لم يمنع رفض منح التأشيرة بعض الأحزاب من النشاط و فرض نفسها ككيان سياسي له وجود وأنصار على غرار حزب التحرير الذي تقدم مرتين بمطلب من أجل الحصول على التأشيرة القانونية؛ فنظم الندوات ووزع المناشير بل وقدم مشروع دستور طارحا إياه للنقاش. في المقابل وفي ظل أحداث العنف العديدة التي شهدتها بلادنا قبل أسابيع والتي كان فيها الإسلاميون طرفا اتهم الحزب بالضلوع في أحداث الشغب. وبين الوجود و العمل من دون رخصة وتنظيم المسيرات التي اختتم بعضها بأعمال عنف يتساءل كثيرون عما يريده حزب التحرير خاصة في ظل تصريحات كوادره وما يجري على أرض الواقع ؟ وللإجابة عن هذا السؤال اتصلت «الأسبوعي» بمن يمثل الحزب وبعض الشخصيات السياسية فكانت إجاباتهم متباينة . نريد أن ننهض بتونس يقول عبد المجيد الحبيبي القيادي بالحزب والذي يترأس مكتب تونس وهو المكتب الوحيد في الجمهورية على اعتبار أنه لا تأشيرة قانونية للحزب:«إن عدم منحنا التأشيرة هو قرار سياسي وليس قانونيا كما طرح. فنحن موجودون رغم أنف السلطة ونعمل على نفس الوتيرة طبقا لبرنامجنا الذي وضعناه لذلك فإن التأشيرة بالنسبة إلينا ليست إلا تسوية وضعية قانونية فقط. إن هدفنا الرئيسي ليس السلطة في الوقت الراهن بل النهوض بتونس عبر تغيير كل الأنظمة الموجودة بها (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ) إلى نظام إسلامي صرف وقد اقترحنا مشروع دستور يضم رؤيتنا وحلولا للمأزق الحالي الذي تعيشه بلادنا والذي نعتقد أن الخروج منه لا يكون إلا باعتماد النظام في التشريع. لأننا نعتقد أن النهضة بالشعب التونسي لا يكمن لها أن تكون إلا عن طريق الشريعة الإسلامية.» ويتابع محدثنا حديثه :»نادينا بالخلافة وهي نظام حكم له قواعده وتفصيلاته القائمة على أساس التشريع الإسلامي في الحكم . ولنبين للناس الجاهلين بالنظام الإسلامي نظرتنا وبرنامجنا (الاقتصادي والسياسي والاجتماعي) الإسلامي ومعالجاتنا للوضع في تونس، فإننا اتخذنا من كل الفضاءات بما فيها المساجد مكانا لإيصال ما نصبو إليه. أما عن التعددية فإنها في الدولة الإسلامية متكونة من أحزاب إسلامية لا غيروغير ذلك من التيارات السياسية الأخرى فإنها لا تمثل إلا نفسها ولا سبيل لتواجدها في نظامنا لأنه من الطبيعي أن تقوم الأحزاب في دولة إسلامية على أساس إسلامي .»وفي إجابته عن سؤال حول تكفير الحزب للحكام قال :»من لم يحكم بما انزل الله اعتقادا منه بعدم صلاحية ذلك فهو كافر. أما عن الوضع في تونس فحالنا مغاير لأن مجتمعنا غير إسلامي . صحيح أن الناس مسلمون لكن النظام غير إسلامي؛ فالقانون المطبق والأفكار الدارجة و المتداولة فيه غير إسلامية.» لا دليل يديننا وأضاف القيادي في حزب التحرير قائلا:»اتهمنا في الضلوع في عدة أحداث عنف حصلت في تونس منذ أسابيع ، لكن أقول أن من لديه دليل ضدنا فليأتي ببرهانه. إن العمل المادي المتمثل في العنف مرفوض لدينا لأننا نعتمد على الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة لتوعية الناس وإرشادهم. وحتى وأن ثبت تورط أفراد من حزب التحرير في أعمال عنف فإنهم لا يمثلون الحزب لأن آلاف يتبنون أفكارنا و لا ينتمون إلينا. أؤكد أن هناك مخططا كاملا لتلويث سمعتنا عبر جر شباب الحزب والمتعاطفين معه من قبل البوليس السياسي في أحداث عنف من خلال استفزازهم إبان المسيرات والمظاهرات.» لا علاقة لنا بالنهضة ويتابع الحبيبي حديثه قائلا:»أكدنا مرارا أننا ضد التمويل الخارجي والعمومي للأحزاب وذلك لأن هناك أحزابا سياسية حولها التمويل إلى مشاريع اقتصادية، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول العديد من الأطراف السياسية ومدى خبثها ومكرها وكذبها على الناس. أما عن علاقتنا بالنهضة فلا وجود لأي اتصالات معها لأننا نعتقد أن الحوار مع الآخر حتى و إن كان