حذّر الخبيران الإقتصاديان معز الجودي وعز الدين سعيدان من تداعيات الأزمة المالية لمنطقة «الأورو» على الإقتصاد الوطني خلال الملتقى الدولى بعنوان» أزمة الديون السيادية في أروربا وتداعياتها على الإقتصاد التونسي» بمشاركة خبراء ومختصين في الإقتصاد من تونسوفرنسا. وقال معز الجودي أن الوضع الإقتصادي الحالي « غير مستقر « وفقا للأرقام والإحصائيات الرسمية وبات ينذر بالخطر بعد تراجع نسبة النمو في بلادنا التى قدرت ب 1- % في بلادنا مقارنة بالعشرية الأخيرة التي بلغت فيها النسبة 4.5% . وأعرب الخبير الإقتصادي عن خشيته من تداعيات أزمة الديون السيادية التى تعصف بمنطقة الأورو على الإقتصاد الوطني باعتبار ارتباط المبادلات التجارية التونسية بالسوق الأوروبية ومدى انعكاساتها على المدى المتوسط والبعيد. كما ذكر بأن التجاذبات السياسية التى تشهدها بلادنا فضلا عن تعدد الإعتصامات والإضرابات أدت إلى عرقلة المؤسسات الصغرى والمتوسطة عن ممارسة نشاطها، وهو ما أدى إلى نقص في الإنتاج والإنتاجية وتراجع الإستثمار وتفاقم البطالة وارتفاع عدد العاطلين إلى 800 ألف مع امكانية تزايد هذا الرقم مع نهاية العام الحالي إلى قرابة مليون عاطل عن العمل. واستند معز الجودي في حديثه إلى الأزمة المالية التى تعيشها اليونان بسبب السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة فيها والتى اعتمدت حلولا غير مجدية لمواجهة ظاهرة البطالة، حيث أثقلت كاهل الميزانية العامة للدولة بتركيزها على خلق مواطن شغل نتج عنه تضرر هذا القطاع بعد تزايد النفقات العمومية. فتح أسواق جديدة وبخصوص انعكاسات الأزمة الأوروبية على الإقتصاد الوطني أشار إلى أن تأثيراتها ستكون على المدى البعيد خاصة وأن مبادلاتنا التجارية بين تونس و أوروبا تصل الى 80 بالمائة من الحجم الجملي للمبادلات، وطالب بعدم التركيز على المبادلات التجارية مع الإتحاد الأوروبي الذي يشهد أزمة بصفة كلية والإنفتاح على الدول التى تمثل قوة اقتصادية جديدة على غرارالبرازيل، والصين، وتركيا فضلا عن دول المغرب العربي وعدم التغافل عن السوق الإفريقية التى يمكن أن تستوعب المنتوجات التونسية على غرار المغرب الشقيق التي توجهت إلى السوق الإفريقية وفتحت سوقا تصديرية لمنتوجاتها. وفيما يتعلق بسياسة التقشف في النفقات العمومية أبرز أنها من بين الحلول التى يمكن اللجوء إليها مشيرا إلى ضرورة تطبيقها على جميع مكونات المجتمع التونسي دون تمييز مع الأخذ بالإعتبار الجانب السلبي لهذه السياسة التى قد تعطّل نسبة النمو وما ينعكس عنه من تراجع في الإنتاج والإستثمار وكذلك في توفير مواطن شغل جديدة . ومن بين الحلول الممكنة لمواجهة حالة الركود التى يشهدها الإقتصاد الوطني أكد الجودي أن نجاح الحكومة الحالية يقتضي المراوحة بين سياسة التقشف من جهة وإعادة تنشيط الإقتصاد باعتماد سياسة «قف..ومر» وهي سياسة أثبتت نجاعتها في فرنسا ومن بين شروطها أن تكون الحكومة فاعلة وناجعة ولديها استراتيجية اقتصادية واضحة ومنتجة. شراكة بين القطاعين العام والخاص وتساءل الخبير المالي والإقتصادي عزالدين سعيدان عن غياب برنامج اقتصادي واضح للحكومة الحالية. واعتبر أن الحكومة الحالية مطالبة بإيجاد حلول أكثر نجاعة عبر وضع منظومات منتجة والسعى إلى اعتماد مقاربات ومخططات ترتكز أساسا على تدعيم دور الدولة في القطاع الخاص وعلى التوظيف الأمثل لموارد الميزانية العامة في مشاريع منتجة وكذلك التأسيس لشراكة فاعلة بين القطاع العام والخاص لدفع الدورة الإقتصادية واعتماد الحوكمة الرشيدة في المؤسسات الاقتصادية.. كما أوضح أن الحلول الوقتية ليس لها جدوى على المدى البعيد فمعضلة التشغيل مثلا تستوجب حلولا جذرية لا مسكنات كما هو الحال مع برنامج «أمل» الذي وقع اعتماده في وقت سابق وكلف الخزينة أموالا طائلة. وأكد سعيدان أن السياسة الإقتصادية الراهنة في تونس غير فعالة بعد اقتصار الحكومة الحالية على الإهتمام بالجانب السياسي و الإجتماعي وإهمال الجانب الإقتصادي الذي يلعب دورا محوريا في تنشيط الحركية الإقتصادية للبلاد مؤكدا أن الوضع الراهن يتطلب توخي منظومة اقتصادية واجتماعية ذات جدوى ومنتجة تقوم على الإستفادة من اليد العاملة النشيطة والخبرات وتطوير الإستثمارات في كل القطاعات. كما شدّد على التوظيف المحكم للقروض والهبات المالية التى تحصلت عليها الحكومة الحالية ببعث مشاريع ناجعة والتصرف فيها بطرق تساهم في دفع حركية الإقتصاد الوطني. وفي سياق متصل اعتبر أن الحكومة مطالبة يايجاد أفضل الحلول من خلال بناء سياسة اقتصادية واجتماعية متكاملة لتحقيق التنمية الإقتصادية عبر ارساء الشراكة بين القطاع العام والخاص وإعادة الثقة للمستثمر التونسي و الأجنبي وكذلك الإنفتاح على أسواق جديدة كالسوق التركية والإفريقية.