تشهد الحدود الجنوبية التونسية الليبية على مستوى معبري ذهيبة ورأس جدير خلال هذه الأيام تدفقا هاما لليد العاملة التونسية باتجاه ليبيا. وقد قدرت مصالح الديوانة التونسية والأمن الناشطين على الحدود عبور أكثر من 2000 مهاجر تونسي في اليوم الواحد، وذلك زيادة على الناشطين في المجال التجاري الذين يعبرون يوميا الحدود محملين بأنواع السلع من خضر وغلال وغيرها من الحاجيات الاستهلاكية اليومية للانتصاب في إحدى المدن الليبية ثم العودة إلى تونس في نفس اليوم أو خلال اليوم الموالي. وأكدت مصادر من وزارة الشؤون الإجتماعية من ناحيتها أن تدفق اليد العاملة التونسية باتجاه ليبيا كان أمرا منتظرا خاصة بعد إنفراج الوضع ولو نسبيا في ليبيا، وكذلك بعد اللقاءات التونسية الليبية المتتالية، والتي عبر فيها الطرفان على إرساء تعاون على جميع المستويات وإبرام اتفاقيات في الغرض تحفظ من ناحية مصالح الطرفين وتؤسس لتعاون شامل في كل المجلات التي تمليها خاصة ضرورة إعمار المدن الليبية التي تضررت من الحرب التي كانت دائرة هناك. ويشار إلى أن معظم المهاجرين التونسيين الذين بادروا بالتحول إلى ليبيا خلال الأيام الأخيرة كان معظمهم ممن كانوا هناك قبل إنطلاق الثورة الليبية، وعادوا خلال هذه الأيام للحصول على مستحقاتهم المالية التي عادوا من دونها خلال الأشهر الفارطة، كما أن جزءا هاما من هؤلاء المهاجرين قد تحولوا طلبا للعمل خاصة في مجال التجهيز والبناء والفلاحة وغيرها من النشاطات الأخرى التي تمثل أولويات لدى الليبيين في هذه المرحلة.
مكاتب
أما عن طريقة الهجرة ومتابعتها من قبل السلط التونسية فقد أفادت مصادر الوزارة أنه قد تم فتح مكاتب للغرض يتم من خلالها تسجيل المهاجرين وتكوين ملفات كاملة حول كل مهاجر وذلك لضبط نوعية المهاجرين واختصاصاتهم وتوثيق كافة التفاصيل حول كل فرد منهم ضمانا لهم وتطويرا لظاهرة الهجرة وتحسينا لها خاصة في مستوى الضمان الاجتماعي الذي كان شبه مفقود في فترة حكم القذافي. وأكدت هذه المصادر أنه ينتظر أن تتكثف ظاهرة هجرة اليد العاملة التونسية إلى ليبيا خلال الأشهر القادمة وذلك مباشرة بعد عيد الاضحى، لتشمل أصنافا عديدة من اليد العاملة المختصة، والفنيين والكفاءات في اختصاصات الصحة والهندسة المعمارية وجميع أنواع التقنيات الحديثة في الاتصالات. كما حاجة ليبيا إلى التونسيين ستشمل فنيين من ذوي الخبرة في مجالات مختلفة وذلك طبقا لما تتطلبه حاجتهم إلى مقتدرين على إرساء نمط إداري ومؤسساتي عصري يستجيب لتطلعاتهم في بناء ليبيا حديثة في كافة المجالات. وكانت الأطراف الليبية قد عبرت خلال اللقاءات التي أجرتها أخيرا في تونس على مستوى لجانها الصناعية والتجارية والسياسية عن حاجتها الماسة إلى الكفاءات التونسية، وأكد ذلك أيضا قيادة مجلس الثورة في ليبيا من خلال ما أبرم من اتفاقيات خلال زيارة الوزير الأول الباجي قائد السبسي إلى ليبيا.
وللتأكيد على هذا التوجه كانت قد صدرت قرارات ليبية تمنح التونسيين أولوية مطلقة للعمل في ليبيا، وعززت قراراها هذا بتمكين التونسيين دون سواهم من الدخول إلى ليبيا دون تأشيرة، إلى جانب إقرار حقهم في العمل والإقامة والتملك دون سواهم. وأبرزت مصادر ديوان العملة التونسيين بالخارج أن ليبيا يمكنها أن تستوعب في مرحلة أولى الآلاف من اليد العاملة التونسية، وهي أرقام تؤكها سوق الشغل في ليبيا واستحقاقات بناء الدولة الحديثة، وتفرضها قرارات الطرف الليبي التي أكدت عدم تعاملها مستقبلا من القوى العاملة الافريقية والاسيوية على وجه الخصوص والتي كانت تبلغ أعدادها في ليبيا زمن حكم القذافي أكثر من 2 مليون مهاجر.