تنطلق الدورة الخامسة عشرة للمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية يوم 6 جانفي الجاري لتتواصل إلى الثالث عشر منه. مهرجان غالبا ما يقدّم كل سنتين أهم الأعمال المسرحية التونسية والعربية والإفريقية مما جعل الكثيرين من عشاق الفن الرابع ينتظرون بشغف كبير هذه التظاهرة المسرحية التي تنتظم في دورتها الجديدة في مستهل هذا العام ناهيك أن جل المسرحيات التونسية قد واكبت سياق الأحداث بعد ثورة 14جانفي من خلال تصورات مختلفة ونصوص مسرحية حملت في طياتها الكثير من الايحاءات والدلالات العميقة، بعيدا عن التعسف الفكري والمراقبة اللصيقة من طرف اللجان المختصة بذلك. مثل هذه الإعتبارات جعلت الرغبة في المشاركة في المهرجان هذا العام كبيرة وهو ما دفع بعض المسرحيين التونسيين إلى اعتبار عدم برمجة عروضهم في المهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية عملية إقصاء خاصة أن البعض منهم لاقت عروضه نجاحا وإقبالا جماهيريا مكثفا. وقد تحدث إلينا في هذا السياق الممثل المسرحي سليم الخليفي عن المسرح الوطني فأبدى استياءه بعد تجاهل لجنة انتقاء الأعمال بالمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية لعرض " ليلة الغفلة" بل يصف الأمر بأنه صدمة جماعية لكل الممثلين في المسرحية ، حيث شدد على أنه من غير المعقول إقصاء عمل فني قيم، كل الممثلين فيه هم عبارة عن متطوعين منذ اندلاع ثورة 14جانفي بما أنهم لم يتمتعوا إلا بمبلغ رمزي مقابل الأتعاب والتنقلات المستمرة بعد اندلاع الثورة وتعرضهم الى المخاطر أثناء التصوير في عدد من مناطق البلاد عندما كانوا مثلا بصدد التوثيق وبث تسجيلات حية من الواقع. وأضاف محدثنا أن العديد من المتفرجين بعد عرض" ليلة الغفلة" صعدوا على الركح وأبدوا تأثرا كبيرا بالنص والسينوغرافيا الحديثة والسرك الفني وصل حد البكاء لما نقلته المسرحية من تسجيلات حيّة نادرة لأمهات الشهداء واعتماد السرد من خلال تقنيات الراديو مما جعله -شخصيا- وحسب وصفه يصاب بالذهول أمام إقصاء هذا العمل من المهرجان.
"مرض الزهايمر"و"ليلة الغفلة"
وأشار سليم الخليفي المتقمص دور عضو في لجنة تقصي الحقائق في المسرحية ومشاركته بعض الأحداث التنشيطية الأخرى إلى أن مسرحية مرض الزهايمر- انتاج المسرح الوطني التونسي برمجت والحال أن العديد من الأعمال الأخرى هي الأجدر والأهم من حيث النص والدراماتورجيا والإخراج. وهو ما يثير تساؤلا حول المقاييس أو المعايير التي اعتمدت لانتقاء الأعمال الجيدة، خاصة بعد اتصال معز العاشوري صاحب نص وإخراج ليلة الغفلة- باللجنة المعنية بالأمر للكشف عن العدد الذي منح للمسرحية ليفاجأ بإلغاء عمله لأسباب غير واضحة تدعو الى الاستغراب والحيرة حسب محدثنا.
وقفة احتجاجية في افتتاح المهرجان
وأمام ما اعتبره الممثل المسرحي تجاهلا من اللجنة وعدم الأخد بعين الاعتبار تضحيات الممثلين وإقصائهم إقصاء واضحا حسب رأي محدثنا- قرر الممثلون المشاركون في مسرحية "ليلة الغفلة" تنظيم وقفة احتجاجية في افتتاح المهرجان.. ردة فعل يبين سليم الخليفي أنها أقل ما يمكن فعله عسى أن ينتبه المقبلون على المهرجان إلى ما وصفها بالمظلمة التي تعرضت إليه المسرحية وأن تعي الإدارة بأنها لم تعمل وفق ضوابط دقيقة ونزيهة، خاصة أن نص مسرحية ليلة الغفلة كان محايدا بعيدا عن الايديولوجيات والانتماءات الدينية-كما يزعم البعض- بل نقل الاهانات التي تعرض اليها المواطن التونسي قبل وبعد الثورة وكشف لأول مرة حقائق وتسجيلات نادرة لها الفضل في إنارة الرأي العام وتوعية الجمهور بما كان مستورا والكلام لضيفنا الممثل المسرحي سليم الخليفي المستاء من عدم برمجة مسرحية " ليلة الغفلة " للمسرح الوطني في أول دورة لأيام قرطاج المسرحية بعد انتصار الثورة الشعبية.