غيّرت أحداث 14 جانفي ببلادنا مسار الأعمال السينمائية التي كان من المقرر أن ينطلق أصحابها في تنفيذها والتي كانت وزارة الثقافة في العهد السابق قد منحتها الدعم. يبلغ عدد هذه الأفلام 12 فيلما طويلا و46 فيلما قصيرا أمّا المنح فتوزّعت بعنوان المساعدة على الانتاج والمساعدة على الانهاء و3 مساعدات على الكتابة. وتبعا لذلك اضطر المخرج مصلح كريم مثلا الى وقف تصوير شريطه «باب الفلة» الذي نال الدعم وهو من بطولة درة زروق وهشام رستم, ويؤجل النوري بوزيد - تصوير فيلمه «ميل فوي» إلى الخريف القادم الذي تأجّل في فترات سابقة بسبب قلة الدّعم والتحفظات التي أبدتها وزارة الثقافة على بعض ماجاء فيه من أفكار. ولا يبدو أن الحال تغير بعد مرور 6 أشهر على انتصار الثورة الشعبية في الإطاحة بنظام بن علي ليتنفس بعض المبدعين الصعداء وينطلقوا في مرحلة تصور جديد للمشاريع السينمائية التي قد تكون سابقا قد عانت من أشباح الرقابة فلم تبرز كل ما كان يصول ويجول في الخواطر، اذ لم نسمع أخبارا تشير الى انطلاق المخرجين في التصوير, ولعل العكس هو الذي حدث. المخرج محمد دمق منهمك في مراجعة سيناريو فيلمه «ظهر يوم الخميس» كما أجّل الناصر خمير مشروعه «بحثا عن الشيخ محيي الدين» ورأت مفيدة التلاتلي أن الوقت غير مناسب حاليا لتنطلق في تنفيذ فيلمها «الأيادي الصغيرة». ولأن الوضع العام والمشهد المتعلق بالنشاط السينمائي لم يتضح بعد فقد قررت وزارة الثقافة بالحكومة المؤقتة فتح باب الترشحات للدعم من جديد وانطلاقا من غرة جوان الحالي فتح الباب لتقبل ملفات السينمائيين الذين يحملون مشاريع فنية تصف هذه المرحلة أو تعبر عن تونس ما بعد 14 جانفي. وأفاد مصدر من وزارة الثقافة أن المبلغ المرصود لهذا الدعم الاضافي يناهز ال 3 مليارات من المليمات وقد تلقت الوزارة الى حد كتابة هذه السطور ما يقارب سبعين ملفا. وقد أخبرنا المخرج خالد البرصاوي أنه انطلق في كتابة سيناريو فيلم جديد ولكن هذه الكتابة لم تتعدّ مرحلتها المبدئية, في المقابل رأى محدثنا أن الاهم اليوم من مسألة الانطلاق في الانتاج السينمائي هو اعادة هيكلة القطاع وضمان حقوق كل السينمائيين ليعملوا في اطار خصب وليتجاوزوا هنات الماضي. وأشار الى مسألة البنية التحتية على غرار توفير دور السينما. وقد انطلقت وزارة الثقافة والجمعيات السينمائية الى جانب الغرفة النقابية لمنتجي الأفلام في بحثها عن البديل لاستدراج جمهور السينما ولتوفير المناخ العام الملائم للفرجة, وقال خالد البرصاوي «لدينا في تونس ما يقارب ال 400 دار ثقافة سنسعى لتهيئة جلها لتصبح قادرة على توفير شاشات للعرض السينمائي وسنكون بذلك قد وفرنا الأرضية لتعميم الفرجة السينمائية.» ومن المعروف أن المنتج طارق بن عمّار يشتغل على مشروع فيلمه الذي استقطب الأنظار إليه لأنه يتناول شخصية الراحل محمد البوعزيزي وكان المنتج طارق بن عمار قد أعلن في مرات عديدة أنه يعول على هذا الفيلم الذي يخرجه محمد الزرن للمشاركة به في المهرجانات الكبرى في العالم. وفي السياق نفسه عبر محمد علي النهدي عن رغبته في «استثمار» شخصية البوعزيزي الذي انطلقت الشرارة الأولى لثورة الشعب على إثر حركة منه في ديسمبر 2010 علما وأن هذا المخرج قد انتهى مؤخرا من تصوير فيلم وثائقي عن أحداث 14 جانفي وكان قد انطلق في تصويره من ولاية سيدي بوزيد بعد يومين من سقوط النظام واختار محمد علي النهدي أخذ شهادات حية من المناطق الداخلية التي زارها طيلة أسابيع متتالية. وقد أكد المخرج المهاجر مديح بلعيد لنا أنه قد فرغ من كتابة سيناريو فيلمه الجديد الذي تناول فيه الممارسات غير القانونية التي اقترفتها العائلة الحاكمة أثناء امساكها بزمام الأمور في تونس، وقال مديح بلعيد أنه لم يختر بعد تاريخ انطلاق التصوير لأنه مازال يبحث عن منتج لهذا العمل. أما المخرج مختار العجيمي فقد أكد أن سيناريو فيلمه الجديد عن الثورة جاهز وأنه في مرحلة نقاش مع منتجين من فرنسا وبلجيكا للبتّ في عملية التنفيذ، وأخبرنا محدثنا أنه كتب قصة مؤثرة تقع أحداثها في الأيام الثلاثة الأولى التي تلت تاريخ 14 جانفي المنقضي ولكنه تكتم حول بقية التفاصيل. وأفاد المنتج نجيب عياد أنه في مرحلة درس لأكثر من مشروع فيلم جديد عن ثورة الشعب وهو مهتم أيضا بعملية تسويق فيلم «مملكة النمل» لشوقي الماجري الذي من المنتظر أن يخرج للنور على اثر انتهاء فصل الصيف.