على غرار عديد المناطق المحرومة ببلادنا من شمالها الى جنوبها توجد بولاية المنستير مناطق ريفية عاشت التهميش والإقصاء خاصة في العهد البائد وهو ما جعلها تعاني من الحرمان والخصاصة والفقر والبطالة. "الأسبوعي" قامت بجولة بعدة مناطق تعاني من نقص فادح في البنية التحتية وغياب العناية بفئات اجتماعية كالمسنين والمعاقين والمرضى رغم المخزون الفلاحي الوفير التي تحتوي عليه باعتباره النشاط الأول للأهالي بهذه المناطق مثل "المزاوغة" و"المليشات" و"أولاد عرعود" "والاريام" و"الملاحة" "والعلالشة" و"أولاد منجة" و"الطيايرة" و"أولاد العرضاوي". هذه المنطقة الأخيرة التابعة لبلدية منزل حياة من معتمدية زرمدين تفاجأ سكانها بمبعوث "الأسبوعي" حيث لم يتوقعوا هذه الزيارة بما أنهم عاشوا على امتداد عقود من الزمن تحت وطأة النسيان وغياب الإعلام فأكدوا لنا استياءهم من تجاهل السلط المحلية لنداءاتهم وطلباتهم المتكررة وحقهم في العيش الكريم مشكل الخدمات والطرقات ونحن نجوب هذه المناطق الريفية شدّت انتباهنا حالة الطرقات الطويلة التي يستخدمها الأهالي لقضاء حاجياتهم اليومية ورغم أن أكثرها معبدة فإنها تعاني من كثرة الحفر التي تتحول الى مستنقعات زمن نزول الغيث النافع وهو ما يؤدي في معظم الأحيان الى حوادث مرور قاتلة وهو ما أكده لنا سادات بن شاكر بن علي حيث أضاف بان سيارات النقل الريفي لا تصل الى هذه المنطقة بسبب كثرة المسالك الفلاحية وسوء الطرقات وهو ما يجبر الأهالي من الرجال والنساء وحتى الأطفال على المشي لأكثر من 4 كلم للحصول على خدمات النقل العمومي أو الوصول الى المدرسة. من جانبه أكد لنا مهدي الصخري ان الخدمات مفقودة بهذه الجهة حيث يضطر الى التحول الى المعتمدية أو الولاية لقضاء شؤونه وهو ما يثقل كاهله بمصاريف إضافية. هشام عرعود تعرض في حديثه معنا الى غياب المرافق الصحية وهو ما جعل الكثير من الأهالي يقطعون مسافة تفوق 35 كم للوصول الى احد مستشفيات الجهة للتداوي وقد أكد لنا المعاناة التي يجدها بعض المرضى أثناء تنقلهم بصعوبة الى المستشفى لما يداهمهم المرض في غياب سيارات الإسعاف آو سيارات النقل الريفي. أما عن وسائل الترفيه فحدث ولا حرج وهو ما اثر على تربية الناشئة حيث أكد لنا خميس المستور انه في السابق كانت «دار الشباب» تجمعه برفاقه إلا ان تآكل تجهيزاتها وسقوط جدرانها وغياب ابسط المرافق الضرورية بها جعلها تغلق أبوابها منذ زمن بعيد ولم تفتحها الى يوم الناس هذا. بدون ماء ولا كهرباء تعاني عديد العائلات من فقدان الماء وهو ما جعلها تستنجد بالخزان أو التنقل بواسطة الدواب لمسافات طويلة لملء الأوعية البلاستيكية والتي يبقى فيها الماء صالحا لأيام معدودة قبل إعادة العملية من جديد وقد أنهك البحث عن الماء الكبار والصغار خصوصا ونحن في فصل الشتاء البارد كما استنجد البعض بالمصابيح الكهربائية أو الزيتية للإنارة لتفادي غياب النور الكهربائي وهو ما لاحظناه حيث لم نسجل وجود أعمدة كهربائية طوال المسافات التي قطعناها بين عدة مناطق وقد أكد لنا حسين قويدر في هذا الصدد ان انعدام النور الكهربائي حرم أطفاله من المراجعة مساء كما حرمهم من متابعة البرامج التلفزية بشتى أنواعها. تفاقم مشكل البطالة باتت البطالة الهاجس الأكبر الذي يقلق المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا وحتى عائلاتهم التي تحطمت أحلامها على صخرة الواقع المرير وهم ينظرون الى أبنائهم وقد أوصدت أبواب العمل في وجوههم لا لشيء -حسب كلامهم- إلا بسبب كثرة «التدخلات والرشوة» التي طغت على الإدارة بصفة عامة في عهد المخلوع