طلبات متزايدة.. بناء فوضوي.. نقص في اغلب مخازن التوزيع..احتكار.. عوامل ساهمت في تفشي ظاهرة السوق السوداء فسجلت أسعار مواد البناء في الآونة الأخيرة أعلى معدلات الارتفاع إذ بلغ سعر الكيس الواحد من الاسمنت إلى 8.500 دينار و500 مليم بالنسبة للاجر و16.500 بالنسبة للحديد عند البيع بالتفصيل، هذا الى جانب نقص في توفرها لدى بعض التجارو الموزعين. "الصباح" زارت بعض محلات مواد البناء في جهات حي التضامن وحي الزهور والمرناقية ولاحظنا تشكيات من بعض التجار والباعة وكذلك تذمرا من المستهلك حول النقص الواضح في مادة الاسمنت ومواد البناء كالاجر والحديد اضافة الى الطلب المتزايد من قبل المواطنين على هذه المواد مما أدى الى ارتفاع اسعارها كما أن استغلال "القشارة" للظروف التى تمر بها البلاد كان وراء تهافت المواطن على مواد البناء وهو ما شجع البعض على احتكار هذا المنتوج واختفائه لدى عدد من الباعة لتنشط السوق السوداء بطريقة مخالفة للقانون.
العرض والطلب
وفي هذا الشأن يقول أحد تجار مواد البناء "ان الطلب المتزايد على مواد البناء خلال شهري مارس وأفريل ساهم في ارتفاع الاسعار باعتبار ان هذه الاشهر عادة ما تشهد ذروة في الطلب على مادة الاسمنت والأجر وبقية المواد البناء للترميم والبناء ولقد واجهنا العديد من المشاكل من المواطنين حول مسألة بيع مواد البناء اضافة ان الدخلاء على الميدان أججوا الاسعار وأصبح التاجر والموزع في دائرة الاتهام" ويضيف محدثنا :خلال الاشهر الماضية شهدت الاسعار ارتفاعا قياسيا نظرا لتهافت المواطن على مواد البناء وكذلك نتيجة لتوقف انتاج اغلب المصانع والتخوف من "البراكاجات" في اطار عملية التوزيع من المصانع. وتوجهنا بالسؤال الى مواطن كان متواجدا بالقرب من محل لبيع مواد البناء حول ارتفاع الاسعار فأجابنا :"بعد الثورة كل شئ تغير والمعاملات تغيرت "اسعار من نار" التسعيرة كانت في متناول المواطن البسيط وهي 5.600 دينار لكيس الاسمنت و380 للاجر و12.500دينار للحديد لكن هذه الايام تغيرت الاسعار وأصبح المواطن مرغما على اقتنائها باسعار قياسية وتعجيزية مما يعني ان تكاليف بناء منزل أصبحت مضاعفة. ويري محدثنا ان المشكلة تتمثل في زيادة الطلب على هذه المواد من طرف المواطن باعتبار ان البعض استغل فرصة غياب المراقبة والانفلات الامنى وتهافت المواطن للبناء دون ترخيص كلها عوامل كانت وراء ارتفاع الاسعار في المدة الاخيرة. كما ان بعض التجار بالتفصيل استغلوا الظرفية وأصبحوا يحتكرون هذه المواد التى تدر عليهم أموالا طائلة ويتحكمون في اسعارها بشكل فردي دون رقابة من الجهات المختصة. ومن جهته أكد فتحي الفضلي مدير ادارة الابحاث الاقتصادية بوزارة التجارة والسياحة أن سبب ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة الماضية يعود إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب نتيجة للطلبات المتزايدة على هذه المواد اضافة الى تهافت المستهلك على البناء واستغلال الظرف التى تمر به البلاد بعد الانفلات الامني وغياب الهياكل الادارية وضعف المراقبة للبناء بلا رخصة اضافة إلى توقف بعض المؤسسات الصناعية ، كما ان هناك خروقات قانونية من بعض المواطنين نتيجة للبناءات الفوضوية التي شهدتها البلاد منذ ثورة 14 جانفي وفي بعض الاحيان تم الاستيلاء على الملك العمومي نتيجة غياب ادارة المراقبة والامن والمصالح المختصة في الفترة الاخيرة. ويرى مصدرنا انه خلال الاشهر السابقة شهدت الاسعار ارتفاعا ملحوظا نتيجة تزايد الطلب عليها ونقص واضح في مادة الاسمنت خاصة مؤكدا ان المسألة تتعلق بعمل الوحدات الصناعية التى شهدت بعض الاضطرابات أدت الى توقف بعض المصانع عن الانتاج لفترات متفاوتة على غرار مصنع قابس والنفيضة وهو ما ساهم في الفترة السابقة في نقص في مادة الاسمنت كما لا ننسى الظرف الحساس الذي عرفته البلاد نتيجة انتشار البناء الفوضوي كما ان الدخلاء على القطاع ساعدوا على انتشار السوق السوداء اضافة الى عدم تحكم بعض التجار والموزعين في عملية التوزيع.
المراقبة الاقتصادية تضرب بقوة
وفي ما يتعلق بمراقبة اسعار مواد البناء أوضح عبد القادر التيمومي مسؤول في ادرة المراقبة الاقتصادية ان السوق السوداء انتشرت نتيجة استغلال بعض التجار للوضع من خلال احتكار مواد البناء. وأن أسعار الحديد والإسمنت شهدت ارتفاعا خلال شهري مارس وأفريل لكن أسعار مواد البناء بدأت بالتراجع والعودة تدريجيا الى طبيعتها بعد استئناف الوحدات الصناعيةعمليات الانتاج على غرار مصانع قابس والنفيضة مشيرا الى ان اشكالية شهر مارس على مستوى التزويد تم تلافيها وتجاوزها بالتنسيق مع مختلف المصالح والهياكل الادارية والمصانع المنتجة من خلال التثبت في حجم الكميات عند خروجها من المصانع الى حين وصولها الى المخازن اضافة الى متابعة عمليات التوزيع والتزويد في مختلف جهات الجمهورية. كما اوضح مسؤول في المراقبة الاقتصادية ان عمليات المراقبة متواصلة منذ مارس الفارط حيث قامت مصالح المراقبة الاقتصادية منذ مارس الى حدود آخر ماي الفارط ب1568زيارة في مختلف جهات الجمهورية وتم ضبط 88 مخالفة بسبب الترفيع في الاسعار وعدم اشهارها اضافة الى عدم الاستضهار بالفواتير والبيع المشروط. كما أكد ذات المصدر انه سيتم في أكتوبر المقبل تركيز مصنع لانتاج الاسمنت في القيروان اضافة الى انشاء مصنعين جديدين بقفصة بنسبة انتاج مليون طن سنويا ومليوني طن في منطقة جبل الرصاص.