ماذا عن التزويد... المراقبة الاقتصادية ومظاهر التجاوزات؟ تونس - الصباح: يستعد التونسيون كسائر شعوب العالم للاحتفال برأس السنة.. وهذه عادة ترسخت منذ سنوات طويلة لدى الأجيال، ودخلت في العادات والتقاليد الاجتماعية التي يترقبها معظم الناس. وبقطع النظر عن أبعادها الأساسية، فإن الاحتفال بها يأخذ طابع الفرحة والأمل في استقبال سنة جديدة ملأى بالآمال والتطلعات، كما أنها لحظة توادد وفرحة، لها خصوصياتها ومتطلباتها، وطرق الاحتفال بها التي تتنوع من سهرة عائلية حول خبزة «قاتو» ومشروبات الى سهرات احتفالية موسيقية، وإقامات في النزل، أو تجمعات عائلية لقضاء النصف الأول من الليل معا واستقبال العام الجديد في استبشار وفرحة وأمل كبير. ولا شك أنّ الاحتفال برأس السنة له بعده الاقتصادي - وهذا الذي يعنينا أكثر، ونود تسليط الأضواء حوله-، فهو يخلق حركية خاصة داخل المدن، وتشهد فيه بعض القطاعات نشاطا هاما وحيوية، ولعل من أبرز القطاعات التي تشهد هذه الحركية نجد قطاع صنع وبيع المرطبات، وكذلك قطاع بيع الفواكه الجافة، وبدرجة أخرى لا تقل أهمية، قطاع الدواجن واللحوم البيضاء بشكل عام. فماذا عن نشاط قطاع المرطبات، وطرق عمله في هذه الأيام، وعن أساليب مراقبته الاقتصادية والصحية؟ وهل هناك بعض التجاوزات في صنع المرطبات وبيعها وفي المواد التي تعتمد لصنعها؟ وفي الأخير ماذا عن الأسعار التي تتداول بها المرطبات ومواقف المواطنين منها؟ مشهد السوق كما ألفناه وكما يجري هذه الأيام تتميز حركة السوق خلال هذه الأيام القليلة التي تسبق موعد رأس السنة بحركية دائبة في جملة من المواقع، وحتى داخل الساحات العمومية وزوايا الانتصاب الفوضوي الذي يظهر من خلال عرض بعض المواد التي يقبل عليها المواطن في مثل هذه المواعيد. فمن خلال جولة في شوارع العاصمة لاحت لنا مظاهر الاقبال على أنواع الفواكه الجافة على اختلاف أنواعها، حيث يحصل تردد وحركية كبيرة على السوق المختصة في بيع هذه الفواكه، ويتردد الجميع على الناشطين في هذا القطاع،. ليتزودوا بأنواع هذه الفواكه من لوز، وفستق وبندق وكاكوية وغيرها من أصناف الفواكه المتعددة والمتنوعة المجلوبة من الخارج. والثابت أنّ المواطن التونسي بات لا يفوت على نفسه الاحتفال والاستعداد والتزود بما يلزم لمثل هذه المناسبات، حيث يشير بعض العارفين بالسوق ان الاستعداد للاحتفال برأس السنة مازال يحتد ويتطور بقرب الموعد، وأن المشهد سيتسع شيئا فشيئا الى أن يبلغ قمته ساعات قبل ليلة رأس السنة. مظاهر الاستعداد للاحتفال برأس السنة تلاحظ أيضا في انتهاز عديد من الباعة المتجولين الفرصة للانتصاب وعرض أنواع هذه الفواكه الجافة والعلب الصغيرة من الحلويات التي تصلح لزينة أطباق المرطبات. وفي هذا المجال لاحت لنا عديد العربات الصغيرة المدفوعة والمحمولة والمجرورة، وقد تراصت بها أنواع هذه الحلويات، وقد تحلق المواطنون حولها لابتياع ما طاب لهم وما يحتاجونه للاعداد لاحتفالات رأس السنة. قطاع صنع وبيع المرطبات يستعد لنشاطه الواسع عبر التزود بالمواد الأولية وبعيدا عن أسواق الفواكه الجافة وحركيتها الواسعة، والاقبال عليها من الآن، انبرى قطاع بيع وصنع المرطبات في الاستعداد للنشاط الموسمي الواسع، حيث لوحظ التزود الكبير داخلها بالمواد الأولية من سكريات وزبدة وفواكه جافة تعتمد في اعداد خبزة القاتو... وتشير مصادر من وزارة التجارة أن التزود بهذه المواد قد انطلق منذ أيام، حيث أقبل أصحاب نقاط صنع المرطبات على المساحات التجارية الكبرى وكافة نقاط البيع المختصة للتزود بما يلزمهم من هذه المواد. كما أشار أصحاب نقاط بيع المرطبات الى الحركية الهامة التي يتميز بها نشاطهم في هذه الفترة، فقد تولى البعض منهم من الآن تعزيز مصانعهم الصغيرة باليد العاملة المختصة في مجال صنع الحلويات، علاوة على اهتمامهم الواسع أيضا بتسجيل طلبات