"فتح باب الحوار حول الفكر السلفي جزء من معركة التنوير وأحد أسس الثورة الثقافية " - اعتبر الباحث في اللغة والآداب والحضارة العربية الاسلامية والمختص في "الظاهرة السلفية" الاستاذ سامي ابراهم أن"فتح باب الحوار حول مسألة النقاب اليوم جزء من معركة التنوير وأحد أسس الثورة الثقافية، كما أن الادعاء بأن كشف المرأة وجهها عورة يمس من مطلب أساسي في الثورة وهو الكرامة..لان النقاب اساءة للاسلام اصلا.. ولا بد من التواصل مباشرة مع النصوص دون وسائط.. بعيدا عن كل اشكال التوظيف السياسي يمينا ويسارا.. وبعيدا عن كل انواع "التطرف الديني والتطرف العلماني".. وبين الاستاذ سامي ابراهم وعدد من الجامعيين والخبراء في الشؤون الاسلامية والحضارية أنه:"لا وجود لأي تنصيص على النقاب في النص القرآني" بل ان بعض الايات القرانية التي اوحت بذلك لها اسباب نزول خاصة.. والاوامر التي وردت بها كانت تهم اساسا امهات المؤمنين زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام.. كما استدل بمنع النقاب أثناء مناسك الحج واشتراط تعرية الوجه."وهذا لا يعني جوازه في غير ذلك." واعتبرالاستاذ سامي ابراهم وعدد من الجامعيين خلال ندوة حوار نظمها امس نادي الصحافة في منتدى ابن رشد المغاربي ومركز الاسلام والديمقراطية أن النقاب يعد" اساءة للاسلام واساءة لصورة المرأة في الاسلام": السلفيون الجدد اليوم وشمل الحوار في ندوة امس الجدل حول ارتداء النقاب اليوم.. والضجة التي حفت بموضوع ارتداء عدد من الطالبات له. واعتبرت عدة متدخلات من بين الطالبات والنساء الحقوقيات ان الملف يفتح اليوم ضمن جدل يشمل صراعات سياسية وحزبية وخلافات حول النظرة لحرية اللباس والمعتقد. ودعا عدد من المختصين في الدراسات الاسلامية الى ضرورة " عدم تهويل ظاهرة النقاب والمنقبات " والعمل على الحوار مع المقتنعات به وتجنب خيار حسم الخلاف حوله عبر المواجهة الامنية " حتى لا يكون رد الفعل عكسيا". وطالب متدخلون اخرون في النقاش لضرورة ان"لا يكون ملف النقاب فوق القانون المنظم للحياة العامة وان لا يتعارض مع قيم التمشي الحداثي والتقدمي". واقر الدكتور رضوان المصمودي رئيس جمعية مركز دراسة الاسلام والديمقراطية ان"موضوع النقاب يطرح نفسه بحدة في واقعنا رغم ضرورة عدم تهويله حرصا على انجاح عملية الانتقال الديمقراطي". واعتبر المصمودي" أن كل التاويلات للاسلام ليست متطابقة مع الديمقراطية.. فكثير من التاويلات العقلانية والسياسية المعاصرة للاسلام تكرس رهانا مبدئيا على الديمقراطية وانه لا تعارض بين الاسلام والتعددية الفكرية والسياسية".. في المقابل فان بعض مقولات الجماعات السلفية المتشددة تتناقض مع الديمقراطية من بينها" التيار الفكري الوهابي أو الطالباني او الخمينية التي يستحيل أن يلتقي مع الديمقراطية وان يكو ن دوره ايجابيا في مرحلة الانتقال الديمقراطي التي تمر بها تونس.. وهذا يستدعى دون شك وضع هذه المسائل على طاولة النقاش بهدوء وصراحة في نفس الوقت". الحرية هي الاصل وذكر عدد من المتدخلين بكون الاحكام الشرعية في الاسلام لا تستنتج مباشرة من اية قرانية او حديث نبوي ولكن من مجموعة من مصادر التشريع ومن بينها مقاصد التشريع. واكدت المداخلات على" ضرورة الحوار وعلى دعم القراءات والتاويلات التنويرية للاسلام