنه استقبل وفدا ليبيا يمثّل نظام العقيد معمر القذافي، في محاولة لدعم المساعي لإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، منتقدا القصف الغربي لليبيا. تصميم دولي وتأتي هذه التحركات والمساعي من جانب نظام القذافي بينما أمر الرئيس الامريكي باراك اوباما في تأكيد لدعم بلاده للثوار الليبيين رسميا أول أمس، بتقديم مساعدة غير عسكرية طارئة بقيمة 25 مليون دولار للمجلس الوطني الانتقالي الذي يمثلهم في بنغازي. وكان قد أعلن عن هذه المساعدة الاسبوع الماضي. واشار حينها مسؤولون امريكيون الى انها قد تشمل عربات وشاحنات وقود وسيارات إسعاف ومعدات طبية وسترات واقية ومناظير وأجهزة لاسلكية. ويتزامن الاعلان عن تقديم المساعدة الامريكية مع تصريحات متفائلة لوزير الدفاع البريطاني ليام فوكس خلال زيارة الى واشنطن أول أمس حيث اعتبر ان الوضع في ليبيا أحرز "تقدما" خلال الايام الاخيرة خصوصا في مصراتة قائلا أن النظام الليبي بات "في موقع الدفاع". وتتقاطع هذه التصريحات مع تصريحات أخرى للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعرب فيها عن تفاِؤله "لأن المعارضة الليبية تظهر شجاعة وسيطرة كبيرة". وكان وزيرا الدفاع الأمريكي روبرت غيتس والبريطاني ليام فوكس قالا إن مقر العقيد الليبي معمر القذافي "هدف مشروع" للقصف. تطور العمليات العسكرية في هذه الأثناء، يواصل الثوار الليبيون تقدمهم غرب ليبيا حيث أعلنوا أمس سيطرتهم على قرية المجابرة وأجدابيا بعد معارك عنيفة بينما انسحبت كتائب العقيد معمر القذافي بفعل ملاحقة الثوار لها وتمركزت في المنطقة الغربية من مدينة مصراتة تحديدا عند زاوية المحجوب، حسب ما ذكره المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي عبد الحفيظ غوقة. وذكر موقع "ليبيا اليوم" الإلكتروني المعارض أنه تم أسر ما يقدر بنحو عشرين من الموالين للقذافي بينهم ضابطان، أحدهما هو الرجل الثاني في كتيبة خميس القذافي. يأتي ذلك فيما علم في طرابلس أمس أن فريقا من محققي الاممالمتحدة موجود في العاصمة الليبية حاليا للللتحقيق بشأن مزاعم عن أن القوات الموالية لمعمر القذافي ارتكبت انتهاكات لحقوق الانسان. وقال شريف بسيوني وهو خبير قانوني مصري وعضو باللجنة أمس "لدينا عدد من الاسئلة المتعلقة بالقصف العشوائي لمناطق مدنية وسقوط ضحايا من المدنيين والتعذيب واستخدام المرتزقة واسئلة اخرى". وقال للصحفيين بعد محادثات مع مسؤولين ليبيين "لجنة التحقيق موجودة هنا للتحقيق ومعرفة موقف الحكومة الليبية فيما يتعلق بعدة أنواع من الانتهاكات التي... اكتشفناها أثناء تحقيقاتنا الميدانية".