ماذا عن البنية التحتية لبعض المحاضن... وكفاءة الإطار التربوي... والتفقّد؟ تونس - الصّباح: ضغط الحياة العصرية للأسرة التونسية وصعوبة التوفيق بين الرزنامة المدرسية في بعض الأحيان الكثيرة وتوقيت عمل الأولياء جعل من المحاضن المدرسية الصيغة الأمثل التي يلجأ إليها الأولياء للتعويل على من يعتني بالطفل خارج أوقات الدراسة. انتشرت إذن هذه المحاضن المدرسية هنا وهناك وخاصة قرب المدارس في صيغة يبدو أنها لم تناسب جميع الأطراف، فالتلاميذ يشكون ويتذمرون من طول الفترة التي يقضونها داخل هذه المؤسسات من خلال الالقاء بهم مبكرا منذ الثامنة صباحا وهو ما يتسبب في المزيد من المتاعب النفسية والبدنية من جراء النهوض في ساعة مبكرة من اليوم. أما الأولياء فهم أمام وضعية مهنية تجبرهم على وضع أبنائهم بالمحاضن المدرسية وهو جانب من التضحية التي يجبر عليها الأولياء لأسباب مهنية لأنهم مجبرون على ذلك في عصر أصبح الزوج والزوجة يشتغلان معا ولا وجود لمن يعتني بالأطفال في غيابهم عن المنزل وبالتالي يكون الحل الأنسب هو اللجوء للمحاضن المدرسية كفضاء يحتضن أبنائهم حماية لهم من انعكاسات الشارع قبل الالتحاق بالمدرسة. أي دور للمحاضن المدرسية؟ يمضي الطفل إذا مرغما أوقاتا طويلة بين جدران المحاضن المدرسية منكبا على إعداد التمارين والواجبات التي لا تنتهي وكان الدور الوحيد لهذه المحاضن هو مساعدة الطفل على إعداد واجباته وفي ذلك تغافل عن أدوار كثيرة يمكن أن تلعبها هذه المؤسسات التي وصل بالبعض من التلاميذ الى تشبيهها بالمقر العقابي لأنها تحد من حريته وحقه في التمتع بنصيب من الراحة من خلال النهوض المبكر وما ينجر عنه من أتعاب يكون لها انعكاس سلبي على الحالة النفسية للتلميذ الذي يغذي فيه جانب الكراهية للدراسة ونفوره منها... وهي عناصر تتجمع وتتراكم من سنة الى أخرى الى أن يجد التلميذ نفسه ضحية هذا الوضع وينعكس هذا الوضع على ارتفاع نسبة الفشل المدرسي التي تتفاقم من سنة الى أخرى وهو ما أقرت به سلطة الاشراف على مستوى وزارة التربية والتكوين فقد ناهز العدد 150 ألف تلميذ في السنة الفارطة وهم رقم مفزع حقا في وجود منظومة تكوين مهني متكاملة ومتطورة توفرت فرص أفضل لهؤلاء المطرودين لتمكينهم من فرص للتكوين والاعداد للحياة المهنية. فمدرسة الغد تقتضي اليوم تطوير دور المحاضن المدرسية لتوسع من مجال نشاطها التقليدي المعروف الى فضاءات للترفيه والتثقيف ببرامج تنشيطية تتلاءم وطلبات التلميذ وتشبع غرائزه حتى يزداد مكوثه بتلك المحاضن المدرسية أكثر تعلقا وتفاعلا مع برامجها. ماذا عن البنية التحتية لبعض المحاضن؟ الجانب النفسي والاجتماعي ليس وحده الغائب فحتى البنية التحتية لبعض المحاضن تبقى محل تساؤل وهو ما تقر به سلطة الاشراف على لسان السيدة نورة حجام رئيسة مصلحة المحاضن المدرسية بوزارة الأسرة والطفولة مؤكدة على الحالة المزرية التي عليها بعض المحاضن المدرسية من خلال تواجدها في شكل بنايات عشوائية وفوضوية ولا تسمح أن تكون مؤسسات تحتضن أطفالا مهما كان سنهم، فالحالة التي عليها عدد من المحاضن المدرسية المتموقعة في عدد من الأحياء الشعبية بإقليم تونس وغيرها من مناطق الجمهورية وهو شيء معلوم وملاحظ بالعين المجردة ولا يحتاج الى بحث كبير للكشف عنه وابرازه... حالتها المعمارية لا تتماشى والدور الذي بعثت من أجله فهو تربوي بالأساس بما يتطلب أن تتوفر فيه جميع الشروط القانونية لكن الواقع غير ذلك لعدد من المحاضن المدرسية التي تقل بنايات عشوائية وفوضوية تفتقر للعديد من الشروط الصحية من خلال الرطوبة التي تبرز بالجدران والمظهر الخارجي للبناية، ولئن عبر عدد من الأولياء الذين أودعوا أبنائهم بمثل هذه المحاضن المدرسية عن عدم رضاهم على الحالة التي عليها فقد فسروا تعاملهم معها اجبارا واكراها لأنهم غير قادرين على حمل أبنائهم الى محاضن أخرى بسبب بعد المسافة وضغط الوقت خاصة في الفترة الصباحية وارتباطهم دائما بأن تكون المحضنة المدرسية التي يودعون بها أبنائهم قريبة من المؤسسة التربوية التي يزاولون بها تعليمهم العادي مدرسة ابتدائية كانت أو إعدادية. لا بدّ من إتخاذ الاجراءات اللازمة وأمام هذا المشهد المزري لعدد لا بأس به من المحاضن المدرسية فالوضع يقتضي التدخل العاجل لمعاينة الحالة وأخذ الاجراءات اللازمة استنادا الى القانون والكف عن بعض الاجتهادات التي يأتيها بعض المسؤولين لأسباب انسانية حسب إدعائهم لأنه في غلق لبعض المحاضن انعكاس اجتماعي... وهذا السبب لا يبرر ضرورة تفعيل جانب التفقد والمراقبة... على اعتبار أن مدرسة الغد التي أقرتها المنظومة التربوية أتت لمقاومة مثل هذه المظاهر وغيرها تفاعلا مع المرحلة القادمة للمدرسة التونسية المتفتحة على خصوصيات العصر العلمية والتكنولوجية... والمتجذرة في محيطها وهويتها العربية الاسلامية. بقيت الاشارة الى أن الحالة التي عليها بعض المحاضن المدرسية بتواجد جملة من الاخلالات تنسحب نفسها على عدد من رياض الأطفال التي تشكو من عدة نقائص تشمل البنايات غير اللائقة، فضلا عن الجانب البيداغوجي المتعلق بمدى كفاءة الاطار التربوي والاعتماد على أشخاص حتى لا نقول أكثر لا تتوفر فيهم الكفاءة العلمية اللازمة لرعاية الأطفال وتزويدهم بالجانب المعرفي المطلوب.