ولكن ما يثير المخاوف هو وجود أكثر من شخص واحد عاطل عن العمل داخل أسرة واحدة على غرار ما وجدناه في عائلة شطير حيث ان فتحي وشقيقته هدى من حاملي الشهادات (الأستاذية في الانقليزية والتجارة) ولكنهما حاليا يشتغلان بأحد المصانع بإحدى الجهات الساحلية فيما يتواجد والدهما بأرضه الفلاحية طوال اليوم كما ان هذا المشكل يعاني منه عديد الأساتذة المتخرجين مثل رياض صميدة وزياد فناد وغيرهم كثيرون ممن أجبرتهم الظروف الصعبة على العمل بالمصانع والحضائر وقد أكدوا لنا جميعا ان غلاء المعيشة زاد من تردي أوضاعهم المادية. *تحقيق نبيل بن حسين
منطقة الحوس الريفية بالمهدية ولادات في المنازل.. والنقل يؤرق المواطنين تعتبر ولاية المهدية من اكبر الولايات الساحلية من حيث المساحة واحتواؤها على عديد المعتمديات الكبرى والمناطق الريفية على غرار السواسي وشربان وقصور الساف والجمّ وهبيرة وأولاد الشامخ والتلالسة والمنصورة والكساسبة وبومرداس وسيدي علوان ولئن تختلف هذه المناطق من حيث الأسماء فإنها تتحد في كونها مناطق فلاحية بالأساس وأيضا مناطق تضم نسب مرتفعة في عدد العاطلين عن العمل والعائلات الفقيرة والشيخوخة وانعدام مرافق العيش الكريم لأسباب بحثت عنها «الأسبوعي» أثناء تنقلها الى عديد المناطق الريفية مثل «الشوارعية» و»أولاد مولاهم» و»الفرجان» و»المطرة» و»الزراطة» و»العوادبية» و»النعايمة» و»أولاد محمد» و»زالبة الغربية» و»أولاد حمزة الغربية» و»الحوس» وقد توقفنا في جولتنا بهذه المنطقة الأخيرة التابعة لمعتمدية بومرداس التي كغيرها لم تتمتع بحقها في التنمية وكرم العيش. فوضى عارمة أول ما شدّ انتباهنا أثناء زيارتنا حادثة طريفة ولكنها كادت تكون أليمة لولا ألطاف الله حيث وضعت امرأة مولودها بمنزلها بعد ان فاجأها المخاض وذلك في غياب سيارة الإسعاف أو أي سيارة خاصة وقد ابلغنا زوجها انه سيضطر الى التحول الى إحدى البلديات المجاورة للقيام بإجراءات تسجيل المولود بسبب غياب الخدمات الإدارية بالمنطقة وأكد محدثنا أيضا انه عادة ما يشهد المستوصف فوضى عارمة وازدحاما كبيرا أثناء فتح أبوابه ليومين في الأسبوع وأحيانا لمرة واحدة طيلة أسبوع كامل حيث يشهد توافد عديد المرضى والمعاقين من الكبار والصغار. موت.. من أجل الماء تعاني بعض العائلات في هذه المنطقة من غياب الماء وفي هذا الصدد قال ياسين الحاج خليفة انه يعاني الويلات للحصول على الماء الصالح للشراب وهو ما أكده محمد الحاج خليفة الذي أعرب عن استيائه من السلط المحلية كيف لا وهو مجبر على الخروج منذ الساعات الأولى من الصباح لملء الخزان صحبة أحفاده الصغار وقد روى لنا رمزي شوشان إحدى الحوادث التي ذهبت ضحيتها عجوز لما كانت بصدد ملء الماء من البئر حيث هوت داخله بعد ان فقدت توازنها. النقل ووسائل الترفيه جبنا عديد المسالك الفلاحية والطرقات التي كانت تتميز بطولها وكثرة الحفر والأوساخ بها وقد أكد لنا معظم الأهالي ان خدمات النقل غير متوفرة بالمرة وهو ما جعلهم يعانون من كثرة المشي وقطع عديد الكيلومترات أو انتظار «الستوب» وفي هذا الجانب أكد لنا عبد الكريم إبراهيم ان هذه المناطق بصفة عامة تعاني من غياب وسائل النقل بسبب رداءة الطرقات ومخاطرها والتي تسببت سابقا في عديد الحوادث القاتلة. غير بعيد عن هذا الاتجاه يعاني التلاميذ من بعد المسافة التي تفصلهم عن المدرسة الوحيدة الموجودة بالمنطقة كما ان وسائل الترفيه مفقودة حيث أكد لنا علي عبد الله انه يتمنى ان يرى ملعبا لكرة القدم أو فضاء يجمعه بأترابه يكون معززا بعديد الألعاب وبه نواد تثقيفية وترفيهية. البطالة تؤرق أبناء الجهة عبر لنا العديد من أصحاب الشهائد العليا في ختام لقائنا بهم عن أملهم الكبير في الحصول على شغل بعد سنوات من البطالة والحرمان من العمل وقد رجانا هؤلاء تبليغ أصواتهم عبر «الأسبوعي» من اجل النظر في ملفاتهم التي أودعوها بالإدارة الجهوية للتربية بالجهة ومنهم من اتصل مباشرة بالوزارة خاصة وان معظمهم لديهم عائلات تحتاج الى الرعاية المادية. *نبيل بن حسين
