آسيا العتروس يمر اليوم شهران على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي شكلت محطة أساسية تطلعت اليها مختلف فئات الشعب في مسيرة الانتقال الديموقراطي في بلادنا بعد عقود من الفساد والظلم والاستبداد، إلا أن حالة المخاض العسير والتأجيل المستمر الذي تعيش على وقعه البلاد منذ الاعلان عن نتائج الانتخابات طالا أكثر مما ينبغي، وبات واضحا أن المعركة الخفية حينا والعلنية حينا اخر من أجل السلطة والتي حالت دون الاعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة لا يمكن أن تكون من دون تداعيات ثقيلة على أكثر من طرف. طبعا الامر لا يتعلق بسوق الاعلام والاخبار والقراءات والشائعات والتأويلات التي من شانها أن تعكس بالتأكيد نضجا سياسيا وصحوة اعلامية لا يستهان بها رغم كل الهنات والقصور والثغرات التي تسود المشهد الاعلامي في هذه الذكرى الاولى للثورة, ولكنه يتعلق بالاحرى بتداعيات مسلسل التأجيل على الرأي العام وعلى أسواق الاستثمار والمال والاعمال التي تتطلع الى تركيبة هذه الحكومة واستقراء توجهاتها وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. ولاشك أنه بين تأجيل واخر فان أزمة الثقة بين حكومة لم تر النور بعد والرأي العام يمكن أن تتفاقم لتتراجع معها امال الناخبين وهم يكتشفون التكالب العلني على المناصب على حساب هموم المواطن في صراعه اليومي مع متطلبات الحياة في ظل امتداد قانون الغاب وارتفاع لهيب الاسعار وغياب المحروقات بالتزامن مع موجة البرد التي تشهدها البلاد والتي تزيد معاناة المعوزين والمحتاجين في المناطق النائية والجهات المحرومة... بالامس وفي خضم الصراع المستمر على الحقائب الوزارية في صفوف الترويكا الفائزة في الانتخابات, جاء الاعلان عن قرار مجمع يازاكي الياباني بغلق وحدة انتاجه في أم العرايس نهائيا نتيجة فشل المجمع في الالتزام بتعهداته لحرفائه واهتزاز صورته في السوق, وهو ما يعني بالنسبة لتونس وبكل بساطة إضافة أكثر من ألفي عاطل عن العمل الى قائمة مئات الآلاف من العاطلين في البلاد... وهذا ليس سوى مثال من أمثلة متكررة من شأنها أن تزيد أعباء التركة التي ستكون في انتظار الحكومة القادمة. وبعيدا عن السقوط في الاحكام المسبقة فان كل ما يأمله المواطن اليوم أن تكون حركة النهضة الفائز الاول في الانتخابات وبعد أن تفردت بوزارات السيادة قد أعدت مع حليفيها مشروعا جديا لمواجهة الازمات الاقتصادية المتواترة وتقليص أزمة الثقة وتبديد مخاوف المواطن..