والتي تؤمن ان الحرية هي الأصل.. وان المقصد الاول للتشريع جلب المصلحة ودرء المفاسد.. فالناس أحرار في ما يأكلون وما يلبسون والتقييد القانون هو الاستثناء والذي يبقى مرتبطا بالضوابط وأشكالها.." واعتبر عدد من الاساتذة الجامعيين ان:" الكثير من الحقوق تتعطل بسبب النقاب من بينها الدراسة.." أما عما تعرفه الجامعة من صراعات تدور حول مسألة النقاب اكتفى سامي براهمي بالقول:"أرى فيما يحصل في الجامعة رغبة في اثبات هوية سياسية يمينا كانت أو يسارا." ودعا كل الاطراف الى الحوار وتجنب المواقف المتطرفة يمينا وشمالا. الفصل في الموقف الشرعي من النقاب.. وحول موقف العلماء الاسلاميين المختصين في الشريعة من النقاب أوضح الاستاذ سامي براهمي أنهم لا يعتبرونه فرضا"ووجه المرأة ليس عورة". واشار بعض المتدخلين الى ان النقاب بدعة دخلت المجتمع الاسلامي في النصف الثاني من العهد العباسي ولم تنتشر في منطقة الحجاز ( منطقة مكة والمدينة ) الا قبل عقود. وبالوقوف على الآيات التي"تعتمد لإضفاء الشرعية على طرح الداعين للنقاب وهم أقلية،" توقف الاستاذ سامي ابراهم عند سورة الأحزاب التي نزلت في فترة صراعات الرسولعليه الصلاة والسلام واصحابه مع" الاحزاب" ( اي عدد هائل من الخصوم والاعداء في الداخل والخارج اي في مكة والمدينة وحولهما).. ونزلت في مرحلة بناء الدولة الاسلامية وظهور قوة سياسية مناوئة للرسول واصحابه: قوة "المنافقين" الذين كانت لهم رسالة سياسية تستهدف تشويه بيت النبوة عبر اشاعات تهم زوجات الرسول من خلال" حادثة الافك " وغيرها.. وفي اعتماد منطوق الآية نجد أنها تنزلت للتصدي لما كان يسعى له"المنافقون" (كقوة سياسية) من جانب واعادة البناء التربوي للمسلمين الذين كان لهم نوع من التحرر الى جانب اعادة تنظيم السلوك الاجتماعي في تجربة سياسية حديثة للدولة." في الآية الثانية التي نزلت فتعلقت ب"الستر" وورد فيها لفظ "العورة" الذي يعني لغة الاخفاء. وقال الباحث سامي ابراهم ان تلك الاية ارتبطت بتنظيم التعامل مع عائلة النبي وبيت الرسول عليه الصلاة والسلام الذي كان مفتوحا لعموم المسلمين. وفي نفس السياق تنزلت آية "يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن". ففي وضع قضاء الحاجة كانت زوجات الرسول معرضات للتحرش فأمر أن يضعن جلبابا ليختلفن عن غيرهن علما ان هناك اختلاف حول مفهوم الجلباب تاريخيا وحاضرا. ومن قال أنه يسدل على الوجه فهو يعتمد قول ضعيف ليس له سند متين. عين على الجامعة وعين على" السلفيين " يبدو أن طرافة طرح المسألة للنقاش الفكري والعلمي المفتوح والهادئ من قبل منتدى ابن رشد ومركز الاسلام والديمقراطية فتح شهية بين عشرات المشاركين في لاثارة نقاط استفهام عديدة حول النقاب و"السلفيين" في الجامعة وفي بعض جهات البلاد بين الحقيقة والتهويل.. أغلب المتدخلات والمتدخلين في النقاش تجاوزوا البعد الفكري الثقافي الديني للملف واقتحموا المسألة من بعدها السياسي.. ومحاولة مجموعات من الاسلاميين من جهة والحداثيين واليساريين من جهة توظيف ظاهرة السلفيين والنقاب سياسيا... لكن القاسم المشترك بين جل المداخلات كان دعوة للحوار والى توسيعه وتشريك كفاءات من مختلف التيارات والجهات فيه.. حتى تعالج الظواهر الثقافية في مناخ ثقافي حواري بعيدا عن الاحتقان السياسي..