إسلاميا لا يعني التحالف معه لأن لا سبيل إلى ذلك لاختلافنا الكبير معه. عموما أؤكد أن هدفنا ليس السلطة بقدرما هو الحديث مع الناس وتوعيتهم وتوجيههم .» تعارض بين ما يملكه والمنظومة الديمقراطية يقول صلاح الدين الجورشي، الكاتب الصحفي عضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ، و نائب رئيس هيئة الدفاع عن حقوق الإنسان والخبير في الشؤون و التنظيمات الإسلامية «حزب التحرير في تونس هو ثاني فرع لحزب التحرير على الصعيد العربي بعد لبنان حيث توفرت له فرصة للنشاط بشكل علني وسيستفيد بالأجواء التي توفرت في تونس بعد الثورة ، إذ يحاول التأقلم بطريقته مع هذا التحول الكبيرالذي حصل في بلادنا أي بعد أن كان حزبا مقموعا وجد نفسه في تنافس مع بقية الأحزاب وفي مقدمتها النهضة ، وفي هذا السياق يعمل على أن يثبت تميزه عنها (أي حركة النهضة) من خلال محاولة إثبات امتلاكه لبرنامج سياسي واضح ودقيق في حين أنه يعاني في حد ذاته من تعارض جوهري بين ما يملكه من تصورات ومقترحات مع المنظومة الديمقراطية التي اختارها التونسيون كقاعدة لنظامهم السياسي ومن هنا بإمكاننا فهم التعارض الحاصل بين ما يعلن عنه الحزب و بين ثوابت النظام الديمقراطي. ويقرالحزب بالتعددية لكنه يحصرها في الإطار الإسلامي وبالتالي يخرج ما يراه متناقضا مع الإسلام . كما أنه من جهة يعتبرأن النقاش الدائر بين القوى السياسية حول الدستور نوع من الثرثرة خارج الإطار المرجعي الإسلامي. في المقابل يصوغ مشروع دستور ويطلب من هذه القوى السياسية مناقشته ، واعتقد أن في ذلك تضاربا بين رسائله والإطار السياسي المرجعي الذي اختاره التونسيون ألا وهو الديمقراطية والتي يعتبرها الحزب بضاعة غربية تتعارض مع الإسلام.» لا دليل لدي .. ويضيف الجورشي متحدثا عن علاقة حزب التحرير بأحداث العنف التي شهدتها بلادنا والتي اتهمت فيها أطراف حزب التحرير حيث قال :»يطرح الحزب رفضه اللجوء إلى العنف لكنه يبدو أن بعض المقربين منه قد تدفعهم الأحداث في هذه الجهة أو تلك للانخراط في بعض التحركات الاحتجاجية العنيفة؛ إلا أنه ومن خلال ما لدي من معلومات فإني اعتقد أنه لا يتوفر أي دليل بأنه مورط في عمليات العنف . عموما أظن أن الخلاف لا يزال قائما حول مشروعية الاعتراف به كحزب سياسي قائم الذات يعمل في إطار القانون لذلك فاني اعتقد انه من الضروري الترخيص له حتى يكون عمله وتحركاته جلية وواضحة.» يبحث عن العصيان.. بدورها قالت الأستاذة حفيظة شقير ضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة:»إن كل ما قام به حزب التحرير وأعني بذلك أحداث العنف التي شهدتها بلادنا منذ أسابيع تجعلني أقر بأنه يبحث عن الفوضى والعصيان المدني لكي يتسنى له حكم تونس على النحو الذي يريده كوادره وليصلوا لتركيزالخلافة التي نادى بها أفراده في كل مناسبة. أظن انه لن يستطيع إلا أن يكون من مشتقات النهضة وأن لم يتفاهما فإن مصلحتهما السياسية هي نفسها.» التونسي قادر على التمييز في رده على عمل النهضة والتحريرعلى نفس الهدف رغم اختلافهما وخلافهما قال علي العريض عضو المكتب التنفيذي لحزب النهضة:»أظن أن الشارع التونسي يعي جيدا التعددية الموجودة في تونس بعد 6 أشهر من الثورة بين مختلف التيارات السياسية حتى الإسلامية منها ، فبمقدوره التمييز بين كل عمل شهدته الساحة السياسية وحتى الشارع سواء كان حسنا أو سيئا وبين من يقف وراءه . لدينا في النهضة ضوابطنا السياسية وأهدافنا التي نعمل من أجلها وليس لدينا أي علاقة ولا تواصل مع حزب التحرير.» وسواء حصل على ترخيص للعمل بشكل قانوني أم لا فإن حزب التحرير موجود كطرف في الساحة السياسية في تونس حيث دعت أطراف سياسية لفتح حوار معه فيما رفضت أطراف أخرى ، وبين هذا وذاك فإنه مدعو لقبول الآخر مهما كانت مرجعيته للتعايش معه وليس رفضه .