الاستفتاء ليس من مشمولات الحكومة وحدها الخطاب الذي ألقاه أمس الثلاثاء في قصر الحكومة بالقصبة السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول أمام جمع غفير من ممثلي وسائل الإعلام التونسية والعربية والأجنبية دعت إليه وفرضت التعجيل به ما تشهده تونس من أوضاع خطيرة ولا يندرج ضمن سلسلة اللقاءات التي اعتاد الوزير الأول عقدها مع الإعلام لإلقاء الضوء على كل ما يطرأ على تونس من أحداث وما تساهم به الحكومة من اجل الوصول إلى موعد الانتخابات والسماح للتونسيين بان يختاروا من يمثلهم في المجلس التأسيسي في أحسن الظروف، ولتقديم موقف الحكومة من كل ما يطرأ من جديد على مستوى علاقات تونس مع المجلس الانتقالي الليبي، والاستعداد للمواعيد الوطنية الهامة كالعودة المدرسية وغيرها. أراد الوزير الأول أن يضع التونسيين في الصورة الحقيقية لما يحدث لأنه لم يعد يهم الحكومة وأجهزة الدولة وحدها وإنما الجميع وأصبح الأمر خطيرا على امن المواطن ومناعة الوطن. وأكد على أن أول ما التزمت به الحكومة التي يترأسها هو تحقيق انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لأول مرة في تاريخ البلاد وقد عمل ومن معه على تذليل الصعوبات التي واجهتهم بالتوافق العام من ذلك الاتفاق على موعد الانتخابات وتكوين اللجنة العليا المستقلة التي ستشرف عليها ولكن وما أن بدأ العد التنازلي وقرب الموعد حتى كثر التشكيك وتصادمت الآراء ونحن والكلام هنا لقائد السبسي: " فهمنا وتوقعنا البعض مما يحدث وتدخلنا اليوم لان الأمور تعدت الخط الأحمر حسب تقديرنا كما أننا نعتبر أن إجراء انتخابات شفافة غير ممكن ما لم يستقر الوضع في البلاد وينتهي العنف وتفك الاعتصامات ويسمح لبعض المؤسسات باستئناف العمل وما لم تتم محاربة هذه العقلية الجديدة التي تكونت عند التونسي وممارساته الجديدة الغريبة والتي يرجع بعضها إلى القرون الوسطى".
الأمور تعدت الخط الأحمر
وذكر الوزير بما شهدته المتلوي وجبنيانة وسبيطلة وسيدي بوزيد وباجة والمكناسي وجلمة والوردانين وغيرها من أحداث وكيف أن المواطن يطالب بإفراج عبر الاعتصامات والاحتجاجات عن المسؤولين عن بعض هذه الأحداث وبعض المورطين في العنف والشغب وقد عبّر عن أسفه لتوصل هؤلاء إلى مسعاهم في إطار تهدئة الخواطر. وأضاف الوزير الأول:" كل هذا الذي يحدث ونحن كحكومة لا نرد الفعل وما تعرض الشرطة في تالة إلى كل ذلك العنف دون ان نسمح لها باستعمال السلاح إلا دليل على أننا دولة لا تسمح بقتل شعبها ولكننا أيضا دولة تستجيب لمطالب الشعب الذي يريد عودة الأمن والإحساس بالأمان لذا اتخذنا قرار تطبيق قانون الطوارئ بحذافره وتحجير الاجتماعات التي من شأنها الإخلال بالأمن الوطني والسماح لوزير الداخلية بوضع كل شخص يعمل ضد استقرار البلاد في الإقامة الجبرية وإعطاء صلاحيات للولاة حسب قانون الطوارئ لفرض علوية القانون أمام التجاوزات الأمنية التي يمكن أن يتسبب فيها عدد من الأشخاص.
إعطاء التعليمات عوضا عن تنفيذها
وأكد السبسي على أن الحكومة لن تتسامح مع الممارسات التي من شأنها تعطيل الحياة العامة كقطع الطريق ومداهمة مراكز الأمن ومقرات السيادة في الجهات والاعتداء على قوات الأمن الوطني والجيش الوطني. وفي هذا الإطار أذن بتوقيف أي عمل نقابي لقوات الأمن وبحل نقابتهم مستغربا ذاك الكم من البيانات التي تصدر عن اتحادات النقابات المنتخبة لقوات الأمن الداخلي ومن تجرئهم على إعطاء التعليمات عوضا عن تنفيذها وقال ان هذه الأعمال توحي بالتمرد وتوجه إلى أعوان الحرس الوطني الذين أقالوا جينيرالا وغيروا رؤساء الأقسام والذين شاركوا فيما اعتبره تمردا وأمرهم بالبقاء في منازلهم حتى انتهاء الأبحاث وتحديد المسؤوليات ووعد بانه ستتم معاقبة كل من يثبت تورطهم نساء كانوا أو رجالا وان تتبع كل من خالف القانون سيكون عن طريق المحاكم العسكرية. وأكد على عزم الحكومة وإصرارها على تمكين المواطنين الذين ينشدون الاستقرار ويطالبون بإنهاء حالة الفوضى التي تشهدها تونس من الهدوء والأمن وعلى مواصلة الدفاع عن الثورة ومستحقاتها بعد ان بينت لها الأحداث أنها الوحيدة التي تدافع عنها اليوم وتستميت في ذلك.
الاستفتاء يجب ان يكون محل تشاور
وفي خصوص الأصوات التي تطالب بالاستفتاء وتخاف من المجلس التأسيسي واللوائح التي تلقاها عن طريق عدول منفذين وضح الوزير الأول انه ليس من مشمولات الحكومة وإنما يجب ان يكون محل تشاور بين كل مكونات المشهد السياسي في تونس بداية من رئيس الجمهورية وصولا إلى ال47 حزبا التي طالبت به وأكد على ان الحكومة متمسكة بموعد الانتخابات في أكتوبر ومصرة على إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي مهما كان الثمن. وتعرض الوزير الأول في خطابه إلى العلاقات التونسية الليبية ووضح أن مساندة الحكومة التونسية واعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي ليست جديدة بل انطلقت منذ البداية واضاف: "ولكن نزولا عند رغبة القيادة الليبية للثورة التي خيرت ان لا يكون موقفنا معلنا لأسباب أمنية وحتى لا تحرم من الإمدادات ومن امكانيات الدخول والخروج من تونس صمتنا ولكننا قدمنا الدعم المادي واللوجستي للثوار." وقد بدا على السيد الباجي قائد السبسي في خطابه هذا الكثير من الحزم والإصرار على معالجة ما سماه بالانفلات الأخلاقي والأمني بالصرامة التي تتطلبها المحافظة على دولة تأسست منذ ثلاثة آلاف سنة ولعل خوفه على البلاد وحرصه على أمنها وخطورة الوضع جعله ينعت البعض ممن تسببوا في هذا الانفلات بأوصاف مشينة.