طرد المخرج الدنماركي "لارس فون ترير" من مهرجان كان السينمائي أول أمس الخميس بسبب تصريح للصحفيين من أهم ما جاء فيه انه نازي ويتفهم هتلر ويتعاطف معه ويعتبر ان اسرائيل مزعجة وانه فرح عندما تبين له انه ليس يهوديا كما كان يعتقد، هذا التصريح الذي اعتبر خطيرا أسال الكثير من الحبر وكان محور نقاش وجدل بين مختلف الإعلاميين والسينمائيين الحاضرين من مختلف البلدان في العالم. تصريح واجهه مجلس إدارة المهرجان الذي عقد اجتماعا استثنائيا بصرامة وأعلن أن لارس فون ترير « شخص غير مرغوب فيه» في المهرجان ولكنه أبقى على فيلمه «ميلانكوليا» (حالة اكتئاب أو سوداوية ) ضمن أفلام المسابقة الرسمية وهذا التصريح لم يتسبب في طرده من كان فحسب وإنما أيضا كلفه فسخ عقد توزيع فيلمه مع الشركة الأرجنتينية رغم انه سارع بتقديم اعتذار رسمي جاء فيه انه : « إذا كنت قد تسببت في أذى لأي شخص هذا الصباح بسبب الكلمات التي ذكرتها خلال المؤتمر الصحفي فإنني اعتذر عن ذلك بشدة فانا لست ضد السامية، كما أنني لست عنصريا ولا نازيا.» طرد.. وكأن مجلس ادراة « كان « نسي في لمح البصر ان «فون ترير»هو أحد المخرجين المفضلين لدى المهرجان إذ سبق أن عرض له أحدى عشر فيلمًا من أفلامه وانه من الأسماء المهمة إذ سبق له الفوز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان عام 2000 عن فيلمه «راقصة في الظلام» ، بالإضافة إلى حصوله على جائزة لجنة التحكيم الكبرى عام 96 عن فيلمه «تكسير الأمواج» .. وكأني كذلك بمدير المهرجان «جيل جاكوب» الذي رأى أن لارس فون ترير أدلى بتعليقات غير مقبولة ومخالفة للقيم الإنسانية التي يسعى المهرجان في الأساس إلى ترسيخها وطلب اجتماعا طارئا لبحث إجراءات عقابية ضد المخرج المذكور نسي أن من ثوابت المهرجان الحرص على حرية التعبير وإعطاء الفنانين فرصة التحدث بكل حرية خلال المؤتمرات الصحفية عن إبداعاتهم وآرائهم ومواقفهم من القضايا العالمية والملفات الساخنة التي قد يكونون تناولوها في أفلامهم واعتقد هنا ان الحديث عن النازية واليهود وهتلر وعمليات تصحيح التاريخ تدخل في صلب هذه القضايا العالمية الساخنة وانه لا حق لأحد في استعمال موقعه وصفته لتكميم الأفواه والحد من حرية التعبير خاصة وان تصريحات المخرج تلزمه. وإننا لنتساءل هنا هل كان مجلس إدارة « كان» سيتعامل بمثل هذه الصرامة وهذا الحزم ورفض اعتذار المخرج ومعاقبته وتعريض فيلمه إلى خطر إخراجه من خانة الإبداع الفني وحصره في خانة أصحاب المواقف المعادية للسامية والعنصريين والنازيين لو انه سخر من المسلمين لا من اليهود وأكد تراجعه عن اعتناق الإسلام عوضا عن تراجعه عن اليهودية؟ . ماذا لو تبنى القضية الفلسطينية ؟ هل كان سيعاقب على تصريحه ام ان كلامه كان ليدخل في باب حرية التعبير التي يبدو أنها أصبحت مهددة في معقلها ( المجتمعات الغربية الديمقراطية العريقة ).