تونس- الصباح: في اطار برنامج عروضها تشرع قاعة سينما" افريكا" او "افريكا- فن" بداية من اليوم - الخميس- وتزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في عرض شريط" ظل الغياب" للمخرج الفلسطيني نصري حجاج... وشريط "ظل الغياب" هو من انتاج شركة فاميليا للانتاج التي يديرها المنتج الحبيب بلهادي... مع فلسطينيي الشتات احياء واموات الشريط هو رحلة توثيقيةحزينة ومؤلمة في عذابات واحلام فلسطينيي الشتات والمخيمات على مدى اكثرمن نصف قرن من عمر النكبة... نكبة اعلان قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين بتاريخ 1948 وما تبعها من تهجير للفلسطينيين الذين وجدوا انفسهم لاجئين موزعين على اكثر من مخيم في اكثر من بلد عربي واجنبي... من خلال شهادات لمواطنين فلسطينيين مقيمين في مخيمات الشتات والفقر من لبنان الى الاردن الى سوريا... وكذلك من خلال وقفات حزينة على قبور الاف الموتى والشهداء الفلسطينيين الذين قضوا ودفنوا في مقابر بعيدا عن ارض فلسطين... فهذا فلسطيني ولد في فلسطين ودفن في سوريا... وهذا فلسطيني ولد في فلسطين ودفن في الاردن... وهذا ثالث ولد في فلسطين ودفن في لبنان... وهذا رابع ولد في فلسطين ودفن في تونس وهذا اخر ولد في فلسطين ودفن في... لندن وهذا ولد في فلسطين ودفن في... فيتنام نعم في فيتنام... اما لماذا هم مدفونين هنا وهناك وليس في ارض فلسطين فالاجابة عن ذلك هي موجودة في دفاتر الغدر التاريخي الدولي بهذا الانسان الفلسطيني الذي كتب عليه ان تتحمل اجياله وزر صفقات البيع والشراء في اسواق تزييف التاريخ والمتاجرة بالقضايا.. شريط "ظل الغياب "للمخرج نصري حجاج قلب بشجاعة وجرأة صفحات من هذه الدفاتر وتجول بنا في محطات مختلفة من عمر الماساة الفلسطينية ارضا وانسانا مستحضرا في ذلك عبق ورائحة الارض الفلسطينية من خلال اطلالات على بلدات فلسطينية لاتزال واقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ سنة 1948 مثل بلدات نعمة ويافا... وكذلك من خلال استحضار مثير بالصوت والصورة لشخصيات فكرية وسياسية ونضالية فلسطينية بارزة في التاريخ القديم والحديث للشعب الفلسطيني من امثال امين الحسيني وكمال ناصر واحمد الشقيري وياسر عرفات ومحمود الهمشري وناجي العلي ومعين بسيسو وابراهيم ابولغد وفيصل الحسيني واميل حبيبي وادوارد سعيد... كل هؤلاء استحضرهم المخرج نصري حجاج بوصفهم رموزا تاريخية وابناء لشعب ولوطن لا يمكن ان يقع التنازل عنه او عن حق العودة اليه... والواقع ان مسالة حق العودة هي الفكرة الجوهرية التي انبنى عليها الشريط وهي ذاتها الفكرة التي اكسبت الشريط بعده الدرامي... فمن خلال التركيز على ابراز. رفض القانون الاسرائيلي القاطع بالترخيص لاي فلسطيني يموت في الشتات او خارج الاراضي المحتلة سنة 1948 بان يدفن في بلدته الاصلية امكن للمخرج ان يصوغ بكاميراه خطابا سينمائيا مؤثرا فضح من خلاله البعد العنصري البشع في تركيبة الفكر السياسي الاسرائيلي لكن الشريط وعلى الرغم من جرس خطابه السينمائي الحزين والماساوي فانه ترجم من جانب اخر وبوضوح تام ان حق العودة سيبقى بالنسبة للانسان الفلسطيني ذلك المبدا الذي لا محيد عنه... فحق العودة سيظل مطلبا مقدسا يطالب به الفلسطيني في حياته وبعد مماته... فاحمد الشقيري - مثلا- كما يروي الشريط وهو اول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية توفي بالاردن ولان اسرائيل رفضت عودة جثمانه الى ارض فلسطين ليدفن بها فانه اوصى بان يدفن بالاردن ليكون على مرمى حجر من فلسطين وذلك في انتظار ان تسمح الظروف وينقل جثمانه الطاهر الى ارض فلسطين شانه في ذلك شان الاف الشهداء والموتى الفلسطينيين الذين قضوا في الشتات... الم نقل ان حق العودة هو المطلب الابدي والمقدس للانسان الفلسطيني سواء كان حيا او ميتا...