ليلتان مشهودتان في حياة الرجال.. واحدة تبدو في متناول الجميع والأخرى لا يجود بها الدهر على البعض منهم الا مرة واحدة... واحدة فقط. أما التي هي في المتناول فانها تلك التي يبيت فيها الرجل عريسا... وأما التي لايتذوق "حلاوتها" الا القليل النادر منهم فانها تلك التي يبيت فيها الرجل رئيسا... وها أن السيد المنصف المرزوقي المناضل الحقوقي ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية يدخل في"موسوعة" الرجال التونسيين القلائل الذين جاد عليهم الدهر بالليلتين... وها هو منذ ليلة أمس يكنى "بالسيد الرئيس"... فأيهما خير- ياترى - أن يبيت الرجل رئيسا أو أن يبيت عريسا؟؟؟ ذلك هو السؤال الذي وددت - بداية - لو أني أطرحه مباشرة على رئيسنا الجديد السيد المنصف المرزوقي باعتباره جرب "الحالتين"... ولكنني عدلت - لا حياء - وانما خوفا من أن يقال أنني - لاقدر الله - نلت من هيبة رئيس الدولة وتجرأت على مقامه... وهي التهم التي ستبقى قائمة ومرفوعة في وجه المواطن العربي ما بقيت ثقافة التأليه والتقديس وعبادة الأشخاص رائجة في أدبيات الاعلام الرديء والفكر السياسي العربي المتخلف... على أن هذا سوف لن يمنعني - بالمقابل - من أن أخوض في "المسألة" بيني وبين نفسي لأن السؤال يبدو بالفعل وجيها بل وطريفا أيضا... فأيهما خير و"أحلى" أن يبيت الرجل عريسا أو أن يبيت رئيسا؟؟؟ يبدو لي - ان صدقني السيد الرئيس المنصف المرزوقي - أن مبيت الرجل عريسا خير له وأسلم ألف مرة من أن يبيت رئيسا... أما لماذا فلأن مبيت الرجل عريسا يعني - من بين ما يعني - أنه ملك نصف دينه على الأقل... أما مبيته رئيسا فانه يعني أن ساعة الحقيقة قد دقت وأنه بات يوشك أن يخسر نفسه وكامل تاريخه النضالي خاصة اذا ما غره كرسي الحكم واستمرأ عادة الجلوس عليه ونسي ما كان يرفعه من شعارات سياسية وحقوقية زمن النضال بالكلام في المنتديات ومن خلال الفضائيات... ( "الجزيرة" و"فرانس 24" وغيرها )... على أن ما هو ألفت للانتباه في "حالة" الرئيس المنصف المرزوقي - تحديدا - أنه رجل جاء الى الرئاسة في تونس في سياق جديد ونوعي لم يمر به قبله لا بورقيبة ولا المجرم بن علي... فالأول جاءت به الشرعية النضالية والثاني سطا انقلابيا على الحكم وعاث في البلاد فسادا واستبدادا... ومع ذلك فانه لا الأول "شفع" له تاريخه النضالي ولا الثاني نفعته ديكتاتوريته وقمعه... وكلاهما - وبنسب متفاوتة - غادر غير مأسوف عليه - شعبيا -... وما من شك أن الرئيس الجديد المنصف المرزوقي وعلى الرغم من السياق الثوري والديمقراطي الذي جاء به الى كرسي الرئاسة فانه سيبقى يتهدده نفس المصير في صورة ما اذا "استنطح" واغتر... ولو أننا نستبعد أن يصدر عنه ذلك لا ثقة بشخصه وبتاريخه النضالي - فالدنيا غرورة كما يقال- ولكن لأن تونس والشعب التونسي بعد ثورة 14 جانفي هما غير تونس وشعبها قبل هذا التاريخ... بقيت مسألة أخرى بل قل سؤال آخر مهم لابد من طرحه: لماذا يصطلح قانونيا على مبادرة الزوجة بطلب طلاقها من زوجها أنها عملية "خلع" ( بضم الخاء ) ويقال عن الرئيس الذي يلفظه شعبه ويطيح به أنه رئيس "مخلوع" ؟؟؟ دعنا من هذا ولنبق مع سؤال: أيهما خير أن تبيت عريسا أو أن تبيت رئيسا؟؟