"أولاد صالح" هي من المعاقل التي قالت ولا تزال تقول لا لكل من يريد التفرد برأيه، وهي التي لها باع في الحركة الوطنية بتأسيس أولى الشعب الدستورية في كامل البلاد، ووقفت حجر عثرة أمام الزعيم بورقيبة الذي كان يزورها إبان المعركة التحريرية... وهي محط أنظار عديد الأحزاب السياسية التي واكبت "الصباح" حملاتها في ربوع جهة المهدية، لتبقى طوال العهدين البائدين وعلى وقع الثورة التونسية مهمشة منسية بأهاليها الذين بلغ عددهم الأربعة آلاف جراء تقسيم إداري مهين وهي الواقعة بين معتمديتي سيدي علوان وقصور الساف التي تتبعها في غياب مجلس قروي وتدهور للبنية التحتية برغم ما تمثله من ثقل بإنتاجها الفلاحي المتمثل في الباكورات والخضر الورقية خاصة والمواشي وما يوفره سوقها الأسبوعي يوم الخميس وسوق الدواب والخضر، لتنعزل عن الجهات الأخرى جراء الأمطار الأخيرة التي غمرت المياه مزارعها وحولت طرقاتها التي لا تشبه الطرقات في شيء، مما أدى مع عوامل أخرى إلى ارتفاع أسعار الخضر والغلال وما شابهها خصوصا مع تعطل الحركة تزامنا مع انطلاق موسم جني الزيتون الذي يعد من الفرص التي توفر مواطن شغل موسمية لعديد العائلات بسبب رداءة الطرقات والمسالك الفلاحية التي منعت حتى التلاميذ من الالتحاق بمدارسهم ومعاهدهم في كل من قصور الساف وسيدي علوان لافتقار المنطقة لمدرسة إعدادية والحال أن الأهالي وفروا ما مساحته 11 ألف متر مربع للغرض تناستها الجهات المسؤولة لسبب أو لآخر مع حرمان عديد المتساكنين من التنوير العمومي والماء الصالح للشراب وأبسط مقومات العيش الكريم في ظل وجود مستوصف وحيد بالمنطقة لا يأتيه الطبيب المداوي إلا مرة في الأسبوع مع انعدام وجود الدواء للمسنين وفاقدي السند وذوي الفاقة والعاهات، وليموت أكثر من مريض يقع تحويله إلى المستشفى الجهوي بالمهدية وقد فات أوان التدخل الطبي غير الموجود.
أين نصيبنا من التنمية؟
هكذا عبر لنا الأهالي وعديد المسؤولين في جمعيات فلاحية وتنموية وتلاميذ وطلبة تلفظهم الحافلة ليلا ليعبروا وسط الظلام مزارع الزياتين وطرقات تناثرت فيها الحفر والبرك والأوحال في معاناة في كل الفصول تقريبا منذ أن فتحت عيونهم على أرض"أولاد صالح" كقلعة من قلاع النضال ضد الاستعمار وأذنابه ممن غنموا من المنطقة خيراتها الطبيعية ومقاطع الرمل المشهورة لبناء قصور فخمة ومؤسسات تاركينها قاعا صفصفا. الأهالي توجهوا لوالي الجهة الحالي الذي وعد بالتدخل بعد الانتخابات، ليبقى الأمل قائما على وقع الثورة التي يبدو وأنها تناست هذه المنطقة هي الأخرى.. فهل من حل عاجل لرفع المظالم المسلطة على "أولاد صالح"؟