الحدث الذي لفت الانتباه في المدة الاخيرة في مدينة القيروان هو ما تم اكتشافه من قبل جمعية صيانة المدينةبالقيروان اثناء عملية ترميم لجامع الصغير نقرة الواقع خارج سور المدينة وقبالة أحد الابواب الرئيسية لها( باب الجلادين او الشهداء) ويعتبر ثاني أكبر جامع بعد جامع عقبة من حيث عدد المصلين. يعود بناء هذا المسجد الى سنة 1937 من القرن الماضي أما الاكتشاف فيتمثل في وجود مسجد ثان تحته ويعود الى العهد الحفصي الذي ينسب اليه المؤرخون اكثر من عشرين مسجد جامع تم تشييدها في القيروان مازالت متواجدة الى الآن مثل مساجد المعلق والدهماني وسيدي جميل والقلال وابن ناجي وابن ابي القيراط. ويؤكد المشرف على عملية ترميم جامع نقرة ان عملية استكشاف المسجد كانت صدفة عندما اهتدا أحد العمال لثقب غير عادي فاستمر في الحفر حتى حصلت المفاجأة حيث تبين وجود مدارج ومسجد وعين ماء...والاكيد ان هذا المكان كان محظوظا لانه مسجد بالدرجة الاولى وإلا لكان مصير ما فيه كغيره من الاشياء والاماكن التي استولى عليها البعض من خلال اكتساحهم لمناطق اثرية هامة ولعل أبرزها منطقة صبرة المنصورية التي كانت مسكنا لاثرياء القيروان وحكامها والموجود فيها يفوق كل التقديرات.
مسجد أول قد يخفي مسجدا ثانيا
والغريب أن علماء الآثار يعرفون كنوز هذه المدينة الأثرية وكذلك الاهالي ووزارة الاشراف لكنهم لا يحركون ساكنا تجاه الانتهاكات اليومية لها. والأدهى من ذلك أن الأمر ازداد سوءا بعد الثورة وخاصة أثناء الانفلات الأمني التي مرت به البلاد ولم يبقى من مساحة المدينة الاثرية التي تعد اكثر من 50 هكتارا الا بعض مئات الامتار حيث بنى فوقها حي بأكمله تلاعب في اقامته أناس اعطوا لانفسهم الحق في طمس مدينة باكملها كما طمس في السابق هذا الاكتشاف الجديد تحت جامع نقرة. وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدة مواقع أخرى في المدينة العتيقة او خارجها تنتظر دورها في نفض الغبار عنها فقد ثبت تاريخيا ان المدن التي احدثت خارج سور المدينة العتيقة وأرباضها مثل صبرة المنصورية والعباسية ورقادة وغيرها كانت خاصة بالامراء واصحاب النفوذ والاكيد كذلك انهم تركوا ثروة كبيرة تعكس تقدم مدنهم في اكثر من مجال وهو ما يزيد من مهمة علماء الاثار والباحثين كما أن جمعية صيانة المدينة تحتاج للدعم لان الحفاظ على تراث مدينة القيروان بثقلها الحضاري أكبر من ان تتحمله جمعية وما يقال على مدينة القيروان يسحب قياسا على مدن اثرية اخرى في الجهة مثل جلولة والوسلاتية والعلا وغيرها والحدث الذي عاشه جامع نقرة مرشح ان يتكرر تحت أي منزل أو سوق او حتى طريق فوق المدن القيروانية العريقة.