"شعار الضحك للضحك هدف عظيم وإضحاك الجماهير في حد ذاته عمل عظيم أيضا والأعظم أن يمزج الممثل بين الضحك والمواقف الإنسانية المؤثرة".. قولة مأثورة لنجيب الريحاني أحد نجوم الكوميديا الهادفة تحيل الى الكثير من المعاني النبيلة التي من شأنها أن تحفز على الابتعاد عن الطرح الساذج والإسفاف والتهريج وتدعو في الآن نفسه إلى المزج بين عنصر الدعابة وضرورة تصحيح بعض السلوكيات الاجتماعية الخاطئة أو الإشارة إلى خفايا المشهد السياسي والعمل على كشف بعض الحقائق الهامة قصد تنوير الرأي العام وإزالة بعض الغموض حرصا على تقديم الفائدة الى المتلقي والعمل على ترفيهه. وما من شك في أن العديد من الأعمال الفنية كان لها وقع كبير في هذا المجال رغم سياسة تكميم الأفواه وإقصاء النصوص الجريئة والهادفة. إلا أنه في المقابل، وفي خضم التطورات التي شهدتها بعض الأقطار العربية عقب ثوراتها المجيدة، فضلا عن تحرر المثقفين والمبدعين لاحظنا كثافة الأعمال الكوميدية الساخرة في الساحة الفنية. أعمال غالبا ما تفتقد لعنصر الكوميديا الهادفة وتدخل في باب التهريج والطرح الساذج. أما الملفت للانتباه هذه الأيام في ظل تقلص الأعمال الكوميدية الجيدة فهو تواصل نجاح صفحة "كابتن خبزة" على الموقع الاجتماعي الفايسبوك التي فاق عدد محبيها المائة ألف وتسجل إقبالا يوميا بمعدل عشرة آلاف محب جديد. هذه الصفحة تنشر الفيديوهات النقدية التي يكتب سينياروهاتها ويرسم شخصياتها "الكابتن خبزة" ويتقمص الأدوار أصدقاؤه الثمانية. كما أن نجاح هذه الصفحة الباهر جدير بالذكر لأنها تسعى الى النقد والسخرية من المشهد السياسي التونسي من خلال شخصيات مستوحاة من فريق العمل مثل "الكابتن خبزة" و"محرز القناص" إضافة إلى أن فريق العمل الذي أصر على عدم الكشف عن هوية الأشخاص- استعمل في كل الفيديوهات لغة الشعب بأسلوب فيه الكثير من الذكاء والوعي بجميع الفئات الاجتماعية التونسية الأمر الذي جعل العمل يكتسي بعدا ثقافيا توعويا خاصة وأنه يحرص يوميا على تغطية الأحداث السياسية والاجتماعية بأسلوب هزلي متفرد.