منطقة منزل حبيب طرقات رديئة.. غياب الماء الصالح للشراب.. فمتى ينتهي العذاب؟ هي منطقة سكنية تضم قرابة 600 ساكن، يعيش أهلها الخصاصة والحرمان من أبسط مقومات الحياة في ظل غياب مستوصف للعلاج وكذلك الماء الصالح للشراب لقرابة 30 عائلة. «الأسبوعي» زارت المنطقة ونقلت لكم معاناة المتساكنين وأهم المشاكل التي تعترضهم.. طرقات رديئة في البداية أكد شكيب دقاشي وهو موظف بإحدى الشركات أن أهم إشكال تعاني منه المنطقة يتمثل في تدهور حالة الطرقات التي مازالت مجرد مسالك فلاحية، وأضاف «حاولنا التدخل في عديد المرات بتبليغ الأمر إلى معتمد منطقة برج العامري وكذلك إلى والي منوبة وذلك من أجل تحسين الوضعية إلا أن مطالبنا لم يقع النظر فيها، وبقيت الحال على ما هي عليه طوال أكثر من 10 سنوات ولم يتغير شيء إلى غاية اليوم». من جانبه قال مجدي ورتاني (21 سنة) أن الجهة تزخر بالمواهب والطاقات الشابة التي تملأ المقاهي بسبب عدم حصولها على مورد للرزق، ويقترح الورتاني أن يتم بعث مشاريع بالجهة عن طريق تشجيع المستثمرين على الانتصاب بها نظرا لما تتميز به المنطقة من مقومات تجعلها قبلة للاستثمار. غياب المستوصف في جانب آخر أكد عبد الباسط الفرشيشي (متزوج وله ابنة) على ضرورة أن يتم توفير مستوصف بالجهة قائلا «نضطر في أغلب الأحيان إلى التوجه إلى مستوصف برج العامري الذي يبعد عنا تقريبا 2 كيلومترات قصد العلاج» كما أضاف أن المنطقة أيضا تشكو من غياب قنوات الصرف الصحي فبالرغم من إدراجها في المخططات منذ أواخر الثمانينات إلا أنه والى حدّ هذه اللحظة لم يتم إنجازها، كما دعا محدثنا الحكومة المؤقتة إلى العمل على إعادة تشغيل التعاضدية الفلاحية لمنطقة منزل حبيب من معتمدية برج العامري التي كانت تشغل قرابة 70 عائلة. في نفس الإطار يشاطر عصام الحبيبي رأي عبد الباسط خصوصا في ما يهم ضرورة إعادة تشغيل التعاضدية الفلاحية التي سيكون لها دور كبير وهام في التقليص من نسبة الشباب العاطل بالجهة. أما مصطفى الفرشيشي وهو كهل تجاوز العقد السابع فانه أكد على مسألة هامة تعنى بالسكن وهي وجود عديد العائلات يقطنون بغرف وحيدة وقد دعا الحكومة الحالية إيلاء مزيد من الأهمية لهذه المسألة، كما اقترح أيضا أن يتم تعويض دار الشباب الموجودة بالمنطقة ليتم استغلالها كمستوصف بالجهة بما أنها مغلقة ولم يقع استغلالها. كما قال نور الدين بن عمر وهو صاحب مقهى بالمنطقة أن هناك عديد النقائص تشكو منها المنطقة لعل من بينها ترميم سياج المدرسة الذي أصبح في حالة يرثى لها والعمل على توفير أماكن ترفيه للأطفال. 30 عائلة من دون ماء مصطفى الحبيبي (70سنة) تحدث إلينا عن معاناة قرابة 30 عائلة لعدم إيصال قنوات المياه الصالحة للشراب لذا يضطرون في كثير الأحيان إلى تجميع مياه الأمطار في حاويات لاستعمالها للشرب بعد ذلك، مضيفا بالقول «لقد مللنا الوعود الكاذبة خصوصا بعد العديد من المطالب التي تم إيداعها بمقر المعتمدية ولا حياة لمن تنادي واقتصار المسؤولين على ترديد نفس العبارة «دعونا ننتظر تشكيل الحكومة الجديدة» وها قد مرّ أسبوعان منذ توليها مهامها ولا شيء تغيّر ولن يتغير شيء». سعيدة الميساوي