بقلم: د.خالد الطراولي لا يخفى على أحد عمق الأزمة الاقتصادية في تونس، وليس في هذا مزايدة أو تخويف ولكنها حقيقة يومية يعيشها المواطن البسيط والطبقة الوسطى عموما وهم يحملون «القفة» ويتنقلون من سوق إلى سوق.. حقيقة مرّة ولا شك ولا نخال الأمور إلا مهيأة للتفاقم مع وضع داخلي مهتز وحالة خارجية متأزمة وخاصة في بابها الأوروبي. في هذا الإطار ومن الأبواب الكبيرة دخلت علينا الثورة يوما وعمقت علاقات التضامن والتعاون،فكانت لجان الحي الليلية تحرس البلاد والعباد من بعض الفوضى التي أرادها أعداء الثورة المجيدة. ولولا المؤازرة والإيثار بين المواطنين وتعاونهم لما كان للثورة أن تنجح وتفتح لنا أبواب الحرية على مصراعيها...ثارت سيدي بوزيد والقصرين فتبعتها كل البلاد وكان النصر لما التحم مواطن الشمال بمواطن الجنوب ومواطن الشرق بمواطن الغرب وعرف الجميع حينذاك أن التونسي أخ التونسي مهما تعددت الجهات والأحياء واليوم كالبارحة...الثورة لم تنته ولم يتمتع بثمرتها من سكب الدموع والدماء الغالية...حالة اقتصادية ومعيشية صعبة ونكاد نلمس الكارثية عند بعض الناس...وعلى الجميع اليوم من منطلق المسؤولية الأخلاقية والوطنية أن يكون عند عظمة الحدث, ومن الأوائل في هذا الميدان ومن يعود إليهم في المقام الأول أن يكونوا النموذج الحي والسابقون السابقون،هم نواب الشعب الذين أوجع البعض منهم رؤوسنا هذه الأيام في تجاذب غير بريء أحيانا. فكما يبدو أن منحة شهرية ستطالهم وهي تبدو مرتفعة بعض الشيء بالنظر إلى حالة البلاد. في هذا الإطار نقترح أن يعمل النواب مجانا ودون مقابل مادي على أن يحافظ كلّ على مرتبه الأولي قبل انتخابه، ومن كان عاطلا تسلم إليه منحة شهرية تقدر بقدرها هذه رسالة من النواب على أنهم بحق خدمة هذا الشعب وممثلوه، يعيشون أفراحه وأتراحه ولا يسعون إلا التمتع بامتيازاته إن السلطة مسؤولية كبرى أمام الله أولا وأمام الشعب، والتاريخ لا ينسى والديّان لا يموت، ومن المسؤولية معايشة هموم هذا الشعب ويومه وليله، ألم يقل الخليفة الثاني رضي الله عنه وهو يسمع صوت بطنه الجائع «قرقري أو لا تقرقري لن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين»...هذه حضارتنا وهذا تاريخنا وهذه قيمنا ومن هنا مرّ الأجداد يوما ولا نخال الأحفاد إلا سالكين نفس الطريق ولو توقفنا قليلا وفي عملية حسابية بسيطة فإن مجموع المنح المقدرة إذا اعتبرنا أن الواحد سيتقاضى ألفي دينار ونصف كما يشاع فإن المجموع إذا لم نحتسب خصوصيات رئيس المجلس ومعينيه ورؤساء اللجان، فالمجموع يقارب 550 ألف دينارا شهريا، وإذا احتسبنا ذلك سنويا فإن الرقم يصبح فلكيا ويقارب 6000 مليون دينار أي 6 مليارات مليم، وهو رقم لا نخاله إلا مساهما في التقليل من الأزمة معنويا وماديا إن الثورة مطالب للحرية وللكرامة ولا شك ولكنها أيضا أخلاق وقيم معتبرة من التضامن والتعاون والتآزر بين الشعب الواحد من أجل أن تكون تونس للجميع بعد أن قطع أوصالها الاستبداد وضرب منظومة الأخلاق والقيم وسعى في خرابها. رئيس حركة اللقاء الاصلاحي الديمقراطي