في الوقت الذي استبشر فيه الجميع بالأمطار التي هطلت وتواصلت زخاتها حتى هذه الأيام باعثة الأمل في «صابة» تنعش الاقتصاد من استتباعات أحداث ما بعد الثورة، تلقى عدد من الفلاحة رسائل تتوعدهم بحصاد النار لما زرعوا إن لم يدفعوا جزءا من محاصيلهم لمجهولين... ظرف بداخله أعواد ثقاب وفحم، هكذا كانت بعض الرسائل الموجهة لمن سقى أرضه بعرقه قبل أن يرحمه الله بالمطر، لا أحد يستطيع تخيل مشاعر المزارعين بعد مثل هذه التهديدات... ولا أحد أيضا يمكنه تصور حجم الحقد المزروع في قلوب أصحاب من يرسل هكذا تهديدات... ربما قد يكون الحل الذي هرع إليه أصحاب الأراضي من تكوين للجان حراسة هو الحل الأقرب لمثل هذه الاحقاد، غير أنها ليست حلولا مطلقة إذ لم تفلح مثل هذه المخارج في عدة أرياف في حماية المواشي التي كانت هدفا لعصابات السرقة المنظمة.. ورغم أن العقوبات التي ينص عليها القانون التونسي لمثل هذه العمليات الإجرامية تصل إلى 12 سنة سجنا، إلا أن الفترة الأخيرة وأحداثها زرعت في «نفوس الحقد» بعضا من الاعتقاد بوجود تسامح تجاه أنواع الجريمة بل تذهب شرذمة إلى أن الانفلات الأمني سيكون ملجأ آمنا بعد زراعة النار.. وقد يكون صعبا على أي طرف سواء كانت السلطات أو الفلاحين ادعاء امتلاك «مضاد حيوي» لمثل هذه المشاكل الا أن حاجتنا جميعا لصابة هذا العام، تجعلنا أمام حل واحد هو الوقوف مع الفلاحين ومؤازرتهم قدر الاستطاع لتجنّب الخطر الحقيقي على الاقتصاد. وباعتبار أن المسألة تعنينا جميعا فإنه ليس من الصعب على المجتمع الذي صنع الثورة في البلاد العربية أن يصنع آليات حماية «أمنه الغذائي»، كتكوين لجان من المتطوعين من المدن التونسية تساند اللجان التي أرساها الفلاحون وما تقوم به السلطات حتى لا نخسر شعاع الأمل الذي ينبعث من السنابل...