الحرفاء من الآن والاهتمام أيضا بمحلاتهم عبر تزيينها وتوضيبها لمثل هذه المناسبة التي تدر عليهم أرباحا طائلة وترفع من نسق عملهم بشكل يجعله يتضاعف مرات نتيجة الاقبال الواسع على المرطبات في مثل هذه المناسبة. تزود كبير بأنواع الدواجن وفي جانب آخر من مظاهر حركية السوق استعدادا لرأس السنة، تجري استعدادات أخرى مماثلة وواسعة داخل قطاع بيع الدواجن بكل مكوناته، حيث يتم توفير ما يلزم من الدواجن داخل مواقع تربيتها، ويتولى باعة اللحوم البيضاء داخل نقاط بيعهم المتواجدة في الأسواق والشوارع والاحياء توفير هذه المادة من الان استعدادا لما ينتظر من طلب كبير عليها. كما يتولى أصحاب المطاعم والأكلات السريعة التزوّد بحاجياتهم من الدجاج على وجه الخصوص لاعدادها للاستهلاك تلبية لحاجيات طالبي الدجاج ليلة الاحتفال برأس السنة على اعتبار أن هذا الطبق أو الأكلة هو الاكثر طلبا في هذه المناسبة. لكن السؤال الرئيسي الذي يقودنا في هذه الحال، ومن خلال حركية السوق الحاصلة هو: في أيّة ظروف تعد خبزة القاتو، وتباع الحلويات؟ وهل هناك تجاوزات ومراقبة صارمة لكل هذه القطاعات ولأنشطتها ومحلاتها وطرق عملها؟ المراقبة الاقتصادية والصحية تنظم حملات واسعة بالمناسبة هذه الحركية والنشاط الواسع داخل السوق في جوانب من مجالاته، يكون دوما مسبوقا باستعدادات واسعة من طرف وزارة التجارة والصناعات التقليدية لتأمين كافة الطلبات والحاجيات الخاصة بمثل هذه المناسبة، حيث يقع التركيز على توريد كل أنواع الفواكه الجافة والمواد الأخرى الخاصة باعداد الحلويات وكافة المشتقات الضرورية، وقد استفدنا من مصادر مطلعة من الوزارة أن التزويد كان عاديا وقد تم توفير جملة الطلبات منذ أشهر. وتكون هذه المناسبة متبوعة ومتابعة أيضا بمراقبة اقتصادية وصحية واسعة، كل على حدة أو جماعية وواسعة ومن خلال حملات فجئية يقوم بها أعوان مختصون في المجال. وتشير مصادر الادارة العامة للمراقبة الاقتصادية أن متابعة حركة السوق الخاصة بجوانبه المتصلة باحتفالات رأس السنة والاستعداد لها سواء في محلات بيع المرطبات أو بيع الفواكه الجافة وأنواع الحلويات قد انطلقت منذ مدة، وهي يومية وواسعة النطاق. ولعلنا في هذا الجانب نعود للتذكير بكافة أنواع المحاضر والمخالفات المسجلة خلال السنة الفارطة وما سبقها من سنوات، خاصة داخل نقاط بيع المرطبات وصنعها على وجه الخصوص، ونؤكد أيضا على أن المواطن كثيرا ما يكون عرضة للغش نتيجة حشو هذه المرطبات بمواد أولية ليست صالحة لصنع المرطبات، أو بابتياعه أنواعا من الثمار الجافة غير صالحة للاستهلاك، وكذلك كان عرضة لتعمد بعض أصحاب المطاعم المختصة في الأكلة السريعة الى بيعه دجاجا غير صالح للاستهلاك. ولعل الأهم من كل هذا والذي تجري مقاومته بشكل دقيق هو وضعية محلات بيع المرطبات وطرق صنعها والظروف التي كثيرا ما تكون غير صحية بالمرة في صناعة هذه الحلويات. ولكل هذا وجب دعم المراقبة في هذا المجال، وكذلك اليقظة عند شراء المرطبات وعدم الاقتناع ببعض الأسعار المتدنية للسلع التي يعرضها بعض باعة المرطبات. هذه جملة المظاهر التي يتميز بها السوق في جل قطاعاته استعدادا للاحتفالات برأس السنة. ولا شك أن هذه الاستعدادات والاقبال على هذه الشراءات ستزداد وتيرتها كلما اقتربنا من موعد رأس السنة. ولعلنا في هذا الجانب لا يمكن ان نفوت الحديث عن هذه المناسبة وعن الاستعداد لها، رغم أننا مازلنا في مرحلة ربما لن نتجاوز فيها بعد ما كان يجري من استعدادات قبل ايام قليلة لعيد الاضحى ومتطلباته. والذي يمكن أن نقوله ان المواطن التونسي بات ينساق وراء المناسبات مهما تعددت ومهما تلاصقت وتقاربت مواعيدها. ولعل السؤال الذي يتبادر للذهن في مثل هذه الحالات هو لماذا يصر البعض على عدم تفويت أيّة مناسبة دون دفع مصاريف اضافية من اجلها، رغم التشكي دوما من الضائقة المالية؟