لا يختلف اثنان في أن قطاع السياحة هو القطاع الأكثر تضررا منذ اندلاع الثورة ولحد اليوم... فإضافة إلى ما لحق المستثمرين في المجال من خسائر كبيرة جراء عزوف السياح عن القدوم إلى بلادنا بعد الثورة حيث فقدت تونس بريقها كوجهة سياحية مفضلة وسجل القطاع سنة 2011 أعلى نسبة تراجع شهدها في تاريخه بلغت 33 % بالمقارنة مع ما سجله في سنة 2010، كما انخفض عدد السياح بنحو 30 % مما تسبب في فقدان 23 ألف وظيفة، فان الضغوطات مازالت تنهك المهنيين والمستثمرين في السياحة وخاصة منهم أصحاب الفنادق الذين أفلس اغلبهم وباتوا مهددين بإغلاق مشاريعهم. فبالإضافة إلى عزوف السياح عن القدوم إلى بلادنا، رافقته الاستجابة إلى المطالب الاجتماعية للعاملين في المجال رغم الظروف الصعبة والإبقاء على نفس الامتيازات من أجور ومنح ومنها حتى منحة الإنتاج، فان المستثمرين في مجال الفندقة لم يجدوا أي تفهم من السلطات المسؤولة سواء من الحكومات المتعاقبة أو من ديوان السياحة حيث زادت الضغوطات وكثرت المطلبية حتى من قبل الديوان الذي لم يراع الظروف التي يمر بها القطاع و أصبح يمارس ضغوطات غريبة على المهنيين وصلت حتى التقليص من تصنيف بعض النزل المعروفة لأسباب بدت غريبة للبعض ولا تتماشى مع ضوابط وقواعد التصنيف الموضوعة منذ سنة 2005. ففي ظل الظروف الراهنة وغياب السياح وتواصل اعتصامات العمال، كثف ديوان السياحة من عمليات التفقد للنزل والمطالبة بشروط تعجيزية إن لم تتوفر فورا فان الفندق يخضع مباشرة إلى عقوبة التخفيض في عدد نجومه... وهنا يقول بعض أصحاب هذه الفنادق ومسؤوليها انه لو كان الظرف عاديا فان الأمر يبقى معقولا بل محبذا لكن الظروف غير عادية بالمرة والفنادق لم تعد قادرة على خلاص الأجور وأصبحت تكاليف أكلة السائح أو المقيم فقط تفوق احيانا معاليم إقامته... ورغم الخسارة المسجلة اليوم، فان أصحاب الفنادق تحملوا ذلك حتى لا يخسروا وتخسر تونس حرفاء - في حالة الإغلاق ولو المؤقت للفندق- ربما لن يعودوا مرة ثانية إذا اختاروا وجهة جديدة. فعملية تصنيف المؤسسات الفندقية من قبل وزارة السياحة أمر مقبول ومحبذ من أجل تطوير القطاع ووضع حد لتقادم الوحدات الفندقية وتطوير البنية التحتية الفندقية وإعطاء التكوين والاستقبال العناية اللازمة، إلى جانب ضمان الاستجابة للشروط والمواصفات التي حددها قانون 2005 لكل فئة من الفنادق المحلية، لكن من الضروري كذلك مراعاة الظروف الاستثنائية والوضع الراهن للقطاع وللبلاد. وفي هذا الإطار يؤكد عدد من أصحاب الفنادق أن التخفيض في عدد النجوم من اجل كرسي من البلاستيك أو غير ذلك يكلفهم الكثير، من ذلك فقدان ثقة الحريف في الفندق الذي حجز فيه مثلا على أساس انه مصنف 4 نجوم ليجده عند إقامته من صنف 3 نجوم فقط...كما أن الحريف يطالب في هذه الحالة بالتعويض الذي يمكن أن يفوق ما دفعه للإقامة... كما أن جل الفنادق تربطها عقود متوسطة وطويلة المدى مع وكالات الأسفار الدولية على أساس التصنيف والخدمات المقدمة، وإعادة التصنيف يبطل هذه العقود ويلزم الفنادق بدفع تعويضات... هذه الصعوبات والخسائر المتراكمة، الأكيد أن هناك من ينتظرها ومن يبشر بها - خاصة من بين المستثمرين الأجانب- فالمستثمر الاجنبي ينتظر انخفاض قيمة المشروع الى الحد الادنى لينقض عليه ويقتنيه بنصف سعره الحقيقي أو اقل.. وهنا تكون الطامة الكبرى... هذه الإجراءات وآثارها لن تقدر السياحة التونسية على تحملها في الظروف العادية فما بالك في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها القطاع والتي تستوجب المساعدة والتفهم لا العقوبة والتضييق. وان كان تراجع إقبال السياح خاصة منهم الأوروبيين على بلادنا بعد وقوع أعمال عنف بسيطة وكثرة الاعتصامات والمطالب الاجتماعية هو ضريبة الثورة والمرور إلى الديمقراطية وهوأمر مفهوم، فانه من الضروري تكاثف جهود جميع الأطراف المتداخلة في القطاع من اجل الإنقاذ ودخول الموسم السياحي الجديد بأكثر ثقة وأكثر طمأنينة واسترجاع ثقة السائح في بلادنا وبالتالي إنعاش الاقتصاد وإنعاش الوضع المادي للمهنيين الذين يعيشون اليوم حالة اختناق لا يجب ان تزيدها بعض الإجراءات والتعقيدات الإدارية اختناقا.