مدينة كان الفرنسية - الاسبوعي: لئن لعبت الصدفة دورها منذ أكثر من 60 سنة في جعل قرية كان الفرنسية عاصمة للسينما العالمية فإن حسن استثمار هذه السمعة حوّل هذه القرية الى عاصمة دولية للعديد من التظاهرات والمهرجانات والاحتفالات.. ففي سنة 1936 كان الاختيار موجها بالاساس الى مدينة فرنسية ثانية الى جانب كان لاحتضان مهرجان السينما الفار من تدخلات «الفوهرر» و«الدوتشي» في انتقاء الافلام واختيار لجنة التحكيم.. لكن شجاعة رئيس بلدية كان وتخوف رئيس بلدية المدينة الثانية حوّل مجرى التاريخ لتصبح كان المدينة الاكثر اشعاعا في العالم خلال شهر ماي من كل سنة. المهرجان هو الأول وقد تمحور كل نشاط المدينة حول قصر المؤتمرات والمهرجانات المتربع على ضفاف المتوسط تحيط به الفنادق في حزام خلاب أسفل المدينة العتيقة المطلة بدورها على البحر بما يجعل قصر المؤتمرات والمهرجانات مندمجا في محيطه بل إن المحيط امتداد طبيعي له بحيث يصادفك المشاركون في التظاهرات الى حدود ساعة متأخرة من الليل حاملين على صدورهم «بادجات» وكأنهم لم يشعروا أنهم غادروا الفضاء. ورغم أن المدينة بأكملها لا يتجاوز طولها الثمانية كيلومترات وعرضها الثلاثة كيلومترات وعدد سكانها ال 68 ألف نسمة فإنها تستقطب 2.5 مليون زائر سنويا وتدر مداخيل مختلف أنشطتها المتمحورة حول قصر المؤتمرات كقوة جذب أولى حوالي 800 مليون أورو سنويا موزعة على ما تدره الفنادق والمطاعم والمتاجر التي يرتفع عددها الى 700 خصوصا متاجر الماركات العالمية منها. الف مهرجان ومهرجان ولقصر المؤتمرات والمهرجانات هيئة مديرة تعمل على تنويع التظاهرات على امتداد السنة بحيث تجد مهرجان الألعاب الاجتماعية يتبارى خلالها أكثر من 12 ألف متنافس.. وتجد كذلك مهرجان الفروسية العالمي ومهرجان ليالي الموسيقى ومهرجان الموسيقى الالكترونية ومهرجان الرقص ومهرجان الثقافة الروسي وصالون المراكب الترفيهية.. هذا الى جانب العشرات من التظاهرات الاخرى التي يتحول خلالها قصر المؤتمرات الى ألف وجه كمهرجان الهدايا ومهرجان التسوق الذي تشارك فيه كل المدينة.. التي تستعد كذلك خلال السنة القادمة لتنظيم أول مهرجان عالمي للصورة بدعم من «سوني».. الى جانب عدة أسواق عالمية للتلفزيون وللتوزيع ولمواد التجميل. ويكفي القول أن رقم معاملات هذا القصر سيرتفع هذه السنة الى 36 مليون أورو أي أكثر من 600 مليون دينار. الدرس ان مدينة كان بعدد سكانها المحدود نجحت في صنع العجب بألف وجه واستغلت سمعة المهرجان السينمائي لتنميتها على امتداد السنوات واثرائها لتتحول كل شهر الى عاصمة دولية في إحدى أوجه الانشطة الثقافية أو التجارية.. وبذلك تعتبر مثالا يحتذى في تنمية سياحة الاعمال.. ومنافسا شرسا في الساحل اللازوردي لمدن عملاقة كنيس وإمارة موناكو وهي تفتخر أن عدد فنادقها الذي تجاوز المائة تستقطب 70% من الحرفاء الأجانب ورغم أن الظروف العالمية غيرت من جنسيات هؤلاء الحرفاء فإن المدينة حافظت دوما على نسق تطورهم بفضل تحركات القائمين على أنشطة الترويج فيها.. إن مثل هذه المدن تعتبر مثالا يحتذى لمن يبحث عن تنمية سياحته وله تاريخ تليد وبنية تحتية جيدة لكن قصر نظره يحول دون تحقيق ما يرنو اليه.