لم تكن حركة الوطنيين الديمقراطيين ضمن مكونات جبهة 14 جانفي كما لم يشملها التحالف الأخير الذي قاده حزب العمال الشيوعي التونسي.. وأعاد عدد من المتابعين ذلك الى وجود خلاف سياسي غير معلن بين الحزبين وصراع خفي بين القيادات .. ما طبيعة هذا الخلاف؟ وما هي أسبابه؟ سعت الصباح في لقائها مع شكري بلعيد أمين عام حركة الوطنيين الديمقراطيين الى كشفها.. دون أن تنسى بيان موقف الحركة من التحالفات الأخيرة ومن التجاذبات السياسية ومن التواجد الملفت للنظر للتيار السلفي.. هناك توجه عام حزبي بعد انتخابات المجلس التأسيسي قائم على الائتلاف والانصهار والتوحد أين أنتم من هذا؟ الاستخلاص الأول الذي خرج به الجميع بعد انتخابات 23 أكتوبر تمثل في اعادة هيكلة الخارطة السياسية التونسية والخروج من التشتت والتعدد الكبيرين الى بناء كتل وجبهات أساسية تعبر عن مشاريع وبرامج سياسية وبالنسبة لحركة الوطنيين الديمقراطيين نعتبر أن وحدة أو تحالف أي مجموعة من الأحزاب الديمقراطية التقدمية عملية ايجابية تساهم في تقليص التشرذم ولذلك نحن بصدد بلورة جبهة سياسية وطنية ديمقراطية مع شركائنا الأساسيين ورفاقنا في حزب العمل الوطني الديمقراطي الذي نتقدم واياهم للوحدة التقدمية ورفاقنا في حزب الطليعة وأخواننا في حركة الشعب وهي جبهة مفتوحة على كل القوى الديمقراطية.
خلاف سياسي
ما سبب هذا التحول عن فرضية احياء جبهة 14 جانفي وما حقيقة الاشكال القائم بينكم وبين حزب العمال الشيوعي التونسي؟ في العلاقة مع الجبهة الشعبية 14 جانفي يهمني توضيح التالي: ان القائمين عليها وهم بعض مكونات جبهة 14 جانفي والتي كنا من مؤسسها سارعوا بشكل منفرد لاعادة احيائها دون فتح نقاش مع القولى السياسية سواء حركة الوطنيين الديمقراطيين أو حزب العمل أو الطليعة وحركة الشعب كما أن رفاقنا في حزب العمال الشيوعي التونسي قطعوا الحوار من جانب واحد بعد مؤتمر اتحاد الشغل في ردة فعل متشنجة وغير واقعية وغير سليمة مما أعاق مواصلة النقاشات ومنع من قيام جبهة بين كل هذه الفصائل. كما أن جوهر الخلاف سياسي يتصل بتحديد الموقف من الحزب الحاكم الجديد "حركة النهضة" وتحديد طبيعتها والموقف من الحكومة المؤقتة، حيث نرى لأنها حكومة التفاف على الثورة تكرس نفس خيارات النظام السابق الاقتصادية والاجتماعية وتكرس تبعية فاضحة لخيارات الامبريالية والريع النفطي على مستوى ساستها الخارجية في حين لم يحسم رفاقنا في حزب العمال موقفهم من طبيعة هذه الحكومة ومن طبيعة الحزب الذ يقودها. ويشمل الخلاف أيضا تصور كلينا للجبهة الواحدة حيث يرى حزب العمال الشيوعي التونسي أنها جبهة أقصى اليسار وقوة احتجاج في حين نرى أن الجبهة يجب أن تكون واسعة تشمل عموم الديمقراطيين حتى نتمكن من قلب موازين القوى في اتجاه تكريس الجمهورية الديمقرطية الاجتماعية وهذا هو جوهر الاختلاف الحقيقي. متى ستنطلق الجبهة التقديمة الوطنية فعليا في العمل السياسي وهل فكرة الانظمام الى جبهة 14 جانفي مازالت قائمة؟ انتهت جبهة 14 جانفي منذ مارس 2011 ونحن بصدد التحضير للجبهة التقدمية الوطنية ونرى أن رفاقنا في حزب العمال الشيوعي التونسي وكل فصائل اليسار لهم مكان أساسي فيها ونحن نراهن على الزمن وعلى قراءة واقعية لموازين القوى بالبلاد لعلها توحد كل التقدميين والوطنيين. ما المقاييس التي تنبني عليها تحالفاتكم وألا يعد الانضمام الى الائتلاف التقدمي الذي يظم الحزب الديمقراطي التقدمي وآفاق والحزب الجمهوري من أولويات حركة الوطنيين الديمقراطيين؟ نحن نلتقي على قاعدة البرامج والقواسم المشتركة وليس لنا موقف مسبق تجاه أي تحالف سياسي نقيم تحالفاتنا على قاعدة المهام الواقعية والمطروحة وعلى قاعدة البرامج والسياسية المقترحة وعلى قاعدة انسجام تلك البرامج مع مصالح شعبنا في هذه المرحلة التاريخية ولذلك نحن لا نقيم تحالفات أبدية ائتلاف بل نقرأ الواقع في حركته وتطوره وتبدله ونعمل على بلورة المشترك مع شركائنا السياسيين طبقا لمتطلبات المرحلة. كيف تقيمون المرحلة، وهل تعتبرون أن الثورة قد حادت عن مسارها؟ اليوم نحن في قلب المسار الثوري بل في منعرج حاسم منه حيث تقف البلاد بين التقدم نحو استكمال انجاز مهام الثورة وتحقيق مطالب الشعب في الحرية والكرامة وبناء نظام ديمقراطي مدني أو انتصار قوى الردة والثورة المضادة والعودة الى مربع الدكتاتورية والاستبداد، ولعل ما نراه اليوم من سياسيات حكومة الالتفاف التي تواصل نفس المناهج الاقتصادية والاجتماعية ونفس الخيارات السياسية في الداخل والخارج للنظام البائد مدعومة في ذلك بمناخ من الاعتداء على الحريات الفردية وضرب لعناصر المناعة في المجتمع لدليل على استقواء قوى الثورة المضادة وتمكنهم من تحقيق اختراقات هامة وهو ما يوجب وحدة كل الديمقراطيين والتقدميين من أجل دفع المسار الثوري وتفكيك مؤسسات الدكتاتورية وبناء نظام سياسي ديمقراطي، ودون هذه الوحدة لا يمكن أن تتغير موازين القوى ولا يمكن بالتالي انجاز مهام الثورة ويكون العودة الى المربع الأول.
هل يمكننا القول أن تونس تتجه نحو ديكتاتورية دينية؟
الوضع مخيف لأن حجم الردة وحجم الاعتداء على الحريات ومستوى التدخل الخارجي والخليجي تحديد في تونس على درجة من الأهمية وذلك ما يجعلنا ندعو الى المزيد من الوحدة ودفع المجتمع للدفاع عن مكتسباته وعن نمط عيشه المشترك المستهدف الآن. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرفع السلاح في وجه جيشنا الوطني في بئر علي بن خليفة من طرف مجموعة ارهابية نجد اليوم من يفتح لها المنابر ويشكل غطاء سياسي يجمعها. هل في هذا اتهام بالتقصير لحكومة "الترويكا"؟ هناك تواطئ بالصمت وبعدم تطبيق القانون تجاه هذه المجموعات التي مارس العنف ضد الاعلاميين وضد الجامعيين وضد الطلبة واعتدت علنا على راية البلاد ورمزها واعتدت على الجيش الوطني برفع السلاح في وجهه وتمارس ضغط يوميا على المواطنيين باحتلالها لما يزيد عن 500 مسجد وتسيطر على فضاءات واسعة بشكل علني وتحت أعين الجميع فهل هنالك تواطئ أكثر من